بدأ النظام السوري، بعدما هدأت الأمور عسكرياً، بالتضييق على منظمات وفرق وناشطي العمل المدني غير المرخص، والتي ولدت في المناطق التي يسيطر عليها بعد عام 2011، منفلتة من الاحتكار والهيمنة التي مارسها لعقود طويلة.
استشعر الناشطون مخاطر ما يحضّره النظام لهم في المرحلة المقبلة، خلال الأسابيع الأخيرة، بعد توارد معلومات عن إجراء الأجهزة الأمنية تحقيقات عن العاملين في المجتمع المدني، بحسب ما أفادوا "العربي الجديد". وهو ما أكدته مصادر مطلعة مقربة من النظام. ودخل الإعلام الرسمي والمقرب من النظام هذه "المعركة" وشن مؤخراً حملة ضد منظمات المجتمع المدني، في حين جرى اعتقال أحد الناشطين في اللاذقية بالرغم من وصفه بالموالي للنظام.
يبدي الناشط المدني، شريف، في حديثه إلى "العربي الجديد" تخوفه من نوايا النظام في المرحلة المقبلة: "ازدادت الضغوط على ناشطي المجتمع المدني، الذي ما زالت منظماته غير معترف بها، ويصرّ النظام على تسميته بالمجتمع المحلي أو الأهلي. بالإضافة إلى التحقيقات في شأننا، ازدادت رقابته على نشاطاتنا، إذ طلب منا عبر الأمن السياسي وأمن الدولة، أن نبلغ الأجهزة مسبقاً بالنشاطات المدنية التي نرغب في تنظيمها، للحصول على موافقة، بالرغم من أنّنا حتى فترة قريبة كنا ننظم النشاط، ثم يُمكن أن نُسأل عنه من قبل الجهات الأمنية لاحقاً". يضيف: "بالرغم من أنّ نشاطاتنا، في مجملها تندرج في أطر التوعية وتمكين المرأة والطفل والشباب، نلمس أنّ الأمن يحاربنا بشكل غير مباشر عبر بث إشاعات مسيئة بحقنا منها إشاعات أخلاقية ومنها اتهامات بالعمالة للخارج والتخوين".
اقــرأ أيضاً
من جانبه، يؤكد الناشط المدني، ثائر، في حديث إلى "العربي الجديد" بث جهات أمنية إشاعات تضر بنشاطهم المدني: "وصلت في بعض الأحيان، إلى تهديد غير مباشر، لشخصيات شاركت بنشاطات الفريق الذي أنتمي إليه، أو حتى عائلات الشبان والشابات الذين يترددون على الفعاليات، بالقول لهم إنّنا معارضة، وإنّنا تحت المجهر وإنّنا مرتبطون بالخارج ولدينا تمويلات مشبوهة، وغيرها من الاتهامات، وإنّهم سيعرّضون أنفسهم للمساءلة في حال مشاركتهم بالنشاطات". يضيف: "بالرغم من علنية عملنا، وابتعادنا عن السياسة كصراع، فإنّنا متهمون دائماً، ويشكل تردد عناصر الأجهزة الأمنية علينا ضغطاً شديداً، إذ نشعر أنّنا في خطر دائم". يلفت إلى أنّ "غالبية العاملين في المجتمع المدني، يتعرضون للتحقيق الدائم بحجة إجراء الدراسات أو التقارير عن الأنشطة، ومنا من يجري استدعاؤه إلى الأفرع الأمنية للتحقيق، وهذا في حد ذاته خطر قائم، فقد يدخل الشاب ولا يخرج. الأمر يعود إلى تقييم المحقق". يتابع: "الأزمة الأكبر تكون في حال شاركنا في ورشات عمل أو مؤتمرات خارج سورية، أو حتى خارج المحافظة، فكثير من ناشطي المجتمع المدني ممنوعون من السفر، ليس بقرار من القضاء، بل تحت حجة أنّهم مطلوبون لمراجعة فرع أمني ما، وهذا يندرج في خانة ممارسة الضغط على الناشطين. وهناك من يجبر على دفع مبالغ مالية كبيرة للحصول على إذن سفر في كلّ مرة يريد فيها مغادرة البلاد".
