قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، إنّ ملايين الأطفال حالياً يعانون من سوء التغذية، بيد أن الصورة تتغير. ففي حين أخذ عدد الأطفال الذين يعانون من التقزّم يتناقص في جميع القارات ما عدا أفريقيا، باتت زيادة الوزن والسُمنة يتزايدان في كل قارة، بما في ذلك أفريقيا، وبمعدل سريع.
وكشفت أنه على مستوى العالم، يعاني ما لا يقل عن نصف الأطفال دون سن الخامسة من الجوع المستتر، المتمثل في نقص المغذيات الأساسية التي تظل غالباً غير ملحوظة إلى أن يصبح الأمر متأخراً جداً.
وذكرت في تقرير لها رصدت فيه "الوجه المتغير لسوء التغذية"، اليوم الأربعاء، أن طفلا واحدا من بين ثلاثة دون الخامسة من العمر في العالم لا يتغذى كما ينبغي لضمان نموه بشكل سليم ويعاني إما من نقص في التغذية أو من زيادة في الوزن.
وأوضحت أنّ هذه الأشكال الثلاثة لسوء التغذية – نقص التغذية، والجوع المستتر، وزيادة الوزن – تتواجد معاً في وقتٍ واحد في العديد من البلدان، وحتى ضمن الأسرة المعيشية الواحدة. وهذا يعني أن بلداً ما قد يواجه تحدي معالجة المعدلات العالية للتقزّم، ونقص المغذيات الدقيقة، والسُمنة في آنٍ معاً، أو قد تكون هناك أسرة تعاني فيها الأم من زيادة الوزن فيما يعاني الطفل من التقزّم.
وبينت المنظمة أنّ هذه التوجهات تعكس ما بات معروفاً بالعبء الثلاثي لسوء التغذية، وهو عبء يهدد بقاء الأطفال ونموهم وتطورهم، كما يهدد الاقتصادات والمجتمعات. وتوقعت أن يتعاظم هذا العبء، بالنظر لأنه لا يوجد أي بلد حقق تقدماً في تقليص مستويات زيادة الوزن والسُمنة خلال السنوات العشرين الماضية.
وذكر المسؤول عن برنامج التغذية في اليونيسف، فيكتور أغايو، في تصريحات لوكالة الأنباء الفرنسية أن "بلدانا كثيرة كانت تظن أنها تخلصت من مشكلة سوء التغذية، تجد نفسها اليوم في مواجهة مشكلة جديدة واسعة الانتشار".
وتطرقت المنظمة إلى مضاعفات سوء التغذية، لافتة إلى أنه يمكن أن يتسبب بضرر دائم لنمو الطفل وتطوره وعافيته، وضعف الأداء في المدرسة، وذلك بسبب تأثيرات سوء التغذية على تطور الدماغ، ولأن الأرجحية أكبر بأن يمرض الأطفال المصابون بسوء التغذية وأن يتغيبوا عن المدارس. وأشارت إلى أن الجوع المستتر يمكن أن يتسبب بالعمى (نقص فيتامين ألف)، وأن يعيق التعلّم (نقص اليود)، وأن يزيد خطر وفاة الأم أثناء الولادة (نقص الحديد). ويمكن لزيادة الوزن والسُمنة أن يؤديا إلى أمراض خطيرة من قبيل السكري من النوع الثاني وأمراض القلب.
وكشفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة، أنه في العام 2018، كان نحو 227 مليون طفل من أصل 676 مليون طفل دون الخامسة في العالم (أي الثلث تقريبا) يعانون من سوء تغذية أو وزن زائد، في حين كان 340 مليونا (أي نصفهم) يعانون من نقص غذائي.
كما تطرقت إلى مشكل الأغذية غير الصحية، وقالت "يتعرض الأطفال يومياً إلى حجم كبير من تسويق الأغذية غير الصحية. ووجدت دراسة حديثة أجريت في 22 بلداً أنه في مقابل كل إعلان عن أغذية صحية، هناك أربعة إعلانات تروّج الأغذية غير الصحية. ويبلغ هذا التفاوت حجماً أكبر في البلدان المرتفعة الدخل من قبيل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
وتشهد البلدان الأقل دخلاً تزايداً مطرداً أيضاً في استهلاك الأغذية غير الصحية، فما بين عامي 2011 و2016، ازدادت مبيعات الوجبات الجاهزة بنسبة 113 في المائة في الهند، و83 في المائة في فيتنام، و64 في المائة في مصر.
من جهتها، ذكرت هنرييتا فور المديرة التنفيذية لليونيسف في بيان صحافي مرفق بأول حصيلة حول الموضوع بهذه الأهمية تجريها المنظمة الأممية منذ 20 عاما "لا بد لنا من تغيير طريقة تعاملنا مع سوء التغذية. فالأمر لا يقتصر على تقديم طعام كاف للأطفال، بل يقضي في المقام الأول بتوفير تغذية سليمة لهم". لكن نقص التغذية يبقى المشكلة الأساسية وهو يطاول عددا أكبر بأربع مرات من الأطفال الصغار مقارنة بالوزن الزائد.
وصحيح أن عدد الأطفال الذين لا يتلقون ما يكفي من الغذاء بالنسبة إلى حاجاتهم الغذائية قد انخفض انخفاضا كبيرا (بنسبة 40 في المائة بين 1990 و2005)، إلا أن هذه المشكلة لا تزال مستشرية في عدد كبير من البلدان، لا سيما في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وجنوب آسيا.
وأكدت المنظمة أن الأغذية والتغذية الجيدة تشكل أساساً لصحة الأطفال ولتنمية المجتمع ككل، كما أنها حق إنساني أساسي للأطفال. "وثمة مسؤولية جماعية علينا كمجتمعات محلية ووالدين وحكومات وشركات أغذية ومسوّقين ومواطنين عالميين أن نضع احتياجات الأطفال في صميم منظومات الأغذية".
(العربي الجديد، فرانس برس)