وتواجه الكثير من الأسر المغربية ثقل مصاريف العطلة الصيفية التي تتطلب السفر والترفيه عن النفس، للأطفال خاصة، وبعدها مباشرة يحل عيد الأضحى في الثاني عشر من سبتمبر/أيلول بالمغرب، وأربعة أيام بعد العيد ينطلق الموسم الدراسي الجديد، مع ما يستوجبه من تكاليف مالية مرهقة.
ويقول في هذا الصدد عبد الغني مزاد، متقاعد وأب لأربعة أبناء، في تصريحات لـ"العربي الجديد" إن توالي المناسبات الاجتماعية والدينية في وقت زمني وجيز أصابه بالارتباك والإحباط، مشيراً إلى أنه ما إن تنتهي مناسبة مكلفة مادياً ويفكر رب الأسرة في "الراحة" حتى تبدأ مناسبة مكلفة أخرى.
وأردف مزاد بأنه "ما إن انتهى شهر رمضان الذي تصرف فيه الأسر المغربية الكثير من النقود، تبعه عيد الفطر الذي بدوره يتطلب اقتناء الملابس الجديدة للأهل والأطفال، حتى حل فصل الصيف الذي يغري بالسفر والاستجمام، وهو ما يجر مصاريف إضافية على رب الأسرة".
وتابع: "بات يفكر منذ الآن في مصاريف الدخول المدرسي الجديد الذي لم يتبق له سوى بضعة أسابيع قليلة"، موضحاً أنه ملزم باقتناء الكتب والأدوات المدرسية لأبنائه في الثانوية، وأيضاً بطريقة تتيح له شراء كبش عيد الأضحى دون أن يدخل في دوامة القروض.
دوامة القروض هذه ولج إليها حميد شنوح، وهو موظف صغير في إحدى المؤسسات العمومية، وأب لثلاثة أطفال، دون أن يدري كيفية الخروج من شرنقتها، حيث قال في تصريحات لـ"العربي الجديد" إنه بات "مدمناً" على القروض التي تمكنه من مواجهة الكثير من مصاريف المناسبات المتوالية هذا الصيف.
واستدرك شنوح بالقول إن القروض تعطي شعوراً خادعاً للمرء بقضاء مآربه، ومواكبة مصاريف العطلة والمدرسة والعيد، لكنها بالمقابل تضع في عنق الإنسان أغلالاً تكبله، وتضيق من أنفاسه، مردفاً أنه بات ما إن ينتهي من قرض مخصص مثلاً للسفر بالصيف، حتى يطلب قرضاً آخر، ولو من أصدقائه الموظفين أو أقاربه، لمواجهة مصاريف المدرسة وعيد الأضحى.
الباحثة في علم الاجتماع ابتسام العوفير، تقول في تصريحات لـ"العربي الجديد"، تعليقاً على مثل هذه الحالات الاجتماعية الكثيرة التي تواجه مصاريف باهظة، إن "المواطن المغربي أحياناً يُحمّل نفسه ما لا يطيق مادياً واجتماعياً ونفسياً، وذلك تحت ضغط الأسرة والأبناء، أو حتى الجيران أحياناً أخرى".
وتشرح الباحثة، أنّ المواطن الفقير يضطر بدون رغبة داخلية منه إلى مجاراة من هم أكثر منه قدرة مالية، ويذهب بدوره للسياحة والسفر، رغم أن وضعه الاقتصادي لا يتيح له ذلك، وهو ليس مرغماً على فعله لولا ضغوط الأبناء والمحيط القريب، وهو الأمر نفسه بخصوص عيد الأضحى مثلاً، الذي يقترض من أجله الكثيرون، رغم أنه ليس مجبراً على اقتناء الأضحية إذا لم يكن قادراً مادياً على شراء الكبش.