حوادث فموت.. توعية مرورية في الأردن (فيديوغراف)

عمّان

محمد الفضيلات

avata
محمد الفضيلات
13 ديسمبر 2016
45E2E450-2CF4-4CA9-8998-5F7BDBD0BB39
+ الخط -

حتى اليوم، ما زال الأردن يحتلّ مرتبة متقدمة في ما يتعلق بحوادث السير، رغم مساعي المعهد المروري إلى إيجاد حلول لهذه المشكلة، وإنقاذ الأرواح. ويمكن وصف عمله بـ "الناجح"، لكن يبقى أمامه الكثير.

"الموت المفاجئ صعب... صعب جداً "، يقول أحمد الدخيل وهو يتذكر والده الذي توفي في حادث سير مطلع ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي. ورغم مرور أكثر من عام على الحادث، ما زال يشعر بألم شديد. يقول: "توفي والدي وعمره 49 عاماً. اصطدمت سيارته بسيارة أخرى، وتوفي على الفور. الموت الناتج عن حوادث السيارات مؤلم لأنه يحدث فجأة". يقول لـ "العربي الجديد": "تصوّر أن يخرج أحد من بيته سليماً، ليرجع إليه مع كفن". ويرى أن زيادة العقوبات على المخالفين قد تساهم في التقليل من حوادث السير، خصوصاً تلك القاتلة. يضيف: "تجب زيادة العقوبات لتشمل الجميع بشكل عادل، أي أولئك الذين يخالفون القوانين أثناء القيادة، والمشاة الذين لا يلتزمون بالإشارات".

والد أحمد الدخيل هو واحد من بين 608 أشخاص توفوا في عام 2015 نتيجة حوادث السير، بحسب التقرير الصادر عن المعهد المروري الأردني التابع لمديرية الأمن العام. يقول مدير المعهد، أحمد الوراوره، إن الإنسان يعدّ أكبر مسبّب للحوادث، في وقت احتلّت الطريق المرتبة الثانية، والسيارات المرتبة الأخيرة. ويلفت إلى أن "تحليل الحوادث في العام الماضي يبيّن أن 91 في المائة منها حدث نتيجة أخطاء ارتكبها الإنسان، سواء السائق أو الراكب أو الماشي، فيما كانت الطريق سبباً بنسبة 8 في المائة من الحوادث، والسيارة بنسبة 1 في المائة فقط".

عدد الوفيّات في إحصائيات عام 2015 شكّل مؤشّراً على نجاح استراتيجية السلامة المرورية للأعوام 2012 - 2017، والتي هدفت إلى تخفيض عدد الوفيات نتيجة حوادث الطرقات بنسبة 20 في المائة، بالمقارنة مع ما كانت عليه في عام 2012.

وبحسب إحصائيات المعهد المروري خلال عام 2015، انخفض عدد الوفيات الناتج عن حوادث السير بواقع 80 شخصاً بالمقارنة مع عام 2014، الذي سجل 688 وفاة. إلا أن بعض المتابعين يتوقعون زيادة عدد الوفيات مع نهاية العام الجاري، بالمقارنة مع ما سجل في عام 2015، استناداً إلى إحصائيات غير رسمية توثق وفاة أكثر من 600 شخص حتى نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

خطّة السلامة المروريّة هي الثانية التي يعتمدها الأردن. إذ سبق وطبق خطة للأعوام 2007 - 2012، ساهمت في تخفيض عدد الوفيات نتيجة الحوادث بنسبة 31 في المائة، متجاوزة الهدف المحدّد بتخفيض معدل الوفيات بنسبة 30 في المائة. النجاحات التي حققتها خطتا السلامة المرورية لم تؤثر على ترتيب منظمة الصحة العالمية للأردن في تقريرها لعام 2015، إذ صنفت المملكة ضمن أسوأ 20 دولة في العالم في ما يتعلق بالأمان على الطرقات، وعدت ثالث أسوأ دولة عربية بعد ليبيا والسعودية.




