ربّما يمكن بدء المقال بالقول إن الهاتف إلى جانبي، وأنا أكتب عن مخاطر وجود الهاتف إلى جانبك أثناء العمل، تقول الصحافية شانا ليبوويتز. إلّا أن هذا الأسلوب لا يبدو مثيراً للاهتمام. ماذا لو بدأت المقال بالقول إنني وضعت هاتفي في مكان آخر، مثلاً داخل حقيبتي أو في غرفة أخرى في المكتب، تتابع في مجلة "سايكولوجي توداي". ربّما يكون ذلك مرعباً حقاً. في الواقع، هذه قصة مرعبة وحقيقية اختبرها مئات الناس مؤخراً. هؤلاء شاركوا في دراسة خلصت إلى أن وجود هاتفك في مكان قريب منك، حتى لو وضعته صامتاً أو لو لم يرن، يمكن أن يؤثّر على أدائك، بحسب ليبوويتز.
وهناك جزء مخيف، إذ يمكنك أن تلاحظ إلى أي مدى قد يؤدي هاتفك إلى تشتيت تركيزك. خلال الدراسة، طلب الباحثون من مئات الأشخاص العمل على مهمتين إدراكيتين مختلفتين. طلب من بعض الأشخاص ترك هواتفهم على المكتب، في حين طلب من آخرين وضع هواتفهم في جيبهم أو حقيبتهم، وأحياناً في غرفة أخرى. وفي كل الحالات، وضعت الهواتف صامتة.
وأظهرت النتائج أن أداء المشاركين في الدراسة، الذين وضعوا هواتفهم في غرفة أخرى، كان أفضل. وحتى حين طُلب من المشاركين إطفاء هواتفهم الموضوعة أمامهم، بدا أداؤهم أفضل حين كانت بعيدة عن أنظارهم.
وفي وقت لاحق، حين سأل الباحثون المشاركين إن كانت هواتفهم قد أثرت على أدائهم، أجاب معظمهم أن ذلك لم يحدث، ما يشير إلى أن هواتفنا تؤثر على سلوكنا من دون أن نكون على دراية بالأمر. ووجد الباحثون أن بعض الأشخاص كانوا أكثر تأثراً، وتحديداً أولئك الذين قالوا: "لا نستطيع متابعة يومنا بشكل عادي من دون الهاتف المحمول".
ويعتمد هذا البحث على دراسة مماثلة نشرت في عام 2015، ووجدت أن رنين هاتفك، حتى لو لم ترد عليه، يمكن أن يضر بأدائك. وبحسب نتائج الدراسة الحديثة، أشار الباحثون إلى أنه يتوجب على الأشخاص التفكير في الاحتفاظ بهواتفهم في غرفة أخرى، حتى لا يؤثر على عملهم. لكن من الأفضل التخطيط للأمر. مثلاً، تحديد المكان والمدة. ويستشهد الباحثون بدراسة أعدت في عام 2014، ولاحظت أن الناس أصبحوا قلقين بشكل متزايد حين انفصلوا بشكل غير متوقع عن هواتفهم.
وفي النتيجة، حتى إذا كنت تعتقد أنك تعمل بشكل جيد تماماً مع وجود هاتفك إلى جوارك، على الأرجح أنت لست كذلك.