من جانبه، يتحدث الناشط المدني، مهند، إلى "العربي الجديد"، عن "رسائل كثيرة تصل من النظام إلينا ما بين التهديد والترغيب، تهدف إلى احتواء المجتمع المدني تحت عباءة النظام بشكل أو بآخر، كما إحياء منظماته الفاشلة، التي فشلت حتى في تقليد المجتمع المدني، ولا أعتقد أنها مستمرة إلاّ بقوة السلطة، وغالبية من فيها هم من الانتهازيين والمنتفعين، الذين يتباهون بدعمهم النظام وقواته". يتابع: "من بين الرسائل التي وصلتنا التساؤل لماذا لا نقوم بنشاطاتنا ضمن اتحاد شبيبة الثورة التابع لحزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم، أو ضمن اتحاد طلبة سورية، الذي يترأسه البعث كذلك، وتحول إلى مليشيا وفرع أمن خاص بقمع الطلاب الجامعيين... أو على أقل تقدير العمل بالشراكة معهم". يلفت إلى أنّ "لحزب البعث بأفرعه وشعبه وفرقه دوراً كبيراً في محاربة العمل المدني. باعتقادي فإنّ القائمين عليه يلمسون تراجع شعبيته من الناس خصوصاً الشباب، الذين تجدهم على سبيل المثال في النشاطات الثقافية لمنظمات المجتمع المدني أضعاف من تجدهم في المراكز الثقافية التابعة للنظام أو نشاطات الحزب، الذي يعتبر كثر من السوريين في مناطق سيطرة النظام أنّ خطابه خشبي لا يتناسب مع الواقع الذي يعيشونه، بالإضافة إلى التعنت والازدراء والفوقية، التي يتعامل بها مع الناس".
اقــرأ أيضاً
يشار إلى أنّ منظمات المجتمع المدني في سورية التي وجدت، عقب بداية الحراك الشعبي المطالب بالحرية والعدالة عام 2011، وأصرت على رفض التسلح، وعلى العمل السلمي لبناء الوعي وتغيير واقع البلاد، بقيت غير مرخصة بسبب عدم توافر قوانين ناظمة للعمل المدني. ولطالما روّج حزب البعث الحاكم خلال العقود الماضية أنّ منظمات المجتمع المدني منظمات غربية هدفها التجسس والقضاء على "المشروع الوطني المقاوم في سورية". ولا يتوافر سوى قانون خاص بالجمعيات سنّ في منتصف القرن الماضي، يتيح هيمنة الأجهزة الأمنية والحكومة عليها، وعلى عملها، والناشطين فيها.
استشعر الناشطون مخاطر ما يحضّره النظام لهم في المرحلة المقبلة، خلال الأسابيع الأخيرة، بعد توارد معلومات عن إجراء الأجهزة الأمنية تحقيقات عن العاملين في المجتمع المدني، بحسب ما أفادوا "العربي الجديد". وهو ما أكدته مصادر مطلعة مقربة من النظام. ودخل الإعلام الرسمي والمقرب من النظام هذه "المعركة" وشن مؤخراً حملة ضد منظمات المجتمع المدني، في حين جرى اعتقال أحد الناشطين في اللاذقية بالرغم من وصفه بالموالي للنظام.
يبدي الناشط المدني، شريف، في حديثه إلى "العربي الجديد" تخوفه من نوايا النظام في المرحلة المقبلة: "ازدادت الضغوط على ناشطي المجتمع المدني، الذي ما زالت منظماته غير معترف بها، ويصرّ النظام على تسميته بالمجتمع المحلي أو الأهلي. بالإضافة إلى التحقيقات في شأننا، ازدادت رقابته على نشاطاتنا، إذ طلب منا عبر الأمن السياسي وأمن الدولة، أن نبلغ الأجهزة مسبقاً بالنشاطات المدنية التي نرغب في تنظيمها، للحصول على موافقة، بالرغم من أنّنا حتى فترة قريبة كنا ننظم النشاط، ثم يُمكن أن نُسأل عنه من قبل الجهات الأمنية لاحقاً". يضيف: "بالرغم من أنّ نشاطاتنا، في مجملها تندرج في أطر التوعية وتمكين المرأة والطفل والشباب، نلمس أنّ الأمن يحاربنا بشكل غير مباشر عبر بث إشاعات مسيئة بحقنا منها إشاعات أخلاقية ومنها اتهامات بالعمالة للخارج والتخوين".