حلول

في ظلّ هذا الواقع، يهتمّ المعهد المروري بوضع سياسات مروريّة تساهم في تخفيض نسب الحوادث والوفيّات الناتجة عنها، وتؤدي إلى زيادة الكلفة الاقتصادية، والتي قدرت بـ 363 مليون دولار في العام الماضي، بحسب إحصائيات المعهد.

ويشرح الوراوره أنّ المعهد يجري دراسات وأبحاثاً بهدف وضع سياسات وخطط للسلامة المرورية، واقتراح تشريعات جديدة. ويسعى المعهد إلى تحليل الواقع المروري وتحديد أماكن الازدحام ووضع خطط لعلاجها، بالإضافة إلى تحديد المواقع التي تتكرر فيها الحوادث، واقتراح حلول وتقديمها لوزارة الأشغال أو البلديات.

ويؤكد الوراوره أن الأولوية ستكون للمشكلة الكبرى عسى أن تدرجها الجهات المعنية ضمن موازناتها. ويشير إلى التأخر في الإنجاز نتيجة الكلفة المرتفعة التي تتطلبها بعض الحلول، والتي لا تتحملها موازنات الجهات المعنية. بالإضافة إلى ما سبق، يهتم المعهد بالتوعية المرورية من خلال مراجعة المواد العلمية في المنشورات، وشرحها بما يتناسب والفئات العمرية التي تخاطبها. ويلفت إلى أهمية التوعية للحد من الحوادث، مشيراً إلى أن عدداً كبيراً منها يقع نتيجة غياب الوعي المروري. مثال على ذلك وفاة عشرة أطفال دهساً من قبل ذويهم نتيجة الإهمال في العام الماضي.

ووفقاً لإحصائيات المعهد، استهدفت حملات التوعية، التي نفذت العام الماضي، أكثر من 40 ألف شخص في الجامعات والمدارس، بالإضافة إلى الأهل. وضمن جهوده للحد من الحوادث، ساهم المعهد في إعداد مشروع قانون السير المعروض على مجلس النواب الأردني لمناقشته وإقراره، والذي يشدد العقوبات على المخالفين، خصوصاً أولئك الذين يكررونها. كذلك، يلزم بإجراء دراسات أثر مروري للمنشآت قبل إنشائها. ويعتقد أن القانون، في حال اقراره، سيشكل وسيلة ردع قوية، إلا أن أعضاء مجلس النواب تبنوا مواقف سلبية من القانون حين عرض عليه في القراءة الأولى، ووصفوه بقانون "الجباية".



غياب النقل الجماعي

مشكلة الأردن، بحسب الوراوره، تتمثل في غياب النقل الجماعي المنظم. ويلفت إلى أن "أكثر من 70 في المائة من مشكلة الازدحام المروري ناتجة عن غياب نقل جماعي منظّم". يضيف: "خلال الازدحام، تكثر الحوادث لأن السائقين يتصرفون بعصبية". ويلفت إلى أن غياب النقل العام يؤدي إلى زيادة نسبة السيارات. وبات هناك نحو مليونين ونصف المليون سائق، علماً أن هذا الرقم مرشّح للزيادة في ظل استمرار المشكلة.

ويرى أنّ الحل يتمثل في تنظيم النقل العام الموجود، وبناء نموذج نقل قابل للتعديل بحسب الاحتياجات، متوقعاً أن يؤدي حل مشكلة النقل العام إلى إزالة أكثر من 20 في المائة من المركبات. ويؤكّد أنّ النقل العام المنظم هو أحد الحلول للتقليل من حوادث السير. أمر يؤيّده الباحث رياض النجادا، الذي أجرى مؤخراً دراسة عملية حلل فيها مواقع تكرر الحوادث (البؤر الساخنة). من خلال الدراسة التي شملت حوادث الطرقات التي وقعت خلال العامين 2014 و2015، تركز عدد كبير من الحوادث في مناطق الازدحام. ويؤكد أن هذه المشكلة هي أحد انعكاسات فشل أو غياب النقل الجماعي المنظم، ما يضطر الناس لاستخدام سياراتهم الخاصة.

