وتبوء محاولات الأب مقداد كثيراً بالفشل، خاصة مع عدم انضباط الفلسطينيين وقلة التزامهم بتعليمات السلامة والوقاية التي قدمتها السلطات المحلية بشكل غير إلزامي.
وتؤوي ثمانية مخيمات موزعة على محافظات القطاع نحو 1.4 مليون لاجئ يسكنون في بيوت متلاصقة ومساحات متقاربة جداً، الأمر الذي يشكل مصدر قلق للجهات الحكومية من أن تفشي فيروس كورونا في القطاع قد يكون الكارثة الأكبر في مثل هذه البيئة.
وتفتقر المخيمات الفلسطينية إلى شبكات الصرف الصحي وإمدادات المياه الأساسية من أجل النظافة الشخصية لمواجهة الفيروس، ولا يساعد اكتظاظها على تطبيق إجراءات وقائية بينها التباعد الاجتماعي.
وقال مقداد لـ"العربي الجديد"، إنّ التزاحم السكاني الكبير الذي تشهده مخيمات اللاجئين قد يشكّل ناقوس الخطر في ظل وجود الجائحة، "لكن الخطر يبقى قائماً حتى بعد كورونا في ظل التضخم السكاني الكبير في المساحة".
ومع مخاوف مقداد، برزت تحذيرات من صعوبة السيطرة على أي مرض معدٍ إذا ما انتشر في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين. ومن هذه التحذيرات، حديث للخبير في شؤون اللاجئين، عصام عدوان الذي نبه إلى أنّ مخيم الشاطئ للاجئين تبلغ مساحته كيلو مترا واحدا ويضم أكثر من مائة ألف لاجئ.
وبيّن عدوان لـ"العربي الجديد" أنّ نسبة الاحتكاك بين السكان كبيرة جداً وفرص نقلهم للعدوى أكبر، موضحاً أنّ الزقاق يصل في بعض المخيمات إلى مساحة لا تجاوز مرور شخصين في آنٍ واحد.
ويمكن أن تساهم عدة عوامل بنقل العدوى، أبرزها وضع وكالة الغوث لحاويات القمامة الكبيرة قريباً من بيوت السكان بحجة سهولة الوصول إليها، وفق عدوان، الذي لفت إلى أنّ ذلك يعود بأثر سلبي كبير على صحة اللاجئين. وأكّد الخبير في شؤون اللاجئين، أنّ مصبات مياه الصرف الصحي في البحر أزمة لازالت قائمة وتؤرق السكان الذين يقطنون في المخيمات الغربية كمخيمي الشاطئ ودير البلح، موضحاً أنّ هذه المصبات تشكل مصدر خطر داهم على حياة السكان بشكل عام واللاجئين بشكلٍ خاص لما قد تنقله من أمراض وعدوى لفيروس كورونا وغيره.
وكان مدير عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في قطاع غزة ماتياس شمالي، قد حذّر في وقت سابق، من انتشار فيروس كورونا في القطاع جراء نقص الإمكانات بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض عليه منذ 14 عاماً.
وقال شمالي إنّ إدارة الأزمة ستكون صعبة جدا والسيناريو الأسوأ هو انتشار الفيروس مع الإغلاق التام، ودعا إلى رفع الحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع منذ العام 2007، مؤكداً على ضرورة توفير أجهزة تنفس اصطناعي ومعدات طبية ووقائية. وسجّلت وزارة الصحة في غزة إصابة 61 فلسطينيا بفيروس كورونا بين صفوف العائدين عبر معبري رفح وبيت حانون منذ منتصف مارس/آذار الماضي، توفيت حالة فيما تعافى 18 مريضا وبقي 42 في مراكز الحجر الصحي الموزعة في أنحاء متفرقة في قطاع غزة.