أثارت صور ومقاطع فيديو لسجين مغربي يلقب بـ"ولد مليكة"، بمعيّة معتقلين آخرين يرقصون داخل زنازينهم، وهم يرمون ويفترشون الأوراق النقدية، ويظهرون حيازتهم لأموال وهواتف محمولة، وأسلحة بيضاء، جدلا في البلاد، وأدت إلى انتقادات نشطاء حقوقيين.
وبدا "ولد مليكة" في أحد السجون المغربية، برفقة سجناء آخرين، وهم يرقصون على نغمات موسيقى الراي، وفي لقطات أخرى ظهروا جالسين يفترشون الأوراق النقدية، ويتباهون بحيازتهم هواتف نقالة، وسلاح أبيض، كما كانوا يظهرون آثار الجروح في أجسادهم.
هذه الصور التي بثها سجين على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن التقطها خلال اعتقالاته العديدة السابقة، دفعت مديرية السجون بالمملكة إلى اتخاذ الإجراءات التأديبية اللازمة في حق السجين المذكور، كما اتخذت قراراً وقائياً بترحيله إلى مؤسسة سجنية أخرى.
وقال عبد الإله الخضري، مدير المركز المغربي لحقوق الإنسان، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ السجن بحد ذاته أضحى عالما قائما بذاته، إذ تتواجد الأسواق وكافة البضائع، المسموح بها والممنوعة، مضيفا أنها "ظواهر عرفت تصاعدا مضطردا خلال العقد الأخير مع ارتفاع نسبة الموقوفين".
وأفاد الناشط الحقوقي بأن عددا من الجانحين باتوا يعتبرون السجن مكاناً للراحة بين الفينة والأخرى، وتبادل المعارف والتجارب في عالم الإجرام، وكذا فرصة للاتجار في المواد الممنوعة، مبرزا أن "السجن أضحى يعرف رواجا اقتصاديا حقيقيا"، على حد تعبيره.
وطالب الخضري الحكومة المغربية بضرورة الإسراع بترشيد الاعتقال الاحتياطي، والموافقة على عقوبات بديلة، والعمل على تشديد المراقبة على استعمال الهواتف ذات الإمكانيات التكنولوجية داخل السجون، معتبرا أن ما يشكل المعضلة الحقيقية هو كيفية التصدي لمظاهر الفساد داخل السجون.
وتابع المتحدث ذاته أن "ثمّة اعتبارات أخرى نفسية وعقلية وسلوكية لدى السجناء تحول دون تطبيق القانون، ما يشكل بالنسبة لموظفي إدارة السجون تحدّياً مضاعفاً، على المستوى النفسي، وعلى المستوى المهني، وبالتالي هناك حاجة إلى مساعدة اجتماعية وتحسيسية من لدن فعاليات المجتمع المدني".
من جهته، أورد الدكتور خالد الشرقاوي السموني، ممثل المنظمة الدولية للدفاع والنهوض بحقوق الإنسان بالمغرب، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "ظهور صور سجناء في سجون مغربية يشهرون بعض الممنوعات، مثل الأسلحة البيضاء والأموال والهواتف الذكية، ناتج عن غياب مراقبة فعالة ومستمرة من قبل المسؤولين عن السجون".
وأكمل السموني أن "هذه التصرفات مخالفة للقانون المنظم للمؤسسات السجنية في جميع بقاع العالم، حتى في الدول الديمقراطية التي تحترم المعايير الدولية لمعاملة السجناء"، مضيفا أن "هذه التصرفات تتعارض مع الدور المراد بالسجن كفضاء للردع والتربية وإعادة الإدماج".
وأوضح السموني أنّ "السجين حتى وإن كان يتمتع بمجموعة من الحقوق التي يخولها له القانون، فهو مجبر على احترام نظام المؤسسة السجنية، لأنه في وضعية اعتقال ومسلوب الحرية، على خلاف أفراد المجتمع الآخرين خارج أسوار السجن"، وفق تعبيره.