ويرى أن غياب النقل الجماعي يعد أحد أسباب المشكلة، مضيفاً إليها غياب الحلول الهندسية للبؤر الساخنة على الطرقات. دراسته التي شملت وسط العاصمة، تشير إلى أن غالبية البؤر الساخنة تحدث عند التقاطعات الدائرية وأمام المجمعات التجارية المنشأة على الطرقات الرئيسية والمستشفيات. ويقترح نجادا إعادة النظر في مواعيد ساعات عمل المؤسسات والدوائر الحكومية، حتى لا تبقى ساعات العمل متزامنة، بناء على نتائج الدراسة التي كشفت أن ساعات ذروة الحوادث تتزامن مع بداية الدوام الرسمي ونهايته.

مبادرة مجتمعية

في عام 2008، توفي حكمت قدوره (17 عاماً)، نتيجة تعرّضه لحادث دهس، ليتحوّل الرحيل المفجع للفتى دافعاً لإطلاق مبادرة بعنوان "حملة حكمت قدوره للسلامة المرورية". هذه الحملة سعت خلال سنوات عملها إلى توفير شروط السلامة المرورية بناء على دراسات لأكثر المناطق والفئات عرضة للحوادث، بحسب مدير الحملة عرفات عوض.

ومنذ انطلاق الحملة، زوّدت "حكمت"، ومن خلال شراكتها مع القطاع الخاص والتنسيق مع الجهات الرسمية، 265 مدرسة بعناصر السلامة المرورية. وبحسب إحصائياتها، لم تحصل حوادث دهس أمام المدارس منذ عام 2008.

ويشير عوض إلى قيام الحملة بتأهيل 200 ملعب في عدد من المدارس في مختلف مناطق المملكة، والتي تفتح أبوابها بعد نهاية الدوام المدرسي، بهدف تأمين مكان آمن للأطفال، للحيلولة دون لجوئهم إلى اللعب في الطرقات والشوارع الرئيسية، بالإضافة إلى إنشاء حدائق في أماكن الازدحام، ليكون هناك متنفس للأطفال.

خلال الأعوام الماضية، استهدفت الحملة الأطفال في عملها، من خلال السعي إلى توفير بيئة مرورية آمنه لهم وتوعيتهم. ووضعت الحملة خطّة للعام المقبل تستهدف فئة الشباب في الجامعات، بهدف توفير بيئة مرورية آمنه لهم، وتزويدها بعناصر السلامة المرورية، وتنفيذ حملات توعية. كذلك، تنوي إعداد ومضات مصورة تشير إلى معاناة أهالي ضحايا الحوادث المرورية. يقول عوض: "نريد ألّا يبقى ضحايا الحوادث أرقاماً في البيانات الصحفية. نريد أن يعرف الناس قصصهم ومعاناة عائلاتهم".


ذات صلة

الصورة
عملية إطلاق نار في البحر الميت 18/10/2024 (إكس)

سياسة

أصيب جنديان إسرائيليان، اليوم الجمعة، في عملية إطلاق نار جنوب البحر الميت نفذها مسلحون تسللوا من الأردن بحسب ما أعلنه جيش الاحتلال، الأمر الذي نفته عمّان.
الصورة
مسيرة في رام الله منددة باغتيال حسن نصر الله (العربي الجديد)

سياسة

خرج المئات من الفلسطينيين والأردنيين، مساء السبت، بتظاهرتين، الأولى في رام الله والثانية في العاصمة عمّان، وذلك تنديداً باغتيال حسن نصر الله.
الصورة
تشييع جثمان الشهيد ماهر الجازي في معان، 17 9 2024 (العربي الجديد)

سياسة

شارك آلاف الأردنيين في محافظة معان جنوبي الأردن، بعد ظهر اليوم الثلاثاء، بمراسم تشييع الشهيد ماهر الجازي منفذ عملية معبر الكرامة، في وقت سابق هذا الشهر.
الصورة
من موقع عملية إطلاق النار على معبر الكرامة / 8 سبتمبر 2024 (إكس)

سياسة

قتل ثلاثة إسرائيليين، اليوم الأحد، بعملية إطلاق نار نفذها سائق شاحنة أردني على معبر الكرامة الحدودي مع الأردن، شرقي الضفة الغربية.