يقف المسلمون اليوم الخميس على جبل عرفات يلبّون ويتابعون الطواف والسعي ورمي الجمرات بالتلبية والتهليل وتكبيرات العيد غداً. وكما أن الإسلام يجمع أمماً مختلفة فإنّ موسمه الأكثر قداسة يجمع أبناء جميع تلك الأمم في المشاعر المقدسة التي باتت منذ المنتصف الأول من القرن الماضي تحت إدارة المملكة العربية السعودية.
بذلك، فإنّ السعودية تدير عملية الحج بأكملها وتجنّد في هذا السبيل كلّ طاقتها. وليس أدلّ على اهتمامها البالغ بالموسم الديني والاقتصادي من إنشائها وزارة مخصصة للموسم المقدس وملحقاته هي وزارة الحج والعمرة التي يرأسها في الدورة الحالية الوزير محمد صالح بن طاهر.
لكنّ تلك الأمم التي تتلاقى في مكة المكرمة والمدينة المنورة لا تملك الحرية الكاملة لأداء الركن الخامس في الإسلام، فالمواطنون المسلمون في دول العالم كافة يخضعون لمعادلة تحكم إمكانية سفرهم لأداء الفريضة من عدمه.
الحجّ الذي يجمع موسمه ملايين المسلمين من داخل السعودية وخارجها ليس مفتوحاً لمن رغب فيه، فالسلطات السعودية تحدد حصة كلّ دولة من الدول بقرار أيدته منظمة المؤتمر الإسلامي (منظمة التعاون الإسلامي حالياً) عام 1988 على مستوى وزراء الخارجية. القرار الذي يحمل الرقم "21/ 17 - س" بشأن "التدابير الخاصة بتنظيم وتحديد أعداد الوافدين إلى الأماكن المقدسة لأداء فريضة الحج"، والذي عقد في العاصمة الأردنية عمّان "يؤيد الإجراءات التي ستتخذها المملكة العربية السعودية، والتي تحدد عدد الحجاج بنسبة حاصل تقسيم عدد سكان الدولة على عدد المسلمين في العالم".
مشكلة هذه المعادلة أنّها لم تلحظ الحجاج من خارج إطار دول منظمة التعاون الإسلامي، وهو ما دفع إلى اعتماد معادلة أخرى تشدد عليها تقارير وزارة الحج وتكررها سنة بعد أخرى بردّها إلى قرار وزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي لعام 1987. هذه المعادلة المعتمدة تستهدف المسلمين حصراً في كلّ دولة من الدول سواء من داخل المنظمة أو من خارجها حيث يشكل المسلمون أقليات كبيرة كما هي الحال في الهند، أو متفاوتة في الحجم كما هي الحال في الصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة وغيرها، وهي قائمة على أنّ لكلّ دولة من الحصة السنوية ألف حاج مقابل كلّ مليون مسلم -حصراً- من مواطنيها.
بذلك، يصبح من المنطقي، حين ننظر إلى قائمة أكثر 10 دول إرسالاً لحجاجها إلى مكة المكرمة للعام الجاري، أن تحلّ إندونيسيا، والتي يتجاوز عدد سكانها 263 مليون نسمة 87 في المائة منهم من المسلمين، في المرتبة الأولى بـ221 ألف حاج. تليها باكستان بـ179 ألفاً، فالهند بـ170 ألفاً، وبنغلادش بـ128 ألفاً، ونيجيريا بـ95 ألفاً، وإيران (التي غابت عن موسم الحج عام 2016 بسبب حادثة التدافع في مشعر منى عام 2015 والخلاف مع القيادة السعودية حول تحمل المسؤوليات) بـ86 ألفاً و500 حاج، وتركيا بـ79 ألفاً، ومصر بـ78 ألفاً، والجزائر بـ36 ألفاً، ثم المغرب بـ31 ألف حاج.
اقــرأ أيضاً
على المستوى الرسمي، وعلى الرغم من النسب القائمة، فإنّ أعداد الحجاج لا توافقها في كلّ المواسم، ويتضح ذلك من خلال الاحتجاجات السنوية في كثير من الدول، والتي تتخذ طابع العدوى من دولة إلى أخرى بحسب كلّ موسم، فتجد بعضها راضياً في أحد المواسم ليكون على غير هذه الحال في موسم آخر. العقبة الأكثر وضوحاً في عدم تناسب أعداد الحجاج مع النسبة المعتمدة تتمثل في مشاريع توسعة الحرمين منذ سنوات، والتي تقلص قدرة المشاعر، لا سيما خلال الطواف، على استيعاب الأعداد الهائلة من الحجاج، وهو ما يحتم تقليص حصة الدول من الحجاج بالرغم من قاعدة ألف على كلّ مليون. التقليص، الذي اتخذ قاعدة 20 في المائة على حجاج الخارج، يخضع تطبيقه لخطط وزارة الحج والعمرة السعودية وقد يتفاوت عدد تأشيرات كلّ دولة بين عام وآخر، وهو ما يثير الاحتجاج في بعض الدول، خصوصاً مع مقارنة نفسها بدول أخرى تضم مسلمين أقل ومع ذلك تحظى بعدد أكبر من الحجاج. أحد الأمثلة على ذلك احتجاج دولة الإمارات العربية المتحدة عام 2015 على توزيع السعودية حصص مجلس التعاون لدول الخليج العربي من الحجاج بشكل وصفته بأنّه "غير منطقي". فقد تبين أنّ حصة الإمارات بلغت يومها 6471 حاجاً، بينما بلغت حصة سلطنة عمان 20 ألف حاج، والكويت 7644، والبحرين 5445، وقطر 896 حاجاً. وهو ما دفع متحدثاً باسم المجلس الوطني الاتحادي في الإمارات إلى القول إنّ "التفاوت في نسب الحجاج على المستوى الخليجي لم يراعِ نسبة سكان كلّ دولة، فعدد من الدول حصل على نسبة تفوق النسبة المخصصة للإمارات على الرغم من أنّ عدد سكانها يقل عن عدد سكان الإمارات".
