بدأ رمضان في مصر أمس، وبدأ معه غياب الموظفين عن المصالح الحكومية. فقد ارتفعت نسبة تغيّب الموظفين إلى أكثر من 60 في المائة في بعض المصالح، خصوصاً الوزارات والهيئات الخدمية التي تتعامل بشكل مباشر مع المواطنين في مختلف المحافظات. وهو ما أدى إلى انزعاج عدد من المواطنين المترددين على تلك المصالح، الذين اتهموا الموظفين بعدم المبالاة.
ورصد الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، وهو جهاز حكومي، تخطّي نسبة الغياب بين العاملين هذا الحدّ خصوصاً في وزارات التربية والتعليم والصحة والقوى العاملة والثقافة والري والتنمية المحلية والبيئة والتضامن الاجتماعي والشباب والرياضة. وأكد الجهاز أنّ درجة الحرارة المرتفعة التي تشهدها البلاد حالياً، كانت وراء غياب الكثير من الموظفين عن العمل مع بداية أول يوم رمضان في شتى القطاعات المختلفة.
خلت الطرقات والممرات في الوزارات والإدارات من الموظفين الذين ينتقلون عادة من مكتب إلى آخر. وبدت المكاتب شبه خالية. كما رصد الجهاز المركزي عدم وجود أي ازدحام اعتيادي في مواقف السيارات ومترو الأنفاق. وكانت حركة النقل شبه هادئة خصوصاً في القاهرة الكبرى.
تقدم الكثير من الموظفين في الجهاز الإداري للدولة بطلبات إجازات مع بداية شهر رمضان ما بين عارضة أو اعتيادية بعضها منذ أسبوع. وذلك رغبة من البعض في الراحة والابتعاد عن حرارة الشمس، وضغط العمل وازدحام المواصلات. بينما يرى البعض الآخر أنها حق قانوني من أرصدة إجازاتهم ليستمتع بها وسط عائلته وأقربائه وأصدقائه خلال شهر الصوم.
تشير اللقاءات التي أجرتها "العربي الجديد" مع عدد من الموظفين إلى انخفاض الإنتاج في معظم المصالح الحكومية خلال شهر رمضان بصفة عامة كلّ عام. وهناك الكثير من الموظفين ممن يؤجلون إجازاتهم السنوية إلى شهر رمضان، حيث يفضلون البقاء في المنزل، خصوصاً المدخنين بسبب عصبيتهم.
يقول عبد الرحيم النوبي وهو موظف في إحدى المصالح الحكومية إنّها لا تعمل كما يجب في رمضان، فتصل طاقة العمل إلى أقل من 50 %، فضلاً عن عصبية الموظفين وأصواتهم المرتفعة تجاه المواطنين، الذين يريدون توقيعاً أو ختماً على ورقة معينة بعد سفرهم عشرات الكيلومترات. يشير إلى أنّ الموظفين يقسمون إجازاتهم خلال شهر رمضان على ثلاث فترات، فهناك من يرغب في أن يحصل على إجازته في الثلث الأول، والبعض في الثلث الثاني، وهناك من يفضل الإجازة في الثلث الأخير، وهو حق قانوني من رصيد إجازاتهم.
ويرى محمد عبد الكريم، وهو موظف، أنّ الدولة تساعد على بطء العمل في الجهاز الإداري للدولة من خلال تخفيض ساعات العمل، حيث يبدأ العمل في الصباح الساعة العاشرة وينتهي الساعة الثانية ظهراً ما يقتل حماسة وحيوية الموظف. وبذلك، يكون التكاسل هو العنوان داخل المصالح الحكومية.
كذلك، تزداد التقارير الطبية في شهر رمضان لمن ليس لهم إجازات، حيث يجلبون تلك التقارير عن طريق الرشاوى أو المعارف للحصول على إجازة خلال الشهر الكريم. وهو ما يشير إليه أحد الأطباء في مستشفى حكومي. يؤكد أنّ المستشفى تلقى قبل بداية رمضان العشرات من التقارير الطبية "المضروبة"، من أجل اعتمادها، خصوصاً أنّ المستشفى الحكومي هو وحده المسؤول عن اعتماد تلك الإجازات المرضية وليس الخاص.
في المقابل، يبدي العديد من النشطاء المصريين رفضهم لاتخاذ الصيام ذريعة للتقصير أو الغياب عن العمل، مطالبين الجميع باحترام القواعد، خصوصاً في رمضان، حتى لا تتعطل مصالح المواطنين. كما يطالبون بمزيد من الرقابة والجولات التفتيشية على الجهات الخدمية خلال ساعات الصيام. ويؤكدون ضرورة سنّ قوانين صارمة لمواجهة التقصير في العمل والغياب من دون أعذار.
وسائل الكسل عديدة
يعدّد الموظف عبد الحميد إبراهيم وسائل الكسل داخل المصالح الحكومية في شهر رمضان. فمن بينها الحضور المتأخر، وتأجيل إنهاء مصالح المواطنين. كما أنّ البعض يقضي في صلاة الظهر وقتاً أكثر من العادة حتى ينهيها مع انتهاء الدوام. كذلك، فالكثير من الموظفين يعتبر نفسه خارج الخدمة خلال الشهر الكريم. وما يساعد في ذلك عدم انضباط المسؤولين أيضاً في وظائف القطاع العام.