الحرب المستمرّة في اليمن، والتصعيد الأخير الذي أدى إلى مقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وما رافقه من قصف عنيف، دفع المنظمات الدولية إلى إجلاء موظفيها، فيما اختار مواطنون النزوح بعدما اشتدت حدة الصراع، وقد بات العيش في العاصمة اليمنية صعباً
غادر 111 موظفاً يعملون في منظمات دولية صنعاء، بعد المواجهات المسلحة التي أدت إلى مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح. وأفاد مصدر خاص لـ "العربي الجديد" بأن المنظمات أجلت الموظفين الدوليين من خلال طائرة نقلتهم من مطار صنعاء إلى جيبوتي، بسبب الوضع المتوتر في العاصمة اليمنية، تزامناً مع الغارات الجوية العنيفة. وأشار إلى أن عمليات الإجلاء مستمرة لمن بقي من موظفين في هذه المنظمات، من خلال رحلات جوية أخرى.
ويضيف المصدر أنّ المغادرين يعملون في منظمات أممية، إضافة إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر، لافتاً إلى أن المنظمات أمرت بإجلاء جميع العاملين فيها بعد تهديدات محتملة دلّت على سوء الأوضاع الأمنية في صنعاء، واحتمال اندلاع حرب شاملة بعد مقتل صالح.
وعن مصير الموظّفين اليمنيين في المنظمات الدولية، فقد نقلوا من مناطق الاشتباكات في صنعاء إلى أخرى آمنة، ليعملوا من منازلهم، بحسب المصدر. وقال: "نتوقّع معركة كبيرة خلال الفترة المقبلة نظراً للمتغيرات الجديدة، ما جعل المنظمات تطلب مغادرة العاملين فيها رغم حاجة اليمنيين إليهم".
وتشهد مناطق المواجهات المسلحة في صنعاء موجة نزوح واسعة، حيث غادرت مئات العائلات منذ بداية الاشتباكات بين جماعة أنصار الله (الحوثيين) وأنصار حزب المؤتمر الشعبي العام الذي كان يتزعمه صالح.
في السياق، يقول أحد النازحين من منطقة شارع بغداد في صنعاء، إلياس عبد الرحمن، إنه غادر وعائلته البيت بعد احتراق منزل جيرانه. يضيف: "خرجنا من المنزل خلال ساعات الهدنة بين المتقاتلين، بعد إحراق المنزل المجاور لنا من جراء سقوط القذائف. وخرج آخرون أيضاً بسبب القصف بمختلف أنواع الأسلحة، من دون أي حرص على أرواح المدنيين". يشير إلى أنه حمل ما استطاع من أثاث من المنزل وغادر إلى محافظة إب (وسط) باعتبارها إحدى أكثر المحافظات استقراراً في المناطق التابعة للحوثيين.
أما أسرة عبدالله الصعفاني، فقرّرت النزوح إلى ريف منطقة حراز المحاذية لصنعاء، بعد اشتداد المعارك في محيط شارع مجاهد خلال الأيام الماضية. يقول: "تركنا منزلنا ولا نعرف ما حلّ به بسبب وجود المسلحين الكثيف"، مشيراً إلى أنه توجه نحو قريته في حراز بعدما قرر البقاء فيها حتى تستقر الأوضاع تماماً. يضيف: "لم أنزح من قبل رغم قدم المعارك في صنعاء. لكن هذه المرة، كانت المواجهات على مقربة من منزلي تماماً، وقد تضررت منازل مجاورة وقتل عدد من المدنيين أمام أعيننا". يوضح أن عائلات كثيرة غادرت صنعاء نحو محافظة إب والمحويت وريمة وذمار إضافة إلى بعض المناطق المحيطة في صنعاء والبيضاء وتعز.
وتنوي عائلات عديدة في صنعاء المغادرة إلا أنها عاجزة عن ذلك لعدم توفر المال. من بين هؤلاء عبد الولي الحميري الذي قرر النزوح إلى مسقط رأسه في محافظة إب، لكنه ينتظر حوالة مالية يرسلها له أحد أقاربه المغتربين في دولة خليجية. يقول: "عشنا أسوأ أيام حياتنا خلال الأيام الماضية، إذ إننا نسكن قرب جولة الرويشان في صنعاء، التي شهدت اشتباكات عنيفة. حسمت أمري بالمغادرة رغم توقف المعارك"، لافتاً إلى أن "صنعاء لم تعد لجميع اليمنيين". يضيف: "تغيرت الأوضاع في صنعاء. باتت كئيبة وكل ما فيها مرعب ومقلق. أخشى اقتحام منزلي في أي وقت بعدما علمت عن قيام جماعات مسلحة اقتحام منازل مواطنين. ورغم بعدي عن السياسة، قررت المغادرة في أقرب فرصة".
بالنسبة إلى الحميري، لا يتعلق الأمر فقط بدخول المنازل عنوة، إذ يلفت إلى أن قصف مقاتلات التحالف العربي بات أكثر حدة وضراوة. يقول: "دعا التحالف العربي أهالي صنعاء إلى الابتعاد عن أماكن تجمعات الحوثيين، وهؤلاء موجودون في كل الأمكنة، ولا نستطيع الابتعاد عنهم إلا من خلال النزوح إلى خارج العاصمة، أو نكون عرضة للقصف في أي لحظة".
