ونشرت صفحة "ثورة التعليم الفاسد"، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إجابات أسئلة مادة الأحياء الدور الأول علمي للثانوية الأزهرية. وكانت الصفحة قد نشرت صورة من امتحان مادة الأحياء الثانوية الأزهرية بعد مرور ساعة على بدء اللجان.
وسبق لصفحات الغش نشر جميع امتحانات الثانوية الأزهرية. فقد جرى تسريب امتحان القرآن الكريم والفقه والتاريخ ومادة الحديث والمنطق، بالإضافة إلى اللغة الإنجليزية والفيزياء والجبر والهندسة.
ويؤدي هذا العام 160 ألف تلميذ وتلميذة امتحانات الشهادة الثانوية الأزهرية بكلّ أقسامها في 582 لجنة مركزية.
من جهته، قال مدير (أدمن)، صفحة "شاو مينج بيغشش ثانوية عامة": "لدينا امتحانات الفيزياء وعلم النفس وسنتابع". كما نشرت الصفحة صورة لنقل أوراق إجابات امتحانات الثانوية العامة داخل "توك توك" مع تعليق: "الامتحان وهو آتٍ في توكتوك".
واعتذرت الصفحة للطلاب: "آسفون على كل ما حصل منّا، سواء أكان صائباً أم خاطئاً في حق الدولة أو التلاميذ". وطالبت بتقديم اقتراحات لتغيير مسارها. بينما رفض التلاميذ ذلك وطالبوا "شاومينج" بالاستمرار في التغشيش. وجاءت تعليقاتهم من قبيل: "حسبي الله ونعم الوكيل"، و"هل ستتركنا في أصعب مادة؟"، و"نريد بقية الامتحانات!!".
في غضون ذلك، قال وزير التربية والتعليم، الهلالي الشربيني، إنّ الوزارة رصدت 26 موقعاً إلكترونياً هددت بتسريب امتحانات الثانوية العامة قبل بدايتها وأبلغت الجهات المختصة بها. وأضاف الوزير، أمام اجتماع لجنة التعليم في مجلس النواب: "لقد أجرينا دراسة أثبتت صعوبة منع الغش الإلكتروني بشكل كامل، وطلبنا قطع الإنترنت قبل الامتحانات بساعة وبعدها بساعة، لكن فوجئنا بأنه ضد الدستور والقانون، كما طلبنا التشويش على الفصول (التي تجري فيها الامتحانات) وفوجئنا بأنّ الكلفة تصل إلى 150 مليون جنيه".
وكان نواب طالبوا، في بيان عاجل تقدموا به لرئيس مجلس النواب، باستدعاء وزير التربية والتعليم لاستجوابه عن واقعة تسريب امتحانات الثانوية العامة.
وأعلنت وزارة الداخلية القبض على عدة أشخاص قالت إنّهم يديرون صفحة عبر موقع "فيسبوك" تقوم بتسريب أسئلة وإجابات امتحانات الثانوية العامة والأزهرية.
بدورها، قررت النيابة حبس 12 مسؤولاً في وزارة التربية والتعليم على ذمة التحقيقات على خلفية واقعة تسريب الامتحانات. كما قررت النيابة الإدارية فتح تحقيق عاجل في الواقعة.
وقرر مجلس الوزراء، يوم الأربعاء الماضي، تشكيل لجنة تضم ممثلين عن وزارات الدفاع والعدل والتربية والتعليم والداخلية لبحث إجراءات تغيير أسلوب تداول أسئلة وأجوبة امتحانات الثانوية العامة.
تشويش
بالعودة إلى اعتراف الشربيني بمطالبته أجهزة الدولة بإيقاف الانترنت، أو إقفال "فيسبوك" لمدة ساعتين خلال أيام امتحانات الثانوية العامة، ساعة قبل بدء الامتحان، وأخرى أثناءه، لمواجهة ظاهرة تسريب الامتحانات والغش الجماعي، فإنّ مجلس الوزراء اعترض على ذلك لمخالفته نصوص الدستور والقانون.
وطالب الشربيني، خلال رده على طلبات إحاطة تقدم بها نواب البرلمان، اليوم السبت، بسن تشريع يتيح التشويش داخل اللجان لمنع الغش الالكتروني، قائلًا: "لن نستطيع مواجهة التكنولوجيا الحديثة التي يستخدمها الطلاب من دون تشويش على المدرسة بالكامل". وهو ما ترفضه الأجهزة المعنية، بعدما تبيّن أنّ "التشويش على الفصول فقط سيكلف الدولة 150 مليون جنيه، ولن يغطي سوى 40 أو 50 في المائة من محيط المدرسة".
