الخدمة في الجيش الأميركي لها كثير من المميزات والمغريات التي تدفع الشباب إلى الالتحاق بها. لكن، ماذا عن المحاربين القدامى؟ كيف يعيش هؤلاء وسط حالة إهمال يعانون منها؟
خاضت الولايات المتحدة الأميركية كثيراً من الحروب الخارجية طوال عقود. امتد ذلك من ألمانيا واليابان في الحرب العلمية الثانية إلى فيتنام فالشرق الأوسط وأفريقيا وأفغانستان.
لكن، وعلى العكس من الصورة اللامعة التي تحاول وزارة الدفاع ووزارة شؤون المحاربين القدامى ترويجها عن اعتنائها بجنودها حتى بعد إنهائهم الخدمة، فإنّ أوضاعهم ليست جيدة على الإطلاق. لا يغيب هذه الأيام موضوع هؤلاء عن أي حملة انتخابية للمتنافسين على الترشح لانتخابات الرئاسة الأميركية من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين. ولا يتعلق الأمر فقط بالجانب السياسي، بل الاجتماعي أيضاً وما فيه من مساعدات وعلاج طبي. تلك المساعدات "الموعودة" تعتبر عامل جذب لا يستهان به لكثير من الشباب أيضاً، خصوصاً ذوي الإمكانيات المادية المحدودة. فالتطوع في السلك العسكري يمكن أن يساعدهم في تحسين أوضاعهم الاقتصادية، والحصول على مساعدة للتعليم والتأمين الصحي، وغيرها من التسهيلات والإغراءات. مع العلم أنّ الخدمة العسكرية لم تعد إلزامية في الولايات المتحدة منذ عام 1973.
لكنّ الفجوة الكبيرة ما بين النظرية والواقع تفوق أي تصور، خصوصاً مع الحديث عن أحد أقوى جيوش العالم، وعن دولة يتصدر اقتصادها أقوى اقتصادات العالم. تلك الميزات غير كافية، أو يصعب الحصول عليها عند الحاجة، خصوصاً في ما يتعلق بالشؤون الصحية.
شؤون الجنود السابقين تتولاها "وزارة شؤون المحاربين القدامى". ويقدر عدد هؤلاء من الأحياء بنحو 21 مليون رجل وامرأة، بحسب الإحصاءات الرسمية. الناظر للوهلة الأولى إلى مستويات البطالة بين المحاربين القدامى لعام 2014 يجد أنها انخفضت مقارنة بعام 2013، بل هي أكثر انخفاضاً عن معدل البطالة بين الأميركيين الآخرين. فقد وصلت نسبة البطالة بين المحاربين القدامى في عام 2014 إلى نحو 5.3 في المائة، مقارنة بنحو 6 في المائة على المستوى الوطني. لكنّ النظر إلى تفاصيل الإحصاءات يكشف رقماً آخر مخيفاً، وهو عدد المحاربين القدامى غير المسجلين في مكاتب العمل، والذي يفوق عشرة ملايين. بكلمات أكثر وضوحاً، فإنّ نصف المحاربين القدامى الأحياء فقط، أي نحو 10 ملايين من أصل 21 مليون جندي سابق، مسجلون في سوق العمل. كذلك فإنّ نسبة البطالة بين المحاربين القدامى من الأميركيين الأفارقة والنساء والأقليات أعلى منها بين نظرائهم البيض.
