أعربت ثماني منظمات حقوقية مصرية، عن بالغ استنكارها ورفضها الحكمَ الذي أيّدته محكمة النقض المصرية في 24 سبتمبر/أيلول الماضي، والذي يقضي بإعدام 20 شخصًا في حكم نهائي باتٍّ، والمعروف إعلاميا بـ"قضية اقتحام مركز شرطة كرداسة"، التي تعود وقائعها إلى يوم 14 أغسطس/آب 2013 بالتزامن مع أحداث فض اعتصام ميداني رابعة العدوية والنهضة.
وأكدت المنظمات في بيان مشترك، اليوم الإثنين، رفضها عقوبة الإعدام، وتجدد مطلبها بالوقف الفوري لأحكام الإعدام الجماعية، ووقْف تنفيذ ما صدر من أحكام سابقة بالإعدام، وإعادة النظر فيها، وقالت إن هذا "الحكم جاء بعد أيام قليلة من الحكم الصادر عن محكمة جنايات القاهرة في 8 سبتمبر/أيلول، بإعدام 75 شخصًا في القضية المعروفة إعلامياً بقضية فض اعتصام رابعة، والذي وصفته مفوّضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بأنه يحمل إساءة فاضحة لتطبيق أحكام العدالة، وطالبت المتحدثة باسم الاتحاد الأوروبي مصر بإلغائه