ينتظر تونسيون متضررون في أملاكهم بسبب الفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، تعويضات حاسمة بالنسبة لهم، لكنّهم لم ينالوها بعد على الرغم من إقرارها.
آخر الفيضانات التي شهدتها تونس، وقع في سبتمبر/ أيلول الماضي إذ اجتاحت المياه العديد من الجهات، على غرار نابل وجندوبة وسليانة والكاف ومنوبة وعدّة محافظات أخرى. أكثر المناطق تضرراً كانت محافظة نابل التي شهدت في 22 سبتمبر فيضانات وأمطاراً غزيرة على مدى نحو أسبوع فاق منسوب المياه فيها 250 ملم في بعض مناطقها. وهو ما أدّى إلى وفاة ستة أشخاص وإلحاق الضرر بالطرقات والمساكن والمساحات الزراعية. تضرّر 2500 مسكن من بينها 150 مهددة بالسقوط الآن بحسب وزارة الداخلية. كذلك، أحصت اللجان الجهوية الخسائر الأولية لدى الفلاحين، في تضرّر 864 هكتاراً من الخضر المختلفة، و794 هكتاراً من الأشجار المثمرة، ونفوق 90 ألف طير دجاج، و86 رأس غنم، وتلف 180 بيت نحل. وقدرت وزارة المالية الخسائر الفلاحية بـ6 ملايين دولار أميركي. وقدرت وزارة التربية الخسائر في المنشآت التربوية بـ2.5 مليون دولار.
إثر تلك الفيضانات، جمع التونسيون تبرعات مالية بقيمة ثلاثة ملايين دولار لمساعدة العائلات التي تضررت مساكنها، ولإعادة تهيئة الطرقات والمدارس والمعاهد، فيما خصصت الحكومة نحو 30 مليون دولار لإصلاح الطرقات والمنازل. لكنّ تأخر صرف تعويضات العائلات لمدة شهرين منذ تخصيص الاعتمادات دفع بالعديد من السكان في نابل، إلى الاحتجاج. وأشارت سلوى الخياري، والية نابل، إلى صرف منحة تقدّر بـ200 دولار لكلّ عائلة من نحو ألف متضررة، و500 دولار لكلّ مسكن متضرر. وأكدت أنّ لجاناً مختصّة عاينت الأضرار، وهي لجنة الفلاحة، واللجنة المكلفة بأضرار المساكن، ولجنة التجارة التي عاينت أضرار التجار ومحلاتهم، مشيرة إلى ضبط قائمة بالمتضررين لتقديم مساعدات عن طريق الاتحاد التونسي للتضامن الاجتماعي والمنظمات. وقد جرى تحديد قائمة تضم 3307 عائلات متضررة بمحافظة نابل.
حصل بعض المتضررين على القسط الأول من تلك التعويضات، فيما ينتظر عشرات منهم التعويضات لمساعدتهم في إصلاح مساكنهم. وفي هذا الإطار، يشير أحمد موسى، وهو أحد سكان محافظة نابل لـ"العربي الجديد" إلى أنّ أغلب المساكن تضررت بشكل كبير، والتعويضات لم تكن بالحجم الذي يساعد أغلب العائلات على إصلاح وترميم ما انهار. يضيف أنّ "200 دولار مبلغ بسيط جداً مقارنة بحجم الأضرار. أما القسط الثاني من التعويض فسيكون في شكل تجهيزات بسيطة تبلغ قيمتها أيضاً 200 دولار. العديد من العائلات المتضررة لم تشملهم تلك التعويضات وما زالوا ينتظرون أيّ دعم".
ما زال مئات الفلاحين ممن تضررت محاصيلهم في انتظار تعويضات لإعادة زراعة أراضيهم، بالإضافة إلى عشرات التجار ممن وُعدوا بصرف تعويضات لهم لتعويض بعض الخسائر التي لحقت ببضائعهم.
محافظة جندوبة شهدت هي الأخرى في 23 يناير/ كانون الثاني الماضي موجة برد وهطول أمطار كبيرة تسببت في وفاة ثلاثة أشخاص واجتياح مياه وادي مجردة 15 مسكناً، ومحاصرة مياه سد ملاق 20 مسكناً، فيما غمرت المياه أكثر من 300 هكتار من الأراضي المحاذية للوادي والسدّ. وتضررت الطرقات والعديد من المنشآت الحكومية. وقد شهدت منطقة بوسالم من ولاية جندوبة الشهر الماضي احتجاجات للعديد من السكان الذين لم يُدرجوا في قائمة المتضررين. واحتج عدد آخر منهم على تأخر صرف مستحقاتهم من التعويضات، علماً أنّه جرى تخصيص نحو 700 ألف دولار للمحافظة.
يشير شرف الدين كحيلي أحد متضرري المحافظة لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "فيضان وادي مجردة أثّر بشكل كبير على أراضيهم ومساكنهم. وقد تسبب في انهيار جزء كبير من مسكنه، لكن ما زال ينتظر التعويضات لترميم منزله الذي لم يعد قادراُ على إيواء أفراد عائلته". يضيف: "ذلك الوادي تحديداً، بات يهدد حياة عشرات العائلات هناك جراء فيضانه في عدّة مناسبات".
بعد الاحتجاجات التي نفذها بعض أهالي جندوبة صرّح وزير الفلاحة سمير بالطيب أنّه سيجري قبل نهاية العام الحالي تقديم تعويضات لـ420 عائلة تضررت من الفيضانات الأخيرة، لتشمل التعويضات قرابة 2500 مواطن بالإضافة إلى التجار. في المقابل طالب آلاف الفلاحين في مختلف المحافظات التي شهدت فيضانات بالتعجيل في تفعيل صندوق الجوائح العائد لوزارة الفلاحة، والذي سيتكفّل بتعويضات الفلاحين جراء السيول وتلف محاصيلهم. ويؤكد عبد المجيد الزار، رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري لـ"العربي الجديد" أنّه تمّ في فبراير/ شباط الماضي الاتفاق بين الحكومة والاتحاد على تفعيل الصندوق ابتداء من 15 إبريل/ نيسان المقبل لصرف التعويضات للفلاحين المتضررين من التغيرات قبل حلول صيف 2019.