ارتفاع نسبة الفقر في بريطانيا تتجلّى من خلال لجوء أعداد أكبر من الناس إلى بنوك الطعام للحصول على غذاء مجاني، بعدما أدّت مشاكل الرعاية الاجتماعية خلال الأشهر الستة الماضية إلى زيادة حادة في الطلب على المساعدات الغذائية الطارئة، لم تشهد البلاد مثلها منذ خمس سنوات، بحسب جمعية "تروسيل تراست" التي أطلقت حملة لمكافحة الفقر.
وتفيد الجمعية التي تدير ثلثي بنوك الطعام في المملكة المتحدة، بأنّها وزّعت طروداً غذائية بلغت رقماً قياسياً هو 823 ألفاً و145 بين إبريل/ نيسان وسبتمبر/ أيلول، وكانت حصّة الأطفال من بين هذه الطرود 301 ألف و653، ما يعني أنّ هناك زيادة بنسبة 23 في المائة عن الفترة ذاتها من العام الماضي. وفي النتيجة، تشهد الجمعية ارتفاعاً حاداً في الطلب على الغذاء، لأول مرة منذ تأسيس شبكتها من بنوك الطعام.
في السياق، كتبت صحيفة "ذا غارديان" أنّ سبب حاجة الأشخاص إلى الغذاء الطارئ يرتبط بثلاثة عوامل على حد قولهم، وهي عدم كفاية المساعدات الحكومية، والتأخير في دفع هذه الاستحقاقات، والتغييرات التي طرأت على هذه المساعدات. وما زال هناك خلاف كبير حول وجود علاقة بين التغييرات التي طرأت على الرعاية الاجتماعية، وزيادة اللجوء إلى بنوك الطعام. ويرفض الوزراء إلى حد كبير الاعتراف بأدلة واضحة على أي ارتباط بين سياسات الفقر المدقع والرعاية الاجتماعية التي خفّضت عشرات المليارات من الجنيهات من الميزانية، في وقت يتّهم حزب العمال الحكومة بدفع الناس إلى الفقر.
وتقول المتحدثة الإعلامية باسم الجمعية إليانور رادفورد، لـ"العربي الجديد"، إن الجمعية أصدرت بياناً منذ فترة قصيرة دعت فيه السياسيين من جميع الأحزاب، ومع اقتراب موعد الانتخابات العامة، إلى التعهد بحماية الناس من الجوع من خلال ضمان حصول الجميع على ما يكفي من المال لشراء أساسيات الحياة. ويشير تقرير أصدرته أخيراً إلى وجود تغييرات في الرعاية الاجتماعية، مثل المساعدات الحكومية التي باتت جميعها تحت مظلّة واحدة تعرف باسم "الائتمان العام" (يونيفرسال كريديت)، وضريبة غرفة النوم (تُحسم 14% من إعانة الإسكان التي تتلقاها الأسرة بالإسكان الاجتماعي إذا وجدت لديها غرفة نوم زائدة)، ما أدى إلى زيادة اللجوء إلى بنوك الغذاء. وأظهر التقرير أن أسرة من كل 50 أسرة في بريطانيا اضطرت للجوء إلى بنك طعام خلال العام الجاري، وقدمت "تروسيل تراست" ما لا يقل عن ثلاثة ملايين طرد غذائي.
وتأتي هذه الإحصاءات قبل الانتخابات العامة لإبراز قضية الجوع. وتقول المديرة التنفيذية لـ"تروسيل تراست" إيما ريفي إنّ المزيد من الناس تجبر أكثر من أي وقت مضى على اللجوء إلى بنوك الطعام. ومن المفترض أن يحمي نظام المنافع لدينا الجميع من الانجراف إلى الفقر، لكن في الوقت الحالي لا يحصل آلاف الأطفال والنساء والرجال على الحماية الكافية من العوز. تضيف: "نعلم أن هذا الموقف يمكن إصلاحه، ويمكن أن يكون نظام المساعدات لدينا المفتاح لإبعاد الناس عن الفقر. في هذه الانتخابات العامة، يجب على كل الأحزاب السياسية التعهد بحماية الناس من الجوع من خلال ضمان حصول الجميع على ما يكفي من المال لتأمين الأساسيات. نريد أن تبدأ حكومتنا المقبلة بالعمل من أجل مستقبل لا يحتاج فيه أحد إلى بنك للأغذية".