"أبي أتعلّم" مشروع كويتي لدعم الأطفال المصابين بالسرطان هدفه تقديم الخدمة التعليمية لهم مهما كانت مرحلتهم الدراسية كي لا يتأخروا عن أقرانهم بينما يتغيبون عن المدرسة لمتابعة علاجهم
عادة ما يتراجع أداء الأطفال الكويتيين المصابين بأمراض السرطان في المدرسة، بسبب مكوثهم الطويل في المستشفى للعلاج، ما قد يؤدي إلى تأخّرٍ في مسيرتهم الدراسية، وزيادة الضغوط والأعباء النفسية عليهم. وبحسب إحصائيات رسمية، يُقدّر عدد الأطفال من مرضى السرطان بأكثر من 400، علماً أن 100 مريض يمكثون في المستشفى بشكل دائم. وعمدت جمعيّة إعانة المرضى، التي تأسّست على أيدي أطباء كويتيين في سبعينيات القرن الماضي، إلى إعانة المرضى الفقراء، من خلال تأسيس مشروع "أبي أتعلّم"، والذي يضمن استمراريّة التعليم للتلاميذ المرضى، سواء أكانوا في المستشفى أم في البيت، إلى أن يكونوا قادرين على العودة إلى مقاعد الدراسة.
تقول عضو مجلس إدارة المشروع، هدى بورسلي، لـ"العربي الجديد": "حياة الطفل المصاب بالسرطان صعبة جداً، إذ يحتاج إلى البقاء في المستشفى، والحصول على علاج مكثف لمدة أربعة أشهر، من خلال زيارات أسبوعية إلى العيادة الخارجية، ثم ينتقل إلى مرحلة العلاج التكميلي لمدة قد تمتد إلى ثلاث سنوات. خلال هذه الفترة، يسمح الأطباء للطفل بالذهاب إلى المدرسة بصفة غير منتظمة، إذ يكون عرضة للالتهابات، وقد يصاب بهبوط ضغط الدم، الأمر الذي قد يتسبب له بمشاكل أخرى".
تضيف بورسلي أنّ هذه العوامل مجتمعة تجعل الطفل عاجزاً عن متابعة تعليمه بشكل منتظم. من هنا، جاءت فكرة تأسيس "مدرسة المستشفى" لمساعدة الأطفال وتعليمهم، وذلك من خلال التنسيق بين المدرسة الحكومية الرسمية والمؤسسة الصحية. ويهدف مشروع مدرسة المستشفى التعليمي إلى توفير بيئة تعليمية آمنة ومتسامحة للأطفال، وتطويع المناهج لتتناسب مع قدراتهم، واستخدام وسائل تعليمية حديثة ومتطورة تتناسب ووضع الطفل، بعيداً عن التعليم التقليدي.
من جهته، يقول المتطوّع في المشروع، راشد الشطي، لـ"العربي الجديد": "ما زالت التجربة في بدايتها في الكويت"، لافتاً إلى أنّها موجودة في أميركا منذ نحو 95 عاماً، إضافة إلى عدد من الدول العربية، من بينها السعودية ومصر، وتهدف إلى الحدّ من الفوارق بين التلاميذ الأصحاء والمرضى. ويوضح أننا "نعلّم التلاميذ ونهيّئهم للامتحانات المدرسية، والتي عادة ما تحصل في مدارس وزارة التربية"، مضيفاً أنّ "دورنا أشبه بإعطاء دروس خصوصية للتلاميذ، والحدّ من مخاوفهم والضغوط النفسية. لكنّ في حال اعترفت وزارة التربية بنا، تتحوّل مدرسة المستشفى إلى مدرسة رسمية، وبالتالي يمكن للتلاميذ إجراء الاختبارات فيها، كما هو الحال في بعض الدول".
اقــرأ أيضاً
وفي ما يتعلّق بتعاون الجهات الحكومية، يقول الشطي إنّ "وزارة الصحّة تتعامل معنا بشكل ممتاز، وقد وفرت لنا أماكن داخل المستشفى ومراكز صحية، عدا عن الدعم القانوني". يضيف أن "البيروقراطيّة في وزارة التربية تؤخّر الاعتراف بمدرسة المستشفى كمركز تعليمي رسمي.
صحيح أن معاملة الاعتراف بهذه المدرسة وقّعت، إلا أن تغيّر طاقم الوزارة جعلنا مضطرين إلى التوقيع مرة جديدة". يضيف: "نحاول تعميم التجربة في دول مجلس التعاون الخليجي وبقية الدول العربية، وقد زرنا كلاً من السعودية والأردن. أيضاً، نطمح إلى نقل التجربة إلى قطر وعمان، وبناء شبكة موحدة تتضمن وسائل التدريس والتمويل وتبادل الخبرات وغيرها".