من جانبه، يؤكد الناشط المدني، ثائر، في حديث إلى "العربي الجديد" بث جهات أمنية إشاعات تضر بنشاطهم المدني: "وصلت في بعض الأحيان، إلى تهديد غير مباشر، لشخصيات شاركت بنشاطات الفريق الذي أنتمي إليه، أو حتى عائلات الشبان والشابات الذين يترددون على الفعاليات، بالقول لهم إنّنا معارضة، وإنّنا تحت المجهر وإنّنا مرتبطون بالخارج ولدينا تمويلات مشبوهة، وغيرها من الاتهامات، وإنّهم سيعرّضون أنفسهم للمساءلة في حال مشاركتهم بالنشاطات". يضيف: "بالرغم من علنية عملنا، وابتعادنا عن السياسة كصراع، فإنّنا متهمون دائماً، ويشكل تردد عناصر الأجهزة الأمنية علينا ضغطاً شديداً، إذ نشعر أنّنا في خطر دائم". يلفت إلى أنّ "غالبية العاملين في المجتمع المدني، يتعرضون للتحقيق الدائم بحجة إجراء الدراسات أو التقارير عن الأنشطة، ومنا من يجري استدعاؤه إلى الأفرع الأمنية للتحقيق، وهذا في حد ذاته خطر قائم، فقد يدخل الشاب ولا يخرج. الأمر يعود إلى تقييم المحقق". يتابع: "الأزمة الأكبر تكون في حال شاركنا في ورشات عمل أو مؤتمرات خارج سورية، أو حتى خارج المحافظة، فكثير من ناشطي المجتمع المدني ممنوعون من السفر، ليس بقرار من القضاء، بل تحت حجة أنّهم مطلوبون لمراجعة فرع أمني ما، وهذا يندرج في خانة ممارسة الضغط على الناشطين. وهناك من يجبر على دفع مبالغ مالية كبيرة للحصول على إذن سفر في كلّ مرة يريد فيها مغادرة البلاد".
من جانبه، يتحدث الناشط المدني، مهند، إلى "العربي الجديد"، عن "رسائل كثيرة تصل من النظام إلينا ما بين التهديد والترغيب، تهدف إلى احتواء المجتمع المدني تحت عباءة النظام بشكل أو بآخر، كما إحياء منظماته الفاشلة، التي فشلت حتى في تقليد المجتمع المدني، ولا أعتقد أنها مستمرة إلاّ بقوة السلطة، وغالبية من فيها هم من الانتهازيين والمنتفعين، الذين يتباهون بدعمهم النظام وقواته". يتابع: "من بين الرسائل التي وصلتنا التساؤل لماذا لا نقوم بنشاطاتنا ضمن اتحاد شبيبة الثورة التابع لحزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم، أو ضمن اتحاد طلبة سورية، الذي يترأسه البعث كذلك، وتحول إلى مليشيا وفرع أمن خاص بقمع الطلاب الجامعيين... أو على أقل تقدير العمل بالشراكة معهم". يلفت إلى أنّ "لحزب البعث بأفرعه وشعبه وفرقه دوراً كبيراً في محاربة العمل المدني. باعتقادي فإنّ القائمين عليه يلمسون تراجع شعبيته من الناس خصوصاً الشباب، الذين تجدهم على سبيل المثال في النشاطات الثقافية لمنظمات المجتمع المدني أضعاف من تجدهم في المراكز الثقافية التابعة للنظام أو نشاطات الحزب، الذي يعتبر كثر من السوريين في مناطق سيطرة النظام أنّ خطابه خشبي لا يتناسب مع الواقع الذي يعيشونه، بالإضافة إلى التعنت والازدراء والفوقية، التي يتعامل بها مع الناس".
يشار إلى أنّ منظمات المجتمع المدني في سورية التي وجدت، عقب بداية الحراك الشعبي المطالب بالحرية والعدالة عام 2011، وأصرت على رفض التسلح، وعلى العمل السلمي لبناء الوعي وتغيير واقع البلاد، بقيت غير مرخصة بسبب عدم توافر قوانين ناظمة للعمل المدني. ولطالما روّج حزب البعث الحاكم خلال العقود الماضية أنّ منظمات المجتمع المدني منظمات غربية هدفها التجسس والقضاء على "المشروع الوطني المقاوم في سورية". ولا يتوافر سوى قانون خاص بالجمعيات سنّ في منتصف القرن الماضي، يتيح هيمنة الأجهزة الأمنية والحكومة عليها، وعلى عملها، والناشطين فيها.