اقــرأ أيضاً
في السياق، يقول مصدر خاص في إحدى شركات النقل في صنعاء إن عشرات الأسر غادرت المدينة إلى عدد من المحافظات الأخرى خوفاً من استمرار المواجهات ومحاصرة صنعاء وعدم القدرة على المغادرة خلال الفترة المقبلة. يقول المصدر لـ "العربي الجديد" إن أهالي صنعاء باتوا يستشعرون الأخطار قبل حدوثها، من خلال متابعتهم للأحداث السياسية والميدانية في صنعاء مؤخراً، مؤكداً أن "عشرات الأسر اليمنية نقلت أثاث منازلها إلى محافظتي تعز وإب، بعدما أصبح الخوف من الحصار والجوع حديث المدنيين هذه الأيام".
وكان وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، قد حذّر أول من أمس، من أن يؤدي مقتل صالح إلى تدهور الوضع الإنساني السيئ بالفعل في اليمن. وقال إن ما حصل خلال الأيام الماضية "قد يدفع الصراع نحو مفاوضات سلام تدعمها الأمم المتحدة، أو يحوّله إلى حرب أشد ضراوة"، مرجحاً تدهور الوضع الإنساني لـ "الأبرياء" على المدى القصير. ودعا الجميع إلى "التركيز على الجانب الإنساني في الوقت الحالي"، وضمان وصول الدواء والغذاء والمياه النظيفة إلى المدنيين.
أما الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، فقد أعربت عن قلقها العميق حيال الوضع الإنساني في اليمن، مشيرة إلى أن القتال في صنعاء خلال الأسبوع الأخير أسفر عن مقتل وإصابة المئات. وقالت الوكالة إن ارتفاع حدة العنف في العاصمة اليمنية "أدى إلى زيادة المعاناة في المدينة، وهناك أكثر من مليون شخص عالقين في منازلهم"، داعية أطراف الصراع إلى حماية المدنيين وتسهيل عمل موظفي الإغاثة. كذلك، دعت إلى تقديم المساعدات الطبية لإنقاذ الأرواح و"استمرار تدفق البضائع إلى اليمن وداخله باعتبار ذلك ضرورة إنسانية، كون البلد يستورد 90 في المائة من حاجاته الغذائية، إضافة إلى معظم احتياجاته من الوقود والمواد الطبية".
ووفقاً لتقارير منظمات الأمم المتحدة، فإن نحو 18.8 مليون شخص في اليمن، من إجمالي عدد السكان البالغ عددهم نحو 28 مليون نسمة، في حاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة. وأفاد مسؤولون أمميون بأنه من المحتمل أن يموت 50 ألف طفل يمني بسبب الجوع والأمراض بحلول نهاية العام الحالي في حال عدم اتخاذ التدابير اللازمة لمساعدتهم وعلاجهم وحمايتهم.
اقــرأ أيضاً
ويضيف المصدر أنّ المغادرين يعملون في منظمات أممية، إضافة إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر، لافتاً إلى أن المنظمات أمرت بإجلاء جميع العاملين فيها بعد تهديدات محتملة دلّت على سوء الأوضاع الأمنية في صنعاء، واحتمال اندلاع حرب شاملة بعد مقتل صالح.
وعن مصير الموظّفين اليمنيين في المنظمات الدولية، فقد نقلوا من مناطق الاشتباكات في صنعاء إلى أخرى آمنة، ليعملوا من منازلهم، بحسب المصدر. وقال: "نتوقّع معركة كبيرة خلال الفترة المقبلة نظراً للمتغيرات الجديدة، ما جعل المنظمات تطلب مغادرة العاملين فيها رغم حاجة اليمنيين إليهم".
وتشهد مناطق المواجهات المسلحة في صنعاء موجة نزوح واسعة، حيث غادرت مئات العائلات منذ بداية الاشتباكات بين جماعة أنصار الله (الحوثيين) وأنصار حزب المؤتمر الشعبي العام الذي كان يتزعمه صالح.
في السياق، يقول أحد النازحين من منطقة شارع بغداد في صنعاء، إلياس عبد الرحمن، إنه غادر وعائلته البيت بعد احتراق منزل جيرانه. يضيف: "خرجنا من المنزل خلال ساعات الهدنة بين المتقاتلين، بعد إحراق المنزل المجاور لنا من جراء سقوط القذائف. وخرج آخرون أيضاً بسبب القصف بمختلف أنواع الأسلحة، من دون أي حرص على أرواح المدنيين". يشير إلى أنه حمل ما استطاع من أثاث من المنزل وغادر إلى محافظة إب (وسط) باعتبارها إحدى أكثر المحافظات استقراراً في المناطق التابعة للحوثيين.
أما أسرة عبدالله الصعفاني، فقرّرت النزوح إلى ريف منطقة حراز المحاذية لصنعاء، بعد اشتداد المعارك في محيط شارع مجاهد خلال الأيام الماضية. يقول: "تركنا منزلنا ولا نعرف ما حلّ به بسبب وجود المسلحين الكثيف"، مشيراً إلى أنه توجه نحو قريته في حراز بعدما قرر البقاء فيها حتى تستقر الأوضاع تماماً. يضيف: "لم أنزح من قبل رغم قدم المعارك في صنعاء. لكن هذه المرة، كانت المواجهات على مقربة من منزلي تماماً، وقد تضررت منازل مجاورة وقتل عدد من المدنيين أمام أعيننا". يوضح أن عائلات كثيرة غادرت صنعاء نحو محافظة إب والمحويت وريمة وذمار إضافة إلى بعض المناطق المحيطة في صنعاء والبيضاء وتعز.
وتنوي عائلات عديدة في صنعاء المغادرة إلا أنها عاجزة عن ذلك لعدم توفر المال. من بين هؤلاء عبد الولي الحميري الذي قرر النزوح إلى مسقط رأسه في محافظة إب، لكنه ينتظر حوالة مالية يرسلها له أحد أقاربه المغتربين في دولة خليجية. يقول: "عشنا أسوأ أيام حياتنا خلال الأيام الماضية، إذ إننا نسكن قرب جولة الرويشان في صنعاء، التي شهدت اشتباكات عنيفة. حسمت أمري بالمغادرة رغم توقف المعارك"، لافتاً إلى أن "صنعاء لم تعد لجميع اليمنيين". يضيف: "تغيرت الأوضاع في صنعاء. باتت كئيبة وكل ما فيها مرعب ومقلق. أخشى اقتحام منزلي في أي وقت بعدما علمت عن قيام جماعات مسلحة اقتحام منازل مواطنين. ورغم بعدي عن السياسة، قررت المغادرة في أقرب فرصة".
بالنسبة إلى الحميري، لا يتعلق الأمر فقط بدخول المنازل عنوة، إذ يلفت إلى أن قصف مقاتلات التحالف العربي بات أكثر حدة وضراوة. يقول: "دعا التحالف العربي أهالي صنعاء إلى الابتعاد عن أماكن تجمعات الحوثيين، وهؤلاء موجودون في كل الأمكنة، ولا نستطيع الابتعاد عنهم إلا من خلال النزوح إلى خارج العاصمة، أو نكون عرضة للقصف في أي لحظة".
في السياق، يقول مصدر خاص في إحدى شركات النقل في صنعاء إن عشرات الأسر غادرت المدينة إلى عدد من المحافظات الأخرى خوفاً من استمرار المواجهات ومحاصرة صنعاء وعدم القدرة على المغادرة خلال الفترة المقبلة. يقول المصدر لـ "العربي الجديد" إن أهالي صنعاء باتوا يستشعرون الأخطار قبل حدوثها، من خلال متابعتهم للأحداث السياسية والميدانية في صنعاء مؤخراً، مؤكداً أن "عشرات الأسر اليمنية نقلت أثاث منازلها إلى محافظتي تعز وإب، بعدما أصبح الخوف من الحصار والجوع حديث المدنيين هذه الأيام".
وكان وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، قد حذّر أول من أمس، من أن يؤدي مقتل صالح إلى تدهور الوضع الإنساني السيئ بالفعل في اليمن. وقال إن ما حصل خلال الأيام الماضية "قد يدفع الصراع نحو مفاوضات سلام تدعمها الأمم المتحدة، أو يحوّله إلى حرب أشد ضراوة"، مرجحاً تدهور الوضع الإنساني لـ "الأبرياء" على المدى القصير. ودعا الجميع إلى "التركيز على الجانب الإنساني في الوقت الحالي"، وضمان وصول الدواء والغذاء والمياه النظيفة إلى المدنيين.
أما الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، فقد أعربت عن قلقها العميق حيال الوضع الإنساني في اليمن، مشيرة إلى أن القتال في صنعاء خلال الأسبوع الأخير أسفر عن مقتل وإصابة المئات. وقالت الوكالة إن ارتفاع حدة العنف في العاصمة اليمنية "أدى إلى زيادة المعاناة في المدينة، وهناك أكثر من مليون شخص عالقين في منازلهم"، داعية أطراف الصراع إلى حماية المدنيين وتسهيل عمل موظفي الإغاثة. كذلك، دعت إلى تقديم المساعدات الطبية لإنقاذ الأرواح و"استمرار تدفق البضائع إلى اليمن وداخله باعتبار ذلك ضرورة إنسانية، كون البلد يستورد 90 في المائة من حاجاته الغذائية، إضافة إلى معظم احتياجاته من الوقود والمواد الطبية".
ووفقاً لتقارير منظمات الأمم المتحدة، فإن نحو 18.8 مليون شخص في اليمن، من إجمالي عدد السكان البالغ عددهم نحو 28 مليون نسمة، في حاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة. وأفاد مسؤولون أمميون بأنه من المحتمل أن يموت 50 ألف طفل يمني بسبب الجوع والأمراض بحلول نهاية العام الحالي في حال عدم اتخاذ التدابير اللازمة لمساعدتهم وعلاجهم وحمايتهم.