تجاوزت نسبة الأتراك الذين لا يقرأون الكتب 50 في المائة في خلال عام 2019، الأمر الذي يدعو معنيين كثر إلى التعبير عن قلق ما
في دراسة حديثة أعدّتها جامعة "قادر هاس" التركية الخاصة حول المجتمع التركي في خلال الأعوام الأخيرة، تبيّن أنّ عدد قرّاء الكتب في تركيا في عام 2019 ارتفع عمّا كان قد سُجّل في العام الذي سبقه. لكن، على الرغم من هذا الارتفاع، إلا أنّ أكثر من نصف السكان في تركيا لا يقرأون الكتب، في حين أتى الاهتمام بالسينما من الأكبر على الصعيد الفني الثقافي مع تراجع الاهتمام بشكل كبير بالأعمال المسرحية.
شملت الدراسة، التي أشرف عليها البروفسور مصطفى آيدن في جامعة "قادر هاس" في إسطنبول، الذي يبحث في مجال التغيّرات الطارئة في تركيا منذ عام 2010 على الصعيد الشعبي وكذلك الاقتصادي والسياسي والثقافي، ألف شخص من 26 ولاية تركية في مختلف أنحاء البلاد تخطّوا الثامنة عشرة من عمرهم. وقد تناولت الدراسة في جزء منها رأي المجتمع التركي بشأن وجود السوريين في تركيا ونظرة المجتمع التركي إليهم. فتبيّن أنّ 70.9 في المائة من الأشخاص المستطلعة آراؤهم يرون أنّ السوريين لن يعودوا إلى بلادهم مجدداً، ويترافق توقّعهم هذا مع ارتفاع الشعور بعدم الارتياح للتعايش مع هؤلاء.
بالعودة إلى المطالعة، فقد سُجّلت نسبة 50.9 في المائة للذين لم يقرأوا قطّ الكتب، فيما نسبة عام 2018 كانت قد سجّلت 60.9 في المائة. ما يعني أنّ ثمّة تراجعاً لمصلحة القراءة، غير أنّ الأمر أثار تساؤلات حول ذلك الاختلاف الكبير والسريع في النسبتَين في خلال عام واحد فقط. يُذكر أنّ ذلك أتى بالتزامن مع تسجيل نسبة 38.3 في المائة للذين لم يذهبوا قطّ إلى السينما، ونسبة 73.5 في المائة للذين لم يذهبوا قطّ إلى المسرح. وأكّدت الدراسة أنّ ثمّة فئات، لا سيّما الشباب، تجد صعوبات في التعاطي مع الثقافة والفنّ باختلافهما ولا تعلم ما هي الفعاليات ذات الصلة التي تُقام في البلاد ولا متى تُنظَّم. ولفتت إلى أنّ ثمّة مؤسسات معنيّة بالثقافة والفنون على دراية بالأمر وهي تعمل من أجل حلّ الصعوبات في هذا المجال وتوفير تسهيلات من أجل تعزيز الوصول إلى الفعاليات الثقافية والفنية.
معارض الكتاب
تعقيباً على دراسة جامعة "قادر هاس"، تقول الدكتورة رنغين أوزان، عضو هيئة التدريس في قسم الاتصال بالمعهد العالي للعلوم الاجتماعية التابع لجامعة إسطنبول، لـ"العربي الجديد"، إنّه "لا يمكن ربط عدم حضور الأتراك الأعمال الفنية، خصوصاً العروض المسرحية وحصرها بالأوضاع المادية فقط، خصوصاً أنّ المسرح يعرف عصراً ذهبياً في تركيا في الوقت الحالي، لجهة جودة العروض واحترافية الفنانين المشاركين فيها، ومنهم مشاهير في مجالهم. كذلك فإنّ الشوارع والساحات مليئة بالملصقات والإعلانات التي تدعو إلى حضور العروض، بطريقة جذابة". تضيف أوزان: "أمّا في ما يتعلق بموضوع قراءة الكتب، فهو يرتبط بأكثر من بعد، لا سيّما ما يتعلق بتطوّر وسائل التواصل الاجتماعي والأجهزة الذكية التي توفّر خدمات مجانية لتصفّح الكتب". وتتابع أنّه "على الرغم من ارتفاع الأرقام، في خلال عام، فإنّ ما سُجّل يبقى أقلّ من المأمول في تركيا ودون مستوى التطوّر الذي شهده المجتمع اجتماعياً وتعليمياً في الأعوام الأخيرة، مع ازدياد عدد الجامعات الحكومية والخاصة". وتشير أوزان إلى أنّه "لا يُستهان بالزيادة البالغة 10 في المائة، وسط التحديات المختلفة. وربّما تكون نسبة الزيادة في عدد القرّاء أكبر، لذا من المفيد مسح بيانات أكثر تشمل القراءة عبر التقنيات الحديثة".
وتؤكد أوزان أنّ "هذه الزيادة في نسبة القراء يتبعها تطوّر في دور النشر التركية وفي التنافس في ما بينها. كذلك تُسجَّل مشاركة كبيرة في معارض الكتاب في عموم تركيا، ومثال على ذلك معرض إسطنبول الدولي الذي يحقّق أرقاماً كبيرة، سواء لجهة دور النشر المشاركة، أو لجهة عدد الزيارات الكبير مع تشجيع الطلاب من مختلف الفئات العمرية، أو لجهة عمليات البيع الكبيرة المسجّلة".
تضليل
وحول ما صرّح به الأشخاص المستطلعة آراؤهم حول الوجود السوري، تقول أوزان إنّه "متعلق بحملة التضليل الإعلامي والتشويه المتواصلة في هذا المجال، بالإضافة إلى فشل التواصل بين السوريين والمجتمع التركي الذي كوّن انطباعات خاطئة عن هؤلاء، علماً أنّ من يتحمّل المسؤولية هنا هم السوريون أنفسهم وكذلك الحكومة التركية". وتعبّر عن استغرابها لعدم نشر تفاصيل متعلقة بوجود السوريين الذين "باتوا جزءاً مهماً من المجتمع التركي"، مشددة على أهمية "دراسة الأسباب المتعلقة بالرفض المجتمعي على الرغم من محاولات الدمج".