"كنتُ في الثانية عشرة من عمري حين حاولت الانتحار للمرة الأولى. لم أشعر يوماً بأن لديّ مكاناً في هذا العالم. في إحدى المرات، وجد زملائي فوطاً صحيّة في حقيبتي ورموها في باحة المدرسة. في الثامنة عشرة من عمري، انتقلت إلى نيويورك، لكنني ما زلتُ أشعر بالوحدة. أصبحَت هذه الوحدة مثل شخص يجلس إلى جانبي. وتعلّمت أن أحب ذلك".
ربما لم تخبر أحداً قصتها هذه إلى أن نشرتها على صفحة "بشر من نيويورك". على هذه الصفحة، بشرٌ يحبّون ويفرحون ويحزنون ويتألمون. نكادُ نظن أن هذه البلاد لا تتألم، والناس فيها أكثر حظاً منّا. كأن أميركا أو السويد أو ألمانيا تعيشُ في كتاب، وتتبع تعليمات السعادة فيه حرفياً.
أنْ ترتدي صبية ثوباً جديداً ولا يثني عليها أحد لهو ألم. أن يسرق أحدهم حلوى زميله، ويعجز الأخير عن الدفاع عن نفسه، لهو ألم. أن يتأخر والد الطفل في اصطحابه من المدرسة، حتى ليظن أنه لن يأتي أبداً، لهو ألم. أن يصادف أن تتذكر عدد المرات التي بكيت فيها، لهو ألم. أن تتمنى أن تجلس في حضن أحدهم، لهو ألم. وأن تغضبي في موعدك كل شهر، وترغبين في البكاء من دون أن يتذكر أنك دخلتِ في متلازمة ما قبل الحيض، لهو ألم. خلال هذه الأيام، ستأكلين كثيراً، ولن يفوت أحد أن يعلّق على الأمر. وهذا ألمٌ أيضاً.
بعض هذه المشاعر تحوّلت إلى ذكريات. نكبر قليلاً فتحضر على شكل ذكريات أليمة تُراكمها الأحداث والعمر. كأنها قصور من رمال لا تذوّبها الأمواج. قصور قابلة لأن ترتفع كثيراً. هكذا نحن البشر، مجرد قصور لن ينتهي تشييدها يوماً.
الأحلام مشتركة. لن نصل بها إلى تغيير العالم. هناك خطوات كثيرة قبل ذلك. نقضي نصف عمرنا في فهم ذواتنا والنصف الآخر في إصلاحها. وإذا ما وجدنا وقتاً مستقطعاً، نذهب إلى العالم. هناك، نرتاح قليلاً من أنفسنا ونستجيب إلى مطالب كونٍ أكبر من تفاصيلنا.
لن يطول الأمر. على الصفحة يظهر بشر آخرون. تفاصيلٌ قد تبدو ثانوية في وقت مضى قبل أن تكبر وتنضج مثلنا، وتأخذ موقعها في داخلنا، وربما تفصلنا عن سعادتنا بأنفسنا.
هي تفكّر في يوم طفلتها الأول في المدرسة. هذه الصغيرة تدخل العالم من أحد أبوابه. آخرٌ تردد وخاف طويلاَ، قبل أن يسألها أن تخرج معه. انتظر حتى صار في الجامعة. الخوف نفسه منعه من مرافقة فتاة في ما مضى. أما هو فينظر إلى وجهه في المرآة، ويبحث عن شعيرات قليلة يزيلها. هذا الرجل لن يستعمل الشفرة يوماً. يؤلمه الأمر، وإن كان يضحك على نفسه أحياناً.
هل يكونون سعداء؟ أم أن السعادة مجرّد وصلةٍ بين ألم وآخر.
اقرأ أيضاً: "قصر الأحلام"
ربما لم تخبر أحداً قصتها هذه إلى أن نشرتها على صفحة "بشر من نيويورك". على هذه الصفحة، بشرٌ يحبّون ويفرحون ويحزنون ويتألمون. نكادُ نظن أن هذه البلاد لا تتألم، والناس فيها أكثر حظاً منّا. كأن أميركا أو السويد أو ألمانيا تعيشُ في كتاب، وتتبع تعليمات السعادة فيه حرفياً.
أنْ ترتدي صبية ثوباً جديداً ولا يثني عليها أحد لهو ألم. أن يسرق أحدهم حلوى زميله، ويعجز الأخير عن الدفاع عن نفسه، لهو ألم. أن يتأخر والد الطفل في اصطحابه من المدرسة، حتى ليظن أنه لن يأتي أبداً، لهو ألم. أن يصادف أن تتذكر عدد المرات التي بكيت فيها، لهو ألم. أن تتمنى أن تجلس في حضن أحدهم، لهو ألم. وأن تغضبي في موعدك كل شهر، وترغبين في البكاء من دون أن يتذكر أنك دخلتِ في متلازمة ما قبل الحيض، لهو ألم. خلال هذه الأيام، ستأكلين كثيراً، ولن يفوت أحد أن يعلّق على الأمر. وهذا ألمٌ أيضاً.
بعض هذه المشاعر تحوّلت إلى ذكريات. نكبر قليلاً فتحضر على شكل ذكريات أليمة تُراكمها الأحداث والعمر. كأنها قصور من رمال لا تذوّبها الأمواج. قصور قابلة لأن ترتفع كثيراً. هكذا نحن البشر، مجرد قصور لن ينتهي تشييدها يوماً.
الأحلام مشتركة. لن نصل بها إلى تغيير العالم. هناك خطوات كثيرة قبل ذلك. نقضي نصف عمرنا في فهم ذواتنا والنصف الآخر في إصلاحها. وإذا ما وجدنا وقتاً مستقطعاً، نذهب إلى العالم. هناك، نرتاح قليلاً من أنفسنا ونستجيب إلى مطالب كونٍ أكبر من تفاصيلنا.
لن يطول الأمر. على الصفحة يظهر بشر آخرون. تفاصيلٌ قد تبدو ثانوية في وقت مضى قبل أن تكبر وتنضج مثلنا، وتأخذ موقعها في داخلنا، وربما تفصلنا عن سعادتنا بأنفسنا.
هي تفكّر في يوم طفلتها الأول في المدرسة. هذه الصغيرة تدخل العالم من أحد أبوابه. آخرٌ تردد وخاف طويلاَ، قبل أن يسألها أن تخرج معه. انتظر حتى صار في الجامعة. الخوف نفسه منعه من مرافقة فتاة في ما مضى. أما هو فينظر إلى وجهه في المرآة، ويبحث عن شعيرات قليلة يزيلها. هذا الرجل لن يستعمل الشفرة يوماً. يؤلمه الأمر، وإن كان يضحك على نفسه أحياناً.
هل يكونون سعداء؟ أم أن السعادة مجرّد وصلةٍ بين ألم وآخر.
اقرأ أيضاً: "قصر الأحلام"