المشاكل التي يواجهها المحاربون القدامى تفوق البطالة. لعلّ أبرزها التأمين والخدمات الصحية والاجتماعية. على الرغم من أنّ وزارة شؤون المحاربين القدامى تشرف وتقدم خدمات مختلفة في هذا المجال في أكثر من 1700 مستشفى ومستوصف ومركز اجتماعي، إلا أنّ البيروقراطية والإهمال، ناهيك عن النقص في الميزانيات المخصصة، تؤدي كما يبدو إلى نتائج كارثية أحياناً. قبل أكثر من عام، سرب عامل في مستشفى يقدم خدماته للمحاربين القدامى، معلومة عن وفاة 40 شخصاً خلال فترة انتظارهم العلاج. وهو وقت قد يمتد لأشهر. أدى التسريب إلى استقالة الوزير المعني يومها. كذلك كشفت الفضيحة أنّ بعض المكاتب كانت تتلاعب وتدرب على التلاعب بالإحصاءات، خصوصاً أنّ من المفترض ألا تطول مدة انتظار المحارب السابق عندما يتوجه إلى أحد تلك المراكز، ثلاثين يوماً. خلال هذه الفترة، يحصل على موعد مع الطبيب أو المختص. ومن المفترض أن يظهر هذا في النظام الإلكتروني، لكنّ بعض فروع الوزارة أو المستشفيات التابعة لها كانت تسجل مقدم الطلب في دفاتر خارجية كي لا تفضح تأخيرها له، بل دربت بعض الموظفين على التزوير أيضاً. وقد أكدت أيضاً تقارير صحافية أنّ الوزارة وزعت نحو 140 مليون دولار أميركي كمكافآت لموظفين على حسن الإدارة، بينما كانت المكاتب المختصة في الحكومة والكونغرس الأميركي تحقق في عمليات الغش وسوء الإدارة في ذلك العام.
يضاف إلى كلّ هذا أنّ الجهات الرسمية الأميركية ترفض، منذ سنوات، الاعتراف بالمشاكل الصحية والنفسية التي عانى منها الجنود بعد حرب الخليج الثانية (1991)، بسبب تعرضهم لليورانيوم المنضب والمواد الكيميائية التي استخدمها الجيش الأميركي. كذلك تفيد إحصاءات الوزارة بأنّ نحو 11 في المائة من المشردين البالغين في الولايات المتحدة هم من المحاربين القدامى. ويعاني معظمهم من الإدمان ومشاكل نفسية وبدنية. أيضاً، نحو 1.4 مليون منهم يعيشون حالة من الفقر الشديد، وهم معرضون في أيّ لحظة للتشرد.
اقرأ أيضاً: اللامساواة تكذّب "الحلم الأميركي"
خاضت الولايات المتحدة الأميركية كثيراً من الحروب الخارجية طوال عقود. امتد ذلك من ألمانيا واليابان في الحرب العلمية الثانية إلى فيتنام فالشرق الأوسط وأفريقيا وأفغانستان.
لكن، وعلى العكس من الصورة اللامعة التي تحاول وزارة الدفاع ووزارة شؤون المحاربين القدامى ترويجها عن اعتنائها بجنودها حتى بعد إنهائهم الخدمة، فإنّ أوضاعهم ليست جيدة على الإطلاق. لا يغيب هذه الأيام موضوع هؤلاء عن أي حملة انتخابية للمتنافسين على الترشح لانتخابات الرئاسة الأميركية من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين. ولا يتعلق الأمر فقط بالجانب السياسي، بل الاجتماعي أيضاً وما فيه من مساعدات وعلاج طبي. تلك المساعدات "الموعودة" تعتبر عامل جذب لا يستهان به لكثير من الشباب أيضاً، خصوصاً ذوي الإمكانيات المادية المحدودة. فالتطوع في السلك العسكري يمكن أن يساعدهم في تحسين أوضاعهم الاقتصادية، والحصول على مساعدة للتعليم والتأمين الصحي، وغيرها من التسهيلات والإغراءات. مع العلم أنّ الخدمة العسكرية لم تعد إلزامية في الولايات المتحدة منذ عام 1973.
لكنّ الفجوة الكبيرة ما بين النظرية والواقع تفوق أي تصور، خصوصاً مع الحديث عن أحد أقوى جيوش العالم، وعن دولة يتصدر اقتصادها أقوى اقتصادات العالم. تلك الميزات غير كافية، أو يصعب الحصول عليها عند الحاجة، خصوصاً في ما يتعلق بالشؤون الصحية.
