وأكد الموقعون على العريضة أن مبادرة القاضيين والحقوقي بإعدادهم مشروعا لمكافحة التعذيب، كان ينبغي أن تقابل بالشكر والتقدير، إذ تصب في صالح الدولة والمجتمع، وتعد مبادرة إيجابية يفترض بالدولة والمجلس الأعلى للقضاء الإشادة بها ودعمها، بدلا من ملاحقة أصحابها.
وكانت المجموعة المتحدة عقدت ورشة خبراء في 11 مارس/آذار 2015، لعرض ومناقشة مشروع قانون تم إعداده بمشاركة خبراء قانونيين ومستشارين. وساعد في الإشراف على الصياغة القانونية للمشروع القاضيان هشام رؤوف وعاصم عبد الجبار، للعمل على أن تتلاءم الصياغة مع نصوص الدستور، وتتماشى مع المعايير الدولية، وتتوافق مع التوصيات التي أقرت مصر بقبولها أثناء جلسة الاستعراض الدوري الشامل لملفها الحقوقي أمام مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في 2014.
وبعدما أرسلت المجموعة المتحدة مسودة مشروع القانون إلى وزارات الدولة المعنية، ومنها وزارة العدل، فضلًا عن إرساله لرئاسة الجمهورية، فوجئ القاضيان عاصم عبد الجبار وهشام رؤوف المشاركان في إعداد القانون، بأخبار صحافية تؤكد نقلاً عن مصادر قضائية ندب قاض للتحقيق معهما على خلفية مشاركتهما في إعداد مشروع القانون، وفي ورشة الخبراء التي نظمتها المجموعة المتحدة.
وتوالى التحقيق مع المحامي نجاد البرعي، لعدة جلسات، قبل أن يتم تحديد جلسة 18 يونيو/حزيران، للاستماع لأقوال القاضي هشام رؤوف، وجلسة 19 يونيو/حزيران، للاستماع لنائب رئيس محكمة النقض، المستشار عاصم عبد الجبار.
واعتبر الموقعون أن استمرار التحقيق في هذه القضية يعكس "غياب الإرادة السياسية في مجال الإصلاح القانوني. ففي الوقت الذي يتم التحقيق فيه مع القاضيين هشام رؤوف وعاصم عبد الجبار، والمحامي نجاد البرعي، بسبب مشروع أعدوه لمكافحة التعذيب، نجد أن الكثير من مؤسسات الدولة، مثل وزارة الداخلية، ووزارة الإعلام وغيرها، قد عقدت لقاءات عديدة مع عدة كيانات حقوقية بغض النظر عن شكلها القانوني، لمناقشة مبادرات مثل إصلاح وزارة الداخلية، وإصلاح الإعلام الرسمي وتعديل قوانين الصحافة، بل إن وزارة الداخلية وجهت الدعوة للعديد من المؤسسات الشبيهة بالمجموعة المتحدة، ومسؤولين بها لتدريب قياداتها، ما يوضح هشاشة الاتهامات، ويشير لأسباب غير معلنة للتنكيل بالقاضيين المعروفة مواقفهما ودعمهما لاستقلال السلطة القضائية".
ودعت المنظمات والأحزاب الموقعة، الحكومة المصرية إلى الوقف الفوري لهذه التحقيقات، والتأكيد على أن هذا المسلك في التعامل مع اثنين من قضاة مصر لا يليق ويسيء لأجهزة الدولة ويعطي المزيد من الأدلة على معاداة المطالبين بالإصلاح واحترام حقوق الإنسان في مصر.
وبين الموقعين أحزاب الدستور، والتيار الشعبي (تحت التأسيس)، والعيش والحرية (تحت التأسيس)، والحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، ولجنة الحريات بنقابة الصحافيين المصريين، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، ومركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، ومركز وسائل الاتصال، والجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ونظرة للدراسات النسوية.
كما تضم قائمة الموقعين المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والمرصد المصري للاستشارات والتدريب، ومركز هليوبوليس للتنمية السياسية وأبحاث حقوق الإنسان، ومؤسسة قضايا المرأة المصرية، ومركز الأرض لحقوق الإنسان، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، ومؤسسة الحقانية للحقوق والحريات، والجماعة الوطنية لحقوق الإنسان والقانون، ومجموعة المساعدة القانونية لحقوق الإنسان، والبرنامج العربي لنشطاء حقوق الإنسان، ومركز هشام مبارك للقانون، ومصريون ضد التمييز الديني، ومؤسسة المرأة الجديدة، ومركز الأندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف، ومركز عدالة للحقوق والحريات.
يذكر أن القاضيين المحالين للتحقيق، يعدان من رموز تيار الاستقلال في القضاء المصري، الذي تم التخلص منه ومن رموزه بطرق شتى، لإقصائهم عن الحياة السياسية والسلك القضائي تماما؛ فالمستشار حسام الغرياني، الذي كان رئيسا لمحكمة النقض، ورئيسا لمجلس القضاء الأعلى في مصر، والذي تم انتخابه رئيسا للجمعية التأسيسية لوضع الدستور عام 2012، ممنوع من السفر منذ يناير/كانون الثاني 2014، بموجب حكم من محكمة القضاء الإداري المصرية.
والمستشار محمود الخضيري، الذي استقال من منصبه في 20 سبتمبر/أيلول 2009، بعد 46 عاما من الخدمة، وقبل إحالته للتقاعد بأيام معدودة، يصارع المرض في محبسه بعد الحكم عليه بالسجن 3 سنوات، بعدما وجهت المحكمة له تهمة الاشتراك مع عدد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين في التحريض على تعذيب محام في ميدان التحرير أثناء ثورة 2011.
والأخوان محمود وأحمد مكي، وكان الأول مساعدا لرئيس الجمهورية المعزول، محمد مرسي، والثاني زيرا للعدل في حكومة هشام قنديل، محاصران إلى الآن، بعدد من الاتهامات والبلاغات، ويعيشان في صمت بقرية في محافظة البحيرة، بدلتا مصر.
أما المستشار هشام البسطويسي، الذي ترشح للانتخابات الرئاسية المصرية عام 2012، فقد عاد إلى الكويت ويعمل قاضيا هناك.
وأخيرا المستشار زكريا عبد العزيز، مؤسس حركة "قضاة من أجل مصر"، الذي أُحيل إلى التقاعد على خلفية الاتهامات الموجهة له من المحكمة التأديبية، لاتهامه بالاشتغال بالسياسة، وتحريضه على اقتحام مبنى أمن الدولة في مدينة نصر بالقاهرة، إبان ثورة يناير.