كذلك، فإنّ منع حجاج دولة ما عن المجيء في عام من الأعوام، أو امتناع بعضها، أو عدم قدرة أخرى على إرسال وفود كافية كما هي الحال في دول الحرب، يمنح وزارة الحج السعودية شغوراً إضافياً توزعه بحسب خططها بالذات. ومن التأشيرات كذلك، ما توزعه السعودية على حجاج إضافيين في عدد من البلدان كـ"مكرمة" من عاهل البلاد.
في المقابل، لا يحق لسكان السعودية من مواطنين ومقيمين أن يحجوا متى ما أرادوا، فلهم حصة سنوية من الحج تحلّ في المرتبة الثانية بعد إندونيسيا هذا العام بـ192 ألف حاج. ولو أنّ هذه الحصة لا تلحظ مئات آلاف الحجاج غير المسجلين بل الداخلين إلى الأراضي المقدسة من دون ترخيص، ومعظمهم من السعوديين.
اقــرأ أيضاً
بذلك، فإنّ السعودية تدير عملية الحج بأكملها وتجنّد في هذا السبيل كلّ طاقتها. وليس أدلّ على اهتمامها البالغ بالموسم الديني والاقتصادي من إنشائها وزارة مخصصة للموسم المقدس وملحقاته هي وزارة الحج والعمرة التي يرأسها في الدورة الحالية الوزير محمد صالح بن طاهر.
لكنّ تلك الأمم التي تتلاقى في مكة المكرمة والمدينة المنورة لا تملك الحرية الكاملة لأداء الركن الخامس في الإسلام، فالمواطنون المسلمون في دول العالم كافة يخضعون لمعادلة تحكم إمكانية سفرهم لأداء الفريضة من عدمه.
الحجّ الذي يجمع موسمه ملايين المسلمين من داخل السعودية وخارجها ليس مفتوحاً لمن رغب فيه، فالسلطات السعودية تحدد حصة كلّ دولة من الدول بقرار أيدته منظمة المؤتمر الإسلامي (منظمة التعاون الإسلامي حالياً) عام 1988 على مستوى وزراء الخارجية. القرار الذي يحمل الرقم "21/ 17 - س" بشأن "التدابير الخاصة بتنظيم وتحديد أعداد الوافدين إلى الأماكن المقدسة لأداء فريضة الحج"، والذي عقد في العاصمة الأردنية عمّان "يؤيد الإجراءات التي ستتخذها المملكة العربية السعودية، والتي تحدد عدد الحجاج بنسبة حاصل تقسيم عدد سكان الدولة على عدد المسلمين في العالم".
مشكلة هذه المعادلة أنّها لم تلحظ الحجاج من خارج إطار دول منظمة التعاون الإسلامي، وهو ما دفع إلى اعتماد معادلة أخرى تشدد عليها تقارير وزارة الحج وتكررها سنة بعد أخرى بردّها إلى قرار وزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي لعام 1987. هذه المعادلة المعتمدة تستهدف المسلمين حصراً في كلّ دولة من الدول سواء من داخل المنظمة أو من خارجها حيث يشكل المسلمون أقليات كبيرة كما هي الحال في الهند، أو متفاوتة في الحجم كما هي الحال في الصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة وغيرها، وهي قائمة على أنّ لكلّ دولة من الحصة السنوية ألف حاج مقابل كلّ مليون مسلم -حصراً- من مواطنيها.
بذلك، يصبح من المنطقي، حين ننظر إلى قائمة أكثر 10 دول إرسالاً لحجاجها إلى مكة المكرمة للعام الجاري، أن تحلّ إندونيسيا، والتي يتجاوز عدد سكانها 263 مليون نسمة 87 في المائة منهم من المسلمين، في المرتبة الأولى بـ221 ألف حاج. تليها باكستان بـ179 ألفاً، فالهند بـ170 ألفاً، وبنغلادش بـ128 ألفاً، ونيجيريا بـ95 ألفاً، وإيران (التي غابت عن موسم الحج عام 2016 بسبب حادثة التدافع في مشعر منى عام 2015 والخلاف مع القيادة السعودية حول تحمل المسؤوليات) بـ86 ألفاً و500 حاج، وتركيا بـ79 ألفاً، ومصر بـ78 ألفاً، والجزائر بـ36 ألفاً، ثم المغرب بـ31 ألف حاج.
كذلك، فإنّ منع حجاج دولة ما عن المجيء في عام من الأعوام، أو امتناع بعضها، أو عدم قدرة أخرى على إرسال وفود كافية كما هي الحال في دول الحرب، يمنح وزارة الحج السعودية شغوراً إضافياً توزعه بحسب خططها بالذات. ومن التأشيرات كذلك، ما توزعه السعودية على حجاج إضافيين في عدد من البلدان كـ"مكرمة" من عاهل البلاد.
في المقابل، لا يحق لسكان السعودية من مواطنين ومقيمين أن يحجوا متى ما أرادوا، فلهم حصة سنوية من الحج تحلّ في المرتبة الثانية بعد إندونيسيا هذا العام بـ192 ألف حاج. ولو أنّ هذه الحصة لا تلحظ مئات آلاف الحجاج غير المسجلين بل الداخلين إلى الأراضي المقدسة من دون ترخيص، ومعظمهم من السعوديين.