وتحصل المؤسّسة على التمويل من متبرّعين، من خلال جمعية صندوق إعانة المرضى، إضافة إلى هبات ومنح حكومية وتسهيلات خاصة من قبل وزارة الصحة. كذلك، يتطوّع عشرات المدرّسين الكويتيين لتعليم الأطفال المرضى من دون أي مقابل مادي. لكن الاعتراف الرسمي من وزارة التربية والتعليم يعني أن المؤسسة ستحصل على دعم مالي كامل من قبل الوزارة كجهة حكومية، إضافة إلى توظيف مدرسين أكثر تخصصاً في مجالات التربية الخاصة والتأهيل النفسي.
يقول أحمد عمر، وهو مدرّس متطوّع في المشروع: "نُحاول تدريس الأطفال المصابين بالسرطان وتطوير مستواهم التعليمي، ليلتحقوا بأقرانهم في المدارس العامة من دون أي إحساس بالنقص، ما يساهم في تعزيز ثقتهم في أنفسهم".
يضيف: "للأسف، فإن غالبية المدرسين ليسوا متخصّصين في التعامل مع الأطفال مرضى السرطان، لكنّنا التحقنا بعدد من الدورات المتخصصة لتثقيفنا وتعليمنا كيفية التعامل مع الأطفال المصابين بأمراض مزمنة، والشديدة التعقيد، على غرار السرطان".
إلى ذلك، توضح المعالجة النفسية نادية المطوع، لـ"العربي الجديد"، أن "الدعم النفسي لمرضى السرطان، خصوصاً الأطفال، هو أساس العلاج وتجاوز هذه المحنة. ومن أهم وسائل الدعم للطفل هو استمراره في الدراسة، خصوصاً أنها تشكّل الجانب الأكبر من حياة الطفل. وفي حال انقطع عنها، يفقد الثقة في نفسه". تضيف أنّ "المشاريع التعليميّة التي تهدف إلى إخراج الأطفال من حالتهم النفسية السيئة، وترفيههم ودمجهم في المجتمع من جديد، هي مشاريع عظيمة تساهم في العلاج بشكل كبير جداً أكثر مما يتصور الناس، وقد تكون أهم من العلاج الكيميائي".
تسجّل الكويت 2233 حالة إصابة جديدة بالسرطان كلّ عام، بمعدّل 120 حالة لكلّ مائة ألف نسمة، وهي نسبة مرتفعة.
اقــرأ أيضاً
عادة ما يتراجع أداء الأطفال الكويتيين المصابين بأمراض السرطان في المدرسة، بسبب مكوثهم الطويل في المستشفى للعلاج، ما قد يؤدي إلى تأخّرٍ في مسيرتهم الدراسية، وزيادة الضغوط والأعباء النفسية عليهم. وبحسب إحصائيات رسمية، يُقدّر عدد الأطفال من مرضى السرطان بأكثر من 400، علماً أن 100 مريض يمكثون في المستشفى بشكل دائم. وعمدت جمعيّة إعانة المرضى، التي تأسّست على أيدي أطباء كويتيين في سبعينيات القرن الماضي، إلى إعانة المرضى الفقراء، من خلال تأسيس مشروع "أبي أتعلّم"، والذي يضمن استمراريّة التعليم للتلاميذ المرضى، سواء أكانوا في المستشفى أم في البيت، إلى أن يكونوا قادرين على العودة إلى مقاعد الدراسة.
تقول عضو مجلس إدارة المشروع، هدى بورسلي، لـ"العربي الجديد": "حياة الطفل المصاب بالسرطان صعبة جداً، إذ يحتاج إلى البقاء في المستشفى، والحصول على علاج مكثف لمدة أربعة أشهر، من خلال زيارات أسبوعية إلى العيادة الخارجية، ثم ينتقل إلى مرحلة العلاج التكميلي لمدة قد تمتد إلى ثلاث سنوات. خلال هذه الفترة، يسمح الأطباء للطفل بالذهاب إلى المدرسة بصفة غير منتظمة، إذ يكون عرضة للالتهابات، وقد يصاب بهبوط ضغط الدم، الأمر الذي قد يتسبب له بمشاكل أخرى".
تضيف بورسلي أنّ هذه العوامل مجتمعة تجعل الطفل عاجزاً عن متابعة تعليمه بشكل منتظم. من هنا، جاءت فكرة تأسيس "مدرسة المستشفى" لمساعدة الأطفال وتعليمهم، وذلك من خلال التنسيق بين المدرسة الحكومية الرسمية والمؤسسة الصحية. ويهدف مشروع مدرسة المستشفى التعليمي إلى توفير بيئة تعليمية آمنة ومتسامحة للأطفال، وتطويع المناهج لتتناسب مع قدراتهم، واستخدام وسائل تعليمية حديثة ومتطورة تتناسب ووضع الطفل، بعيداً عن التعليم التقليدي.
من جهته، يقول المتطوّع في المشروع، راشد الشطي، لـ"العربي الجديد": "ما زالت التجربة في بدايتها في الكويت"، لافتاً إلى أنّها موجودة في أميركا منذ نحو 95 عاماً، إضافة إلى عدد من الدول العربية، من بينها السعودية ومصر، وتهدف إلى الحدّ من الفوارق بين التلاميذ الأصحاء والمرضى. ويوضح أننا "نعلّم التلاميذ ونهيّئهم للامتحانات المدرسية، والتي عادة ما تحصل في مدارس وزارة التربية"، مضيفاً أنّ "دورنا أشبه بإعطاء دروس خصوصية للتلاميذ، والحدّ من مخاوفهم والضغوط النفسية. لكنّ في حال اعترفت وزارة التربية بنا، تتحوّل مدرسة المستشفى إلى مدرسة رسمية، وبالتالي يمكن للتلاميذ إجراء الاختبارات فيها، كما هو الحال في بعض الدول".
صحيح أن معاملة الاعتراف بهذه المدرسة وقّعت، إلا أن تغيّر طاقم الوزارة جعلنا مضطرين إلى التوقيع مرة جديدة". يضيف: "نحاول تعميم التجربة في دول مجلس التعاون الخليجي وبقية الدول العربية، وقد زرنا كلاً من السعودية والأردن. أيضاً، نطمح إلى نقل التجربة إلى قطر وعمان، وبناء شبكة موحدة تتضمن وسائل التدريس والتمويل وتبادل الخبرات وغيرها".
وتحصل المؤسّسة على التمويل من متبرّعين، من خلال جمعية صندوق إعانة المرضى، إضافة إلى هبات ومنح حكومية وتسهيلات خاصة من قبل وزارة الصحة. كذلك، يتطوّع عشرات المدرّسين الكويتيين لتعليم الأطفال المرضى من دون أي مقابل مادي. لكن الاعتراف الرسمي من وزارة التربية والتعليم يعني أن المؤسسة ستحصل على دعم مالي كامل من قبل الوزارة كجهة حكومية، إضافة إلى توظيف مدرسين أكثر تخصصاً في مجالات التربية الخاصة والتأهيل النفسي.
يقول أحمد عمر، وهو مدرّس متطوّع في المشروع: "نُحاول تدريس الأطفال المصابين بالسرطان وتطوير مستواهم التعليمي، ليلتحقوا بأقرانهم في المدارس العامة من دون أي إحساس بالنقص، ما يساهم في تعزيز ثقتهم في أنفسهم".
يضيف: "للأسف، فإن غالبية المدرسين ليسوا متخصّصين في التعامل مع الأطفال مرضى السرطان، لكنّنا التحقنا بعدد من الدورات المتخصصة لتثقيفنا وتعليمنا كيفية التعامل مع الأطفال المصابين بأمراض مزمنة، والشديدة التعقيد، على غرار السرطان".
إلى ذلك، توضح المعالجة النفسية نادية المطوع، لـ"العربي الجديد"، أن "الدعم النفسي لمرضى السرطان، خصوصاً الأطفال، هو أساس العلاج وتجاوز هذه المحنة. ومن أهم وسائل الدعم للطفل هو استمراره في الدراسة، خصوصاً أنها تشكّل الجانب الأكبر من حياة الطفل. وفي حال انقطع عنها، يفقد الثقة في نفسه". تضيف أنّ "المشاريع التعليميّة التي تهدف إلى إخراج الأطفال من حالتهم النفسية السيئة، وترفيههم ودمجهم في المجتمع من جديد، هي مشاريع عظيمة تساهم في العلاج بشكل كبير جداً أكثر مما يتصور الناس، وقد تكون أهم من العلاج الكيميائي".
تسجّل الكويت 2233 حالة إصابة جديدة بالسرطان كلّ عام، بمعدّل 120 حالة لكلّ مائة ألف نسمة، وهي نسبة مرتفعة.