تتضمن الدراسات والأبحاث والأوراق الجامعية التي بحثت في مسألة أوقات الفراغ لدى الشباب قوائم باقتراحات أنشطة تبدأ بالمطالعة وعقد جلسات نقاش لكتب ومؤلفات قديمة وحديثة، والتدرب على آلة موسيقية وتعلم مهن في طور الانقراض، وحضور دورات في فنون الرسم والنحت والتصوير، وارتياد الصحراء والأرياف بما فيها المناطق غير المأهولة ضمن فرق مدربة واستعدادات علمية، وتعلم فن الغوص لاكتشاف أعماق البحار والمحيطات، وإطلاق حملات لحماية البيئة والطيور والزواحف وغيرها من كائنات ضعيفة، وارتياد المسالك الجبلية واكتشاف الطبيعة، وركوب الخيل، والمساعدة الاجتماعية للعائلات المفقرة والمهمشة والأشخاص ذوي الإعاقة ودور العجزة، وغيرها كثير كثير من الاقتراحات التي لا تجد حتى بين طلاب الجامعة من يتنبه لها ويعمل ببعضها على الأقل.
المشكلة تبقى هي في فلسفة الفراغ التي نئن تحت وطأتها إلى الآن، ويترتب على ذلك فوضى أو عشوائية في كيفية إدارة ساعات الفراغ، ما يعني أنّ مجتمعاتنا تفتقد اكتساب مهارات إدارة الوقت والتخطيط الجيد لوضع الأهداف الممكنة لتحقيق أنشطة مجدية خلال أوقات الفراغ المقررة والمفاجئة على حد سواء. وهو ما يتطلب من مالكي نعمة وقت الفراغ، الشروع في تحديد البرامج والأولويات والأدوات التي تلزم لتنفيذ الأنشطة المراد تحقيقها، ثم الشروع في العمل على جدولة تنفيذها يومياً وأسبوعياً أو شهرياً، مع ما يفرضه ذلك من اختبار عملية التنفيذ وفحص مدى نجاحها في تحقيق المطلوب منها، إذ إنّ عملية الفحص قد تفرض تعديلات على الخطة الأصلية الموضوعة بموجب الوقائع التي ظهرت لدى التطبيق. ويؤكد الأكاديميون الذين درسوا الظاهرة أنّ المشكلة لدى كثيرين تتمثل في عمليتي التأجيل والكسل لأنّهما عدوا استغلال أوقات الفراغ بإيجابية. علماً أنّه يمكنهم في حال تراكم المهام وتعقدها وتنوعها تفويض بعض المهام لآخرين من الزملاء للحصول على وقت إضافي والاستفادة من طاقاتهم، إذ إنّ عمل المجموعات هنا لا غنى عنه وهو ضمانة النجاح، ولنجاح المشروع برمته في تنظيم أوقات الفراغ يجب ترك وقت مناسب وكافٍ للراحة حتى لا يصاب الشخص بالملل والتعب فيعود إلى سيرته الأولى في إضاعة الوقت ثانية.
المعضلة الكبرى لدى مجتمعاتنا أنّها لم تكتشف بعد أنّ الوقت ثروة من الممكن استثمارها في تحقيق المزيد من فرص التقدم على الصعد الخاصة والعامة معاً، ما يعني أنّ الجانب الاقتصادي يدخل في المعادلة التي لا نوليها كثيراً من الاهتمام، ما يتطلب وعياً ثقافياً وعلمياً بأهمية الوقت وأهمية استغلاله جيداً، فالاستفادة من الوقت هي التي تميز، على الصعيد الفردي، ما بين الناجح والفاشل في هذه الحياة، وعلى الصعيد العام، ما بين المجتمعات المتقدمة والمتخلفة. والصفة المشتركة بين كلّ الأفراد الناجحين هي القدرة على إحداث توازن بين الأهداف التي يطمحون لتحقيقها وبين الوقت الذي ينفقونه للوصول إلى غاياتهم. وهذا التوازن يأتي من خلال إدارة ذواتهم. وإدارة الذات تحتاج إلى هدف أو عدة أهداف وأسس يسير الفرد على هداها، ولن تكون هناك حاجة إلى إدارة الوقت وتنظيمه أو إدارة الذات من دون أن تكون لدى الفرد أهداف محددة يسعى لتحقيقها في حياته على المستوى القريب والمتوسط والبعيد.
اقــرأ أيضاً
تعقيد حياة الفرد والجماعات تمضي في العديد من الاتجاهات، ما يجعل الخيارات تتصّف بالتشتت والضياع، وهي الوصفة النموذجية لعدم تحقيق ما هو مثمر وغني ونافع على الصعد الشخصية والعامة. أما إذا حققت شيئاً فسيكون ذلك بنسبة ضعيفة، وذلك نتيجة تشتت تفكير الفرد حول أهداف عديدة ما يقود إلى تبديد الطاقات بين سبل واتجاهات متعددة لا يصل معها في نهاية المطاف إلى اعتماد الأكثر جدوى، وهو ما يتوقف على خياراته. إدارة أوقات الفراغ واكتساب مزيد من المتعة أقصر الطرق نحو النجاح.
*باحث وأكاديمي
المشكلة تبقى هي في فلسفة الفراغ التي نئن تحت وطأتها إلى الآن، ويترتب على ذلك فوضى أو عشوائية في كيفية إدارة ساعات الفراغ، ما يعني أنّ مجتمعاتنا تفتقد اكتساب مهارات إدارة الوقت والتخطيط الجيد لوضع الأهداف الممكنة لتحقيق أنشطة مجدية خلال أوقات الفراغ المقررة والمفاجئة على حد سواء. وهو ما يتطلب من مالكي نعمة وقت الفراغ، الشروع في تحديد البرامج والأولويات والأدوات التي تلزم لتنفيذ الأنشطة المراد تحقيقها، ثم الشروع في العمل على جدولة تنفيذها يومياً وأسبوعياً أو شهرياً، مع ما يفرضه ذلك من اختبار عملية التنفيذ وفحص مدى نجاحها في تحقيق المطلوب منها، إذ إنّ عملية الفحص قد تفرض تعديلات على الخطة الأصلية الموضوعة بموجب الوقائع التي ظهرت لدى التطبيق. ويؤكد الأكاديميون الذين درسوا الظاهرة أنّ المشكلة لدى كثيرين تتمثل في عمليتي التأجيل والكسل لأنّهما عدوا استغلال أوقات الفراغ بإيجابية. علماً أنّه يمكنهم في حال تراكم المهام وتعقدها وتنوعها تفويض بعض المهام لآخرين من الزملاء للحصول على وقت إضافي والاستفادة من طاقاتهم، إذ إنّ عمل المجموعات هنا لا غنى عنه وهو ضمانة النجاح، ولنجاح المشروع برمته في تنظيم أوقات الفراغ يجب ترك وقت مناسب وكافٍ للراحة حتى لا يصاب الشخص بالملل والتعب فيعود إلى سيرته الأولى في إضاعة الوقت ثانية.
المعضلة الكبرى لدى مجتمعاتنا أنّها لم تكتشف بعد أنّ الوقت ثروة من الممكن استثمارها في تحقيق المزيد من فرص التقدم على الصعد الخاصة والعامة معاً، ما يعني أنّ الجانب الاقتصادي يدخل في المعادلة التي لا نوليها كثيراً من الاهتمام، ما يتطلب وعياً ثقافياً وعلمياً بأهمية الوقت وأهمية استغلاله جيداً، فالاستفادة من الوقت هي التي تميز، على الصعيد الفردي، ما بين الناجح والفاشل في هذه الحياة، وعلى الصعيد العام، ما بين المجتمعات المتقدمة والمتخلفة. والصفة المشتركة بين كلّ الأفراد الناجحين هي القدرة على إحداث توازن بين الأهداف التي يطمحون لتحقيقها وبين الوقت الذي ينفقونه للوصول إلى غاياتهم. وهذا التوازن يأتي من خلال إدارة ذواتهم. وإدارة الذات تحتاج إلى هدف أو عدة أهداف وأسس يسير الفرد على هداها، ولن تكون هناك حاجة إلى إدارة الوقت وتنظيمه أو إدارة الذات من دون أن تكون لدى الفرد أهداف محددة يسعى لتحقيقها في حياته على المستوى القريب والمتوسط والبعيد.
تعقيد حياة الفرد والجماعات تمضي في العديد من الاتجاهات، ما يجعل الخيارات تتصّف بالتشتت والضياع، وهي الوصفة النموذجية لعدم تحقيق ما هو مثمر وغني ونافع على الصعد الشخصية والعامة. أما إذا حققت شيئاً فسيكون ذلك بنسبة ضعيفة، وذلك نتيجة تشتت تفكير الفرد حول أهداف عديدة ما يقود إلى تبديد الطاقات بين سبل واتجاهات متعددة لا يصل معها في نهاية المطاف إلى اعتماد الأكثر جدوى، وهو ما يتوقف على خياراته. إدارة أوقات الفراغ واكتساب مزيد من المتعة أقصر الطرق نحو النجاح.
*باحث وأكاديمي