شؤون الجنود السابقين تتولاها "وزارة شؤون المحاربين القدامى". ويقدر عدد هؤلاء من الأحياء بنحو 21 مليون رجل وامرأة، بحسب الإحصاءات الرسمية. الناظر للوهلة الأولى إلى مستويات البطالة بين المحاربين القدامى لعام 2014 يجد أنها انخفضت مقارنة بعام 2013، بل هي أكثر انخفاضاً عن معدل البطالة بين الأميركيين الآخرين. فقد وصلت نسبة البطالة بين المحاربين القدامى في عام 2014 إلى نحو 5.3 في المائة، مقارنة بنحو 6 في المائة على المستوى الوطني. لكنّ النظر إلى تفاصيل الإحصاءات يكشف رقماً آخر مخيفاً، وهو عدد المحاربين القدامى غير المسجلين في مكاتب العمل، والذي يفوق عشرة ملايين. بكلمات أكثر وضوحاً، فإنّ نصف المحاربين القدامى الأحياء فقط، أي نحو 10 ملايين من أصل 21 مليون جندي سابق، مسجلون في سوق العمل. كذلك فإنّ نسبة البطالة بين المحاربين القدامى من الأميركيين الأفارقة والنساء والأقليات أعلى منها بين نظرائهم البيض.
المشاكل التي يواجهها المحاربون القدامى تفوق البطالة. لعلّ أبرزها التأمين والخدمات الصحية والاجتماعية. على الرغم من أنّ وزارة شؤون المحاربين القدامى تشرف وتقدم خدمات مختلفة في هذا المجال في أكثر من 1700 مستشفى ومستوصف ومركز اجتماعي، إلا أنّ البيروقراطية والإهمال، ناهيك عن النقص في الميزانيات المخصصة، تؤدي كما يبدو إلى نتائج كارثية أحياناً. قبل أكثر من عام، سرب عامل في مستشفى يقدم خدماته للمحاربين القدامى، معلومة عن وفاة 40 شخصاً خلال فترة انتظارهم العلاج. وهو وقت قد يمتد لأشهر. أدى التسريب إلى استقالة الوزير المعني يومها. كذلك كشفت الفضيحة أنّ بعض المكاتب كانت تتلاعب وتدرب على التلاعب بالإحصاءات، خصوصاً أنّ من المفترض ألا تطول مدة انتظار المحارب السابق عندما يتوجه إلى أحد تلك المراكز، ثلاثين يوماً. خلال هذه الفترة، يحصل على موعد مع الطبيب أو المختص. ومن المفترض أن يظهر هذا في النظام الإلكتروني، لكنّ بعض فروع الوزارة أو المستشفيات التابعة لها كانت تسجل مقدم الطلب في دفاتر خارجية كي لا تفضح تأخيرها له، بل دربت بعض الموظفين على التزوير أيضاً. وقد أكدت أيضاً تقارير صحافية أنّ الوزارة وزعت نحو 140 مليون دولار أميركي كمكافآت لموظفين على حسن الإدارة، بينما كانت المكاتب المختصة في الحكومة والكونغرس الأميركي تحقق في عمليات الغش وسوء الإدارة في ذلك العام.
يضاف إلى كلّ هذا أنّ الجهات الرسمية الأميركية ترفض، منذ سنوات، الاعتراف بالمشاكل الصحية والنفسية التي عانى منها الجنود بعد حرب الخليج الثانية (1991)، بسبب تعرضهم لليورانيوم المنضب والمواد الكيميائية التي استخدمها الجيش الأميركي. كذلك تفيد إحصاءات الوزارة بأنّ نحو 11 في المائة من المشردين البالغين في الولايات المتحدة هم من المحاربين القدامى. ويعاني معظمهم من الإدمان ومشاكل نفسية وبدنية. أيضاً، نحو 1.4 مليون منهم يعيشون حالة من الفقر الشديد، وهم معرضون في أيّ لحظة للتشرد.
اقرأ أيضاً: اللامساواة تكذّب "الحلم الأميركي"