عقدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي، بمقرها في العاصمة اللبنانية بيروت، اليوم الخميس، حلقة نقاشية حول قانون المفقودين وحق أهاليهم في معرفة مصيرهم، بمناسبة اليوم العالمي للأشخاص المفقودين.
فوجئ الحاضرون خلال النقاش، بجمجمة بشرية أخرجها الطبيب الشرعي هشام أبو جودة، من كيس يحمله، مؤكداً "أحتفظ ببقية عظام الجثة في منزلي منذ نحو 12 سنة. قد يكون هناك من يبحث عنها في مكان آخر".
وأوضح أنه وصله خلال عمله بلاغ عن وجود جثة في أحد الأحراج، وأنه كشف على الجثة فتبين أنها تعود لرجل في العقد الثاني من عمره، وأنه قُتل قبل العثور على جثته بنحو عشرين سنة، أي خلال فترة الحرب الأهلية. "من تحليل الجثة يبدو كأن صاحبها تعرض للإعدام برصاصة خرقت جمجمته. لم أستطع التخلص من الجثة، أو إعادتها إلى مكانها في الحرج، فأخذتها إلى منزلي حيث أحتفظ بها بانتظار وضع آلية تسمح بتسليمها إلى ذويها".
وقال أبو جودة لـ"العربي الجديد"، إنه حاول من خلال مبادرته تلك "لفت انتباه الحاضرين إلى عدم وجود آلية تسمح بتنفيذ مشروع القانون الذي يطالبون بإقراره، فلا أماكن لحفظ الجثث، ولا إمكانية لإجراء فحوص الحمض النووي للجثث التي يُعثر عليها".
اعتذرت المتحدثة باسم الصليب الأحمر، يارا الخواجة، عن المداخلة غير المتوقعة للطبيب أبو جودة. أما أهالي المفقودين الحاضرون فقد حرك المشهد مشاعرهم، وربطوا بين مصير هذه الجثة ومصير أحبتهم المختفين. فيما علق النائب السابق، غسان مخيبر، بالقول: "لابد أن لهذا الشخص أهلاً يجب أن يعلموا بمصيره".
واتفق الأهالي الحاضرون مع المطالبة بتنفيذ "حل الحد الأدنى"، وفق التسمية التي أطلقتها رئيسة لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان، وداد حلواني، على مشروع قانون "إنشاء الهيئة الوطنية للكشف عن مصير المفقودين" المقدم إلى مجلس النواب.
ويأخذ القانون المقترح في الحسبان خصوصيات الوضع اللبناني، ولا يطالب بمحاسبة أحد، وإنما الكشف عن مصير المفقودين أملاً في تحقيق عدالة تصالحية، لا عدالة انتقامية. "لقد حان وقت الحل"، حسب قول حلواني.
من جهتها، أكدت النائبة رلى الطبش جارودي، لـ"العربي الجديد"، أن "كتلة المستقبل" النيابية التي تنتمي إليها، تنوي التصويت على المشروع المقدم لمجلس النواب، بعد أن تمت الموافقة عليه في لجنة الإدارة والعدل. كما أكد النائب السابق غسان مخيبر تأييد نواب "التيار الوطني الحر" للمشروع.
بعد النقاش، انتقل الحضور لمشاهدة المعرض التفاعلي "حضور وغياب"، وفيه حاول أربعة فنانين ومصورين فوتوغرافيين معالجة القضية، ليظهر المعرض كيف أن تفاصيل الغائبين ما زالت عالقة في ذاكرة ذويهم ومحبيهم، فصنع باتريك باز وناتالي نقاش غرفة تحتوي على أثاث مغطى بشراشف ناعمة، ويظهر تسجيل صوتي مرافق ارتباط كل قطعة أثاث بقصة مفقود.
في الغرفة المجاورة أعمال أخرى لماريا كساب التي فقدت عمَّها في الحرب الأهلية، وهاجرت إلى كندا، وفي أعمالها تعبر عن فقدها من خلال حرق الصور، أو إضافة الضوء عليها، وتضم الغرفة صور لعمها تعمدت فيها إخفاء ملامح وجهه.
في غرفة أخرى يظهر مطبخ أم أيمن، وهو أحد المفقودين في الحرب الأهلية، واختير المطبخ للتعبير عن الفقد نظراً لأن ذاكرة الأم عن ابنها ارتبطت بالطعام. وفي الغرفة الأخيرة، التي سميت "غرفة اللمس"، عكس الفنان جوليان بونان حالة الفقد عبر صور ممزقة، كما عرض مقتنيات المفقودين التي يعاملها الأهل بقدسية وكأنها مقام ديني.
وضم المعرض أيضاً أدوات مختلفة ضمتها "علبة الذكريات"، وأتيح للزوار ترتيبها لتشكيل صورتهم بغرض إظهار كيفية استخدام الفرد التفاصيل ليبني ذاكرته.