تتشابهُ معاناة اللاجئين الأفغان في باكستان. ترى الجميع خائفين على مستقبلهم، فبلادهم ما زالت في حالة حرب. كما أن خيار البقاء في باكستان ليس الحل الأفضل، إذ تبقيهم السلطات معلّقين. فتارة تمدّد فترات إقاماتهم، وتارة تتركهم فريسة لرجال الأمن الذين يتاجرون باللاجئين.
على غرار الملايين، لجأ غلام محي الدين (60 عاماً) إلى باكستان بعدما استحال العيش في معظم مناطق أفغانستان بسبب الحالة الأمنية الصعبة. لم يرغب يوماً في ترك بلده، هو الذي كان يعيش في رخاء. كان يقطن في مديرية خواجه غار في إقليم تخار (شمال أفغانستان)، وينتمي إلى أسرة غنية كانت تملك أراض زراعية وتعمل في تجارة الأغنام والأبقار.
يقول محي الدين: "لطالما فضّلت البقاء في قريتي على الرغم من الظروف الصعبة التي فرضتها الحرب. كنتُ أخاف ممّا قد يحلّ بنا في بلاد الغربة. لكن العائلة حسمت خيارها بالمغادرة، وكان هذا قراراً صائباً بعدما استحالت الحياة بسبب اشتداد المعارك".
أمضى الرجل ثلاثة عقود من حياته في باكستان. كانت معاناته شديدة. تنقّل بين عدد من مدن باكستان وقراها لتأمين لقمة العيش. إلا أنه لم يتمكن من تعليم أولاده السبعة، الأمر الذي ما زال يضايقه كثيراً. يقول إن الظروف القاسية في الهجرة منعتنا من تحقيق الكثير من طموحاتنا، منها تعليم الأطفال.
عمل في مهن كثيرة، منها صناعة الطوب والأسواق وغيرها. في الوقت الحالي، يرعى الأغنام. أولاده يعملون، إلا أنهم ما زالوا يعيشون في منزل الوالد الطيني على مقربة من العاصمة الباكستانية إسلام أباد.
يخرج أولاده إلى السوق، فيما يخرج مع أغنامه إلى الحقول القريبة، حاملاً مصحفه وإبريق الشاي الأخضر. يرعى الأغنام ويقرأ القران. وقبل موعد صلاة الظهر، يعود إلى المنزل ثم يتوجه إلى المسجد ليصلّي، قبل أن يتناول الطعام في المنزل.
صحيح أنه يشعر بالرضا، إلا أنه قلق بشأن حاضره ومستقبله، وخصوصاً أن الأوضاع الأمنية السيئة تحول دون عودته إلى أفغانستان. لذلك، لا خيار أمامه غير الانتظار على غرار جميع الأفغان. يقول: "لا ندري ماذا سيكون قرار السلطات بشأننا؟ هل ستمدّد فترة إقامتنا أم لا؟ هناك من يقول إن الحكومة الباكستانية قررت تمديد فترة إقامة اللاجئين لمدة ستة أشهر فقط إلى حين انتهاء البرد القارس، فيما يشير آخرون إلى تمديد الفترة حتى نهاية عام 2017".
اقرأ أيضاً: بوستان خان ينتظر مصيره ومصير أغنامه