وعمر هو في صفه التاسع الأساسي، يعاني من عدة رصاصات اخترقت صدره ويده اليمنى وعاموده الفقري واستقرت فيه، ولا يستطيع الحراك، كما يواجه وحيداً كل إجراءات القمع والتنكيل التي تقوم بها قوات "نحشون" المسؤولة عن قمع ونقل الأسرى الفلسطينيين، وكذلك مصلحة السجون وقضاة الاحتلال.
ويتعرض الطفل القاصر لعمليات تنكيل من قوات "نحشون" المعروفة بمعاملتها السيئة والقاسية للأسرى الفلسطينيين، إذ يجبرونه على المشي، وهو غير قادر، بفعل الرصاصة المستقرة في عاموده الفقري، وكذلك يتم نقله بطريقة قمعية بدون مراعاة وضعه الصحي، ويُجبر على الانتظار لوقت طويل في قاعات المحاكم رغم حاجته للعلاج.
ويروي سامر الريماوي، والد الطفل الأسير، لـ"العربي الجديد"، معاناة ابنه الذي أصيب في 18 فبراير/شباط الماضي برفقة زميله في المدرسة الطفل أيهم صباح، في متجر "رامي ليفي" التجاري في تجمع مستوطنات "بنيامين" القريبة من مدينة رام الله، مكان تنفيذ عملية طعن لمستوطن وجندي إسرائيلي.
وبحسب الوالد المتمسك بأمل تدخل المؤسسات الدولية لإنقاذ طفله من الشلل، فإن عمر توجه كالمعتاد إلى مدرسته بشكل طبيعي، والتزم بالدوام بشكل كامل، قبل أن يتوجه مع صديقه أيهم إلى المتجر المذكور لشراء حذاء وبعض الملابس، استعداداً لتكريمهما مع رفيق ثالث، كونهم الأوائل المتفوقين في المدرسة.
لا يصدق الوالد رواية الاحتلال رغم عملية الطعن التي حدثت، ويشكك فيها ويقول لـ"العربي الجديد": "نحن لا نعرف ظروف الحادثة، وما الذي دفع طفلين متفوقين إلى تنفيذ تلك العملية، لكن قد يكونا تعرضا لاستفزاز من قبل المستوطنين أو جنود الاحتلال، ثمة جزء لم يظهر في فيديوهات الاحتلال التي نشرت عن العملية".
ويشير إلى أن عدة رصاصات أطلقت على الجزء العلوي من جسد عمر، مؤكداً أن ثمة نية لتصفيته من قبل جنود الاحتلال الذي "حقق معه هناك وسجلت له إفادات". ويتابع الوالد أنه يجهل الكثير من المعلومات عن وضع ابنه الصحي، لقلة التقارير الصادرة عن الاحتلال.
وتابع: "دخل عمر قسم العناية المكثفة في مشفى هداسا عين كارم بمدينة القدس المحتلة، ومكث فيه خمسة أيام، وبعد خروجه تم التحقيق معه وتسجيل إفاداته من دون وجود المحامي، ومن دون مراعاة وضعه الصحي الخطير".
تحاول سلطات الاحتلال عقاب الطفل القاصر، الذي نقل بعد العملية التي أجراها في المستشفى لاستخراج رصاصة من يده اليمنى إلى محكمة سجن عوفر غرب رام الله على السرير، وأجلت المحكمة لأسبوعين وعاد إليها على كرسي متحرك.
وفقد عمر، بحسب والده، قدرته على تحريك يده وقدميه، ويشتكي كثيراً من الإهمال الطبي له، واستهزاء مصلحة السجون من وضعه الصحي، ويقبع الآن في عيادة سجن الرملة في ظروف علاجية يجهلها الوالد، تقتصر على بعض الأدوية والمسكنات.
للوالد مطلب وحيد من المؤسسات الحقوقية الفلسطينية والدولية هو التدخل العاجل والفوري، وإرسال طبيب يعاين ابنه، ويقدم تقريراً طبياً قبل فوات الأوان، لا سيما أن مستشفى "هداسا عين كارم" التابع للاحتلال أوصى بضرورة تقديم العلاج الفيزيائي الفوري والعاجل لعمر، قبل أن يصاب بالشلل التام.
في منزل عمر، ما زال "الجاكيت" الذي اشتراه لارتدائه يوم التكريم الذي لم يأت في انتظاره، بينما تتمسك العائلة بطفلها الخلوق والمرح وصاحب العلاقات الاجتماعية الجيدة ببصيص أمل بأن لا يفقد نجلها صحته ولا حريته.