أصدرت الأمم المتحدة تقريراً يسلط الضوء على المخاطر التي يواجهها الأطفال في ظل انتشار وباء كورونا الجديد، وتبعات العزل المنزلي في أغلب دول العالم، وبمناسبة إصدار التقرير وجه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، رسالة يؤكد فيها على عدد من النقاط الواردة في التقرير، في عدد من المجالات كالتعليم والغذاء والسلامة والصحة.
ويلفت التقرير الانتباه إلى أن قرابة 1.5 مليار طفل حول العالم، لا يداومون حالياً في مدارسهم بسبب العزل المنزلي، الذي تعمل به حوالي 188 دولة، وعلى الرغم من اعتماد بعض الدول على خطط للتدريس عن بعد، إلا أن ذلك غير متاح للجميع، وخاصة في البلدان التي تشهد خدمات إنترنت بطيئة وباهظة التكلفة، مما يحرم الملايين من فرص التعليم تحت الظروف الحالية.
ويقدر التقرير أن هناك قرابة 310 ملايين طالب مدرسي حول العالم يعتمدون على الوجبات الغذائية التي توفرها المدارس، كمصدر أساسي وصحي للتغذية اليومية. ويشير إلى أن العالم كان يواجه، قبل تفشي فيروس كورونا الجديد، معدلات غير مقبولة من مستويات سوء التغذية ونقص التغذية لدى الأطفال، لكن الوضع يزداد تعقيداً الآن.
وفيما يخص سلامة الأطفال، وخاصة في ظل العزل المنزلي، يشير التقرير إلى عدد من المخاطر، بعضها اقتصادية بسبب فقدان أحد الوالدين أو كليهما للعمل، كما يلفت الانتباه لقضايا العنف الأسري، الذي من الممكن أن يقع الأطفال ضحايا له أو أن يكونوا شهوداً عليه.
وشدد غوتيريس من جهته على ضرورة أن تكون هناك آلية للإنذار المبكر لمجابهة تلك المخاطر، وحذر من خطر انقطاع الفتيات عن التعليم والزواج أو الحمل المبكر بين المراهقات، كما حذر من إغفال المخاطر المتزايدة التي يواجهها الأطفال حيث يقضون ساعات طويلة على الانترنت، دون مراقبة مما قد يعرضهم للاستغلال الجنسي والإغواء وتبادل الصور الإباحية مع الأصدقاء وغيرها، ناهيك عن إمكانية تعرضهم لمحتوى عنيف وضار، كما قد يتعرضون لخطر التنمر على وسائل التواصل الاجتماعي، وذكر بالمسؤولية التي تقع على عاتق الحكومات وشركات وسائل التواصل الاجتماعي.
ويحذر التقرير كذلك من التبعات على الوضع الصحي، ويتوقع أن تضطر الأسر الفقيرة إلى تقليص نفقاتها الصحية والغذائية الأساسية بسبب انخفاض دخلها، ويشير أن ذلك يؤثر سلباً على الأطفال كما النساء عموماً، والحوامل والمرضعات خاصة.
وأشار إلى اضطرار الأمم المتحدة إلى تعليق عملها في عدد من المجالات، بما فيها حملات التلقيح ضد شلل الأطفال والحصبة، في ما لا يقل عن ثلاثة وعشرين بلداً، وحذر من خطر تحمل شبكات الخدمات الصحية أعباء تفوق طاقتها بسبب انتشار الفيروس، مما سيؤثر سلباً على فرص المرضى العاديين من الأطفال بالحصول على الرعاية الصحية اللازمة.
ويشير التقرير إلى إمكانية حدوث زيادة في حالات الوفيات بين الأطفال، لعدد من الأسباب أهمها الأوضاع الاقتصادية، تتراوح بين 180 إلى 300 ألف طفل، مما يهدد ويتوقع أن يقوض التقدم الذي أحرز خلال السنوات الثلاث الأخيرة للحد من الوفيات بين الرضع حول العالم.
كما توقع التقرير أن يؤدي الكساد الاقتصادي إلى وقوع ما بين 42 إلى 66 مليون طفل في فقر مدقع نتيجة للأزمة هذا العام، وهذا إضافة إلى وجود حوالي 386 مليون طفل حول العالم يعيشون في فقر مدقع، بحسب احصائيات الأمم المتحدة للعام الماضي.
ويقدم التقرير عدداً من التوصيات للحكومات والمسؤولين، في الدول، بما فيها التحرك الآن من أجل التصدي للتهديدات التي تواجه الأطفال، ويلفت الانتباه إلى أن جائحة فيروس كورونا الجديد، التي بدأت كحالة طوارئ في مجال الصحة، قد تتحول إلى اختبار هائل على مدى قدرة العالم حماية الجميع.
ويحث التقرير الدول بأن تعطي أولوية لتعليم جميع الأطفال، كما يوصي بتقديمها للمساعدات الإنسانية، بما فيها تحويلات نقدية مباشرة للعائلات ذات الدخل المحدود والمنخفض، والعمل على استمرار تقديم الخدمات الاجتماعية وخدمات الرعاية الصحية للأطفال قدر الإمكان، كما شدد على ضرورة أن تُعطى الفئات الأكثر ضعفاً الأولوية، وخاصة الأطفال في مناطق النزاع، واللاجئين والمشردين وذوي الاحتياجات الخاصة.