قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن بيان وفد دولة الإمارات أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الخميس الماضي، والذي أشار إلى إحرازها تقدماً كبيراً في مجال تحسين وتوسيع اللوائح المُنظمة للعمل، وحماية العمال، يخالف الحقيقة ويتجاهل الأوضاع السيئة والمهينة للعمال في الإمارات في ظل حماية حكومية ضئيلة.
وقال المرصد الحقوقي، ومقره جنيف، في بيان صحافي مساء أمس الإثنين، إنه "بالرغم من تأكيد وفد الإمارات أمام المجلس الأممي التزام دولته بحماية حقوق العمال وتمكينهم من الاستفادة الكاملة من إقامتهم في الدولة، إلا أن مؤشرات حقوق العمال والعبودية الحديثة المعروفة عالمياً تصنف الإمارات بشكل سلبي"، داعيًا السلطات إلى ضرورة تبني استراتيجية إصلاحية وسياسات فعالة لحماية حقوق العمال.
وانتقد الأورومتوسطي نظام "الكفالة" المقيد، والذي يتعرض العمال بموجبه للاستغلال والمعاملة السيئة من قبل صاحب العمل، مستنكرًا تدني أجور العمال مقابل غلاء المعيشة، وسوء أوضاع مساكن العمال.
ويمثل العمال الأجانب جزءًا كبيرًا من الطاقة العمالية في الإمارات، وتصل نسبة العمال الوافدين إلى 90 في المائة من عدد العمال في البلاد، والذين تجذبهم فرص العمل والمشاريع والأنشطة الاقتصادية والمهام الخدماتية والمنزلية.
وأوضح المرصد الحقوقي أن السلطات الإماراتية تتعامل مع العمال الأجانب بموجب نظام رعاية التأشيرات الإماراتية (الكفالة)، وفيه تكون حالة تأشيرة الموظف المغترب مرهونة بصاحب العمل (الكفيل)، ما يعني أنه لا يستطيع دخول الدولة أو مغادرتها أو التبديل بين أصحاب العمل دون إذنه، ويتسبب هذا في زيادة نسبة الاستغلال والمعاملة المسيئة التي يتعرض لها العمال، وصولاً إلى حجز جوازات سفرهم من قبل الكفيل.
وبين الأورومتوسطي أن نظام الكفالة يتسبب أيضًا بحرمان العمال من حقهم في التقدم بشكاوى ضد صاحب العمل الذي يسيء معاملتهم، إضافة إلى تعرضهم لتهديدات بالطرد والترحيل في حال أقدموا على هذه الخطوة، واعتبر أن هذا النظام يمثل "شكلًا من أشكال العبودية".
وأشار إلى أن عائلات 26 شخصًا من العاملين في مجال البناء منذ 3 إلى 4 أعوام في إمارة دبي، وهم من ولاية "راجستان" في الهند، قدموا شكوى إلى سلطات الولاية في بداية شهر أكتوبر/تشرين الأول الحالي، قالوا فيها إن أبناءهم يتعرضون للمعاملة القاسية والمهينة في شركات البناء الإماراتية التي يعملون فيها.
وأكدت العائلات أن أبناءها يعيشون على قارعة الطريق منذ أكثر من 20 يومًا دون أموال؛ بسبب خلافهم مع صاحب العمل، واعتراضهم على شروط شركة البناء التي تجبرهم على العمل لمدة 16 ساعة يوميًا، والعيش في مبانٍ متهالكة. ولفتت العائلات إلى أنهم تقدموا بشكوى إلى الشرطة المحلية والسفارة الهندية في دبي ولكن دون جدوى.
عاملات المنازل
وأوضح المرصد أن العمال في المنازل، وأغلبهم من النساء، يتعرضون إلى العديد من الانتهاكات، خاصة فيما يتعلق بساعات العمل والتي قد تصل إلى 21 ساعة يوميًا، وعدم وجود فترات راحة أو إجازات، الأمر الذي يمكن اعتباره "عملًا قسريًا"، فضلاً عن تعرض بعضهن للأذى النفسي والبدني والجنسي دون محاسبة السلطات لأصحاب عملهن، إلى جانب مواجهتهن لمشاكل يومية كتقييد إقامتهن، وعدم إعطائهن الأجور، وحرمانهن من الطعام.
ونبّه إلى أنه وفي حال تقدم العامل أو العاملة ممن يتم استغلالهم أو إساءة معاملتهم بشكوى إلى السلطات أو وكالات التوظيف، فإنهم يتعرضون غالباً لمزيد من الإيذاء، وأحياناً للسجن؛ لأن أصحاب العمل يقدمون ادعاءات كاذبة بالسرقة أو جرائم أخرى ضدهم، وفي حالات أخرى، يتم ترحيل العاملات المهاجرات لمجرد زيارة وزارة العمل أو مركز الشرطة.
وقالت الباحثة القانونية في المرصد الأورومتوسطي، ميرة بشارة، إن "أجواء الخوف والتهديد بالترحيل والمعاملة القاسية التي يتبعها النظام في الإمارات مع العمال الأجانب، إضافة إلى نظام الكفالة الذي يمثل شكلًا من أشكال العبودية، دفعت العمال للتكتم على الانتهاكات التي يتعرضون لها، وتجنب تقديم الشكاوى لجهات الاختصاص، خوفًا من العقوبات التي قد تطاولهم في حال رفعوا أصواتهم مطالبين بحقوقهم".
وطالب المرصد الحقوقي السلطات الإماراتية بضرورة العمل على إلغاء نظام الكفالة، وإعطاء العمال حريتهم في تغيير وظائفهم عند شعورهم بالاستغلال أو الإساءة، أو العودة إلى بلدانهم دون اشتراط موافقة صاحب العمل، وضرورة ضمان حصول العمال على آليات فعالة لتقديم الشكاوى ومحاسبة المسؤولين، إضافة إلى تحسين ظروف العمل والأجور ومساكن العمال.
ودعا الأورومتوسطي السلطات الإماراتية للتصديق على اتفاقية منظمة العمل الدولية لتأمين الحد الأدنى من الحماية لحقوق العمال المنزليين المهاجرين، بما في ذلك الحق في حرية تكوين الجمعيات العمالية، وضرورة التصديق على البروتوكول الجديد لاتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن العمل الجبري.
(العربي الجديد)