ويؤمن غباين بأهمية الحفاظ على أفران الطابون العربية، الطينية والأسمنتية، ومواصلة صناعتها وانتشارها، بما تحمله من شكل فريد يميزها عن غيرها، ودلالة تراثية، على الرغم من غزو الأفران الإلكترونية الضخمة.
وتمرّ صناعة أفران الطابون العربية بأربع مراحل شاقّة، تستغرق كل مرحلة منها يوماً كاملاً لإنجازها، إلا أن مشقتها لم تمنع غباين عن مواصلة ممارسة هوايته التي بدأت معه مصادفة قبل ثلاثة عقود.
ويقول غباين (56 عاماً)، ويعيل أسرة مكونة من 12 فرداً إنه كان يعمل في خبازة الخبز والصاج داخل الخط الأخضر - الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948م - إلى أن صادف عراقياً يصنع تلك الأفران العربية.
ويتابع في حديث مع "العربي الجديد": "تعلمت تفاصيل صناعة أفران الطابون، إذ كنت مولعاً بحب الصاج العربي، والخبازة بالطريقة العربية المميزة، والمختلفة عن الأفران الآلية، وبت أصنعها داخل قطاع غزة منذ التسعينيات".
ويوضح أن نكهة الخبز والصاج في أفران الطابون تختلف إلى حد ما عن الأفران الآلية، لما تحمله من قيمة تراثية قديمة، مضيفاً: "حظي أول فرن طابون أصنعه في قطاع غزة بإعجاب جميع من حولي، ما دفعني إلى مواصلة صناعتها".
وعن تفاصيل ومكونات الصناعة القديمة، يتابع غباين أن أفران الطابون تتكون بشكل أساسي من هيكل حديدي - سمك الحديد 3 مليمتر - يتم تجهيزه عند الحداد، وفق قالب معين يتناسب مع مساحة مكان صناعة الفرن، أحجار بلوك، طين، أسمنت، تبن، ملح، حجارة.
وفي اليوم الأول يتم تحديد مكان الفرن، ووضع الهيكل الحديدي وفق ميل معين، وتثبيته بدعامات، ومن ثم بناء إطار من حجارة البلوك حوله، وفي الثاني يقوم غباين بإغلاق المسامّ بين الحديد والحجارة باستخدام الطين المعجون بالماء والملح والتبن.
أما اليوم الثالث فيكون لصبّ الإطار الخارجي، وفي اليوم الأخير يتم تجهيز الشكل النهائي للفرن وفق رغبة صاحبه، ليبدو طينياً مزيناً بالبلاط، أو الأنتيكا، أو مدهوناً بألوان معينة من الطلاء، أو بأي شكل آخر.
وفي ما يتعلق بأنواع وأحجام الأفران المكسوّة، يوضح غباين أنها تتغير وفق الحاجة، إذ تتكون بالأساس من فتحة فرن مقدارها 41 سنتيمتراً، بعمق داخلي بين 40 و70، يتم كسوته بحجارة حرارية لحفظ الحرارة، ويمكن تصميم أفران كبيرة تضم فتحتين أو أكثر.
وتواجه صناعة أفران الطابون داخل قطاع غزة، عدة أزمات تبدأ بغلاء أسعار الأدوات المستخدمة، ما يساهم بارتفاع أسعار بنائها، علاوة على تردي الأوضاع الاقتصادية، واتجاه نسبة من المواطنين إلى شراء الخبز الجاهز.
ولا يخفي غباين تمسكه بهوايته المفضلة، على الرغم من الأوضاع الصعبة التي يمر بها قطاع غزة، مضيفاً: "لا يزال البعض يدرك قيمة تلك الأفران، وميزة الخبازة فيها، وما تحمله من نكهة عربية أصيلة".