ولفت الشربيني إلى صعوبة حصر المسؤولين عن تسريب الامتحانات لمشاركة أكثر من 80 ألف موظف وعامل، ما بين واضعي الامتحانات والمسؤولين عن المطابع والرقابة، ونقلها إلى المحافظات، ورؤساء اللجان. واستدرك أنّ هؤلاء جميعاً فحصوا أمنياً من خلال الأجهزة الأمنية والرقابية.
وسرد الشربيني الإجراءات التي اتبعتها وزارته لمواجهة الغش الإلكتروني، وبدأت منذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي بعقد مسؤولي وزارة التعليم ستة اجتماعات مع مسؤولين في وزارة الاتصالات والجهات المعنية والشركات المحلية المتخصصة في كشف التقنيات الحديثة، وانتهت إلى عدم استطاعة أجهزة الدولة منع ظاهرة التسريب بشكل كامل.
وأشار إلى تسليمه تقريرا لمجلس الوزراء قبل الامتحانات بشهر كامل، نتيجة للقاءات تنسيقة تمت بين وزارة التعليم ووزارة الداخلية، ومباحث مكافحة الانترنت، انتهت إلى رصد 26 موقعاً إلكترونياً هددت بتسريب الامتحانات، مع تحذير التلاميذ وأولياء الأمور من عقوبة الترويج للغش، والتي تفضي إلى الحبس لثلاث سنوات، وغرامة تصل إلى خمسين ألف جنيه كنوع من الردع.
وتابع أنّ الوزارة رصدت جميع اللجان التي شهدت وقائع غش جماعي أو محاولات اقتحام جماعي في الأعوام الماضية وبلغت 91 لجنة، أُلغيت منها 28 لجنة.
وعرض الشربيني نموذجاً لإحدى كراسات الإجابة، وأوضح أن كلّ رئيس لجنة يوقع مرتين عليها، واحدة على الغلاف، وأخرى على الصفحة الأولى، كي لا يتمكن تلميذ من ادعاء تغيير ورقة إجابته. ونوه إلى تنسيق وزارة التعليم مع وزارة الأوقاف لتخصيص خطبة الجمعة السابقة للامتحانات بالحديث عن تأثيم الغش، ووزارة الكهرباء لعدم قطع الكهرباء أثناء الامتحانات.
وعن واقعة التسريب، قال إنه كان متواجداً في غرفة عمليات الوزارة، ورصد نموذجاً مسرباً لامتحان التربية الدينية، وقطع من نماذج الإجابة لامتحان اللغة العربية على صفحة "شاومينج" على "فيسبوك"، واستدعى اللجنة الفنية والمسؤولين عن المطابع السرية، التي اعترفت بصحة النماذج المسربة، وتطابق المحتوى.
وأشار إلى إبلاغ رئيس الوزراء، وتقديم بلاغ للنائب العام، وإحالة المسؤولين للتحقيق أمام النيابة، مدعياً أنّ امتحان اللغة الإنجليزية لم يسرب، إلّا بعد بدء الامتحان بنصف ساعة، ما يظهر أنّ التسريب تم بوسيلة الكترونية من داخل اللجان، وتم ضبطه بواسطة مباحث الإنترنت. وبتفتيش التلميذ تبيّن عدم حيازته إلا على بطاقة بنكية (فيزا)، وتبيّن بعد فحصه أنه جهاز إرسال واستقبال.
وتابع: "هذه أشياء نراها لأول مرة. ومنها سماعات الأذن، وساعات اليد التي تُصوّر من خلالها الامتحانات. التلاميذ يستخدمون أجهزة متطورة جداً. ومعظم المدرسين لا يعلمون شيئاً عنها". وأشار إلى أنّه "لا يمكن القول إنّ وقائع التسريب أو الغش ممنهجة، لأنّ عملية طباعة الامتحان الواحد تستغرق يومين كاملين، إضافة إلى يومين آخرين لنقلها إلى المحافظات المختلفة".
وشدد على أنّه لا بدّ أن يكون امتحان الثانوية أحد سبل دخول الجامعة، وليس السبيل الوحيد. ولفت إلى تشكيل لجنة من وزرات الدفاع والداخلية والعدل لوضع آليات جديدة لعملية تداول ونقل الامتحانات بدءاً من العام المقبل.
واختتم الوزير أنّ الزيادات السكانية ستعمل على زيادة الكثافة الطلابية داخل الفصول المدرسية. وقال إنّ المطلوب من الدولة بناء 85 ألف فصل دراسي خلال عامين، في ظل وجود مشكلة عدم توافر الأراضي التي تبنى عليها المدارس.