يعاني سكان الأحياء العشوائية في موريتانيا من موجة برد تخترق الأكواخ والعرائش المبنية من الزنك والقماش، والتي تفتقر لخدمات الكهرباء، ويحصل سكانها على الماء عبر عربات تجرها الحمير.
صالح ولد عماه تحدّث لـ"العربي الجديد" في السوق، وكان يخيط مجموعة من الأقمشة القديمة ليضيفها إلى العريشة التي تحميه وأطفاله من البرد القارس. وأوضح أنه لا يعرف كيف ينام، "أشعر وأبنائي كأن أثوابنا مبللة بالماء بسبب الرطوبة والبرد، وأملنا أن يقتصر البرد على الريح البادرة وأن تصاحبه أمطار".
مع كل الصباح يضيف ولد عماه "أخرج إلى المتجر في حي سبيخة في توجنين المجاورة لنا لشراء الخبز، وأترك أطفالي يتأخرون عن الدراسة ساعة كاملة حتى ترتفع الشمس أكثر".
مريم بنت أعل تبيع الخضروات صباح كل يوم عند وقفة توجنين، أشارت إلى أن طفلها مريض بسبب البرد، وهي مصابة أيضاً بالربو، فالحي العشوائي الذي تسكنه المعروف محليا بـ"آنتين" يقع بعيداً عن مكان عملها. وأوضحت بنت أعل لـ"العربي الجديد" أنها "تسكن في منزل من الزنك، وفي أول الليل توقد النار أمام بيتها لتستدفئ بها هي وعائلتها".
وأضافت "حالنا يعلمه الله لكن ما نطلبه هو أرض نسكنها، قطعة أرضية مشرعة (مفروزة) نبحث عن طريقة نبني فيها ولو بيتاً من الطين، فبعض جيراننا يمكنهم بناء منزل لكن أرضهم غير مشرعة. فلا بد من بناء منازل بسيطة حتى إذا طردنا منها لا نخسر أموالاً كثيرة".
وتابعت بنت أعل "ليس البرد مشكلتنا الوحيدة، فالكهرباء غير موجودة ولا الطرق، وسائقو سيارات الأجرة يرفضون الدخول إلى منطقتنا لأنها غير معبدة".
وشهدت موريتانيا موجة برد شديد وانخفاض قياسي في درجات الحرارة، تزامناً مع موسم الشتاء. وكالعادة كان الفقراء في الأحياء العشوائية وفي الولايات الداخلية الأكثر تضرراً من موجة البرد الحالية.
أزمة الفقراء مع البرد القارس كانت مناسبة لبدء حملات شعبية تقدم المساعدة لهم، ونظمت عدة جمعيات خيرية أنشطة لتوزيع البطانيات والملابس على تلك الأحياء.
رئيس جمعية الأمل التنموي، محمد ولد ميلود، قال لـ "العربي الجديد" إن "الجمعية وزعت نحو 50 بطانية وبعض الملابس على الأسر الفقيرة في حي اسبيخه، إضافة إلى مساعدات غذائية جمعت من تبرعات مواطنين حتى نخفف عن الفقراء مواجهة برد الشتاء".
وشدد ولد ميلود على ضرورة "مساعدة سكان الأحياء الشعبية في الكزرات، عبر تشييد مبانٍ صالحة للسكن، والتبرع لهم"، محملا الدولة المسؤولية الكبرى في حل مشكلة الأحياء العشوائية وتوفير خدمات الماء والكهرباء لهم، إلى جانب مسؤولية المجتمع المدني في التخفيف عن هؤلاء ومساعدتهم، خاصة في مواسم معينة منها موسم الشتاء.
ويحيط بالعاصمة نواكشوط من الجنوب والشرق والشمال عشرات الأحياء العشوائية المعروفة محليا بـ"الكزرات"، ويطقنها آلاف السكان. وتقول الحكومة الموريتانية إنها نفذت برنامجاً لحل مشاكل الأحياء الشعبية خلال السنوات الماضية، غير أن أعداد هذه الأحياء تضاعفت بسبب تدفق السكان نحو العاصمة.
وبحسب تصريحات الوزير المنتدب المكلف بالميزانية في موريتانيا، محمد ولد كمب، يوم أول من أمس الخميس، اتسعت مساحة العاصمة نواكشوط بنحو 71 كيلومتراً مربعاً، مشدداً على "وجود فوضى في الملكية العقارية".
وأكد الوزير أن الدولة "لن تسمح بالامتلاك غير الشرعي للأراضي، وستضع ضوابط لحل النزاعات العقارية".