تعرض لاجئ شاب من أصول أفريقية لاحتجاز تعسفي في بريطانيا، وبعد الكشف عن الواقعة إعلاميا اضطرت وزارة الداخلية أن تدفع 30 ألف جنيه إسترليني (نحو 38 ألف دولار أميركي) تعويضا له، باعتباره أحد ضحايا الاتجار بالبشر الذين احتجزوا بصورة غير قانونية رغم حصوله على حق اللجوء.
كان عمر الشاب سبع سنوات تقريبا عندما تمّ تهريبه إلى المملكة المتحدة في منتصف التسعينيات، ويعتقد أنه جاء من الصومال، وعاش لفترة مع بالغين تظاهروا بأنهم عائلته، لكنّهم أساؤوا إليه جسديا وجنسياً، وفشلت محاولاته للهرب لأن الشرطة كانت تعيده مجددا إلى نفس العائلة، وهو يعاني من مشاكل في الصحة العقلية، وأدمن تعاطي المخدرات منذ مرحلة المراهقة، حسب صحيفة "ذا غارديان".
بعد محاولته الأخيرة للهرب من العائلة التي تعتدي عليه، بات بلا مأوى لفترة، قبل أن يسجن بتهمة السرقة، وعقب انتهاء مدة عقوبته، نقلته وزارة الداخلية إلى مركز "هارمندسورث" لترحيل المهاجرين، ثم ساعده محام في الطعن على قرار احتجازه، ونجح في نقله إلى ما يعرف بـ"جيش الخلاص" وهو منظمة خيرية، ولاحقا تم وضعه ضمن آلية الإحالة الوطنية (NRM) كضحية محتملة للاتجار، وأفرج عنه في إبريل/نيسان 2018.
وبموجب القانون البريطاني، لا يوجد حد زمني للاحتجاز في قضايا الهجرة، لكن يجب على وزارة الداخلية أن تثبت احتمال إبعاده أو ترحيله في وقت قريب، وبما أنّه كان لاجئاً في البلاد، وكان هناك أدلة على تعرّضه للخطر في حال ترحيله، جادل محامون بأنّ الاحتجاز كان غير قانوني لأنّ قرار الإبعاد لم يكن وشيكاً.
وحكى الشاب أنه كان صغيرا عندما تم تهريبه إلى المملكة المتحدة لدرجة أنه يعجز عن تذكر المكان الذي جاء منه. "لا أتذكر عائلتي. عشت في الصحراء مع أربعة أشخاص. اضطررت لطهي الطعام والتنظيف وخدمة الجميع. لم يعطوني طعاما كافيا أبدا. كنت أشعر بالدوار باستمرار، وكنت أتعرّض للضرب معظم الأيام. أعتقد أنهم فعلوا ذلك لاعتقادهم أنّهم أفضل مني لأنّ بشرتي كانت أغمق من لون جلدهم".
وواصل أنه عندما تم نقله إلى المملكة المتحدة أقام مع امرأة تدعى علياء، وأنها أخبرت السلطات أنها أمه. بيد أنّها على الرغم من السماح له بالذهاب إلى المدرسة، أساءت معاملته. "طلب مني أن أدعو علياء أمي. كانت تراقبني، وكان علي أن أكون حذراً بشأن ما أقوله للآخرين في المدرسة وفي كل مكان آخر أذهب إليه. نمت في غرفة على مرتبة، وتعرضت للضرب بشكل منتظم. لم أكن أراها كغرفة نوم خاصة بي لأنها كانت مكانًا للإساءة الجسدية والعقلية، ولدي ندبة في رأسي نتيجة ضربها لي".
عاش الفتى بعد هروبه في الشوارع، وتورط مع مجرمين، وتعاطى المخدرات، ومن المفارقات أن اعتقاله هو الذي أدى في النهاية إلى خلاصه من المعتدين عليه. "بعد السجن، لم أعد إلى المنزل، وكنت أعيش في بيت للشباب. كنت لا أزال أخاف. بدأت أسمع أصواتًا، وأعتقدت أن الناس كانوا يلاحقونني ويريدون قتلي".
تمّ تشخيص مشكلته الصحية باعتبارها مرض فصام خفيف، ولكن سرعان ما تم اعتقاله مرة أخرى في ديسمبر/كانون الأوّل 2017، وتم نقله إلى مركز اعتقال هارمندسورث وهدد بالترحيل إلى الصومال.
في سبتمبر/ أيلول، أبلغته وزارة الداخلية أنه قد تم الاعتراف به كضحية للاتجار، وأنّها وافقت على دفع مبلغ 30 ألف جنيه إسترليني تعويضاً عن احتجازه بصورة غير قانونية لأكثر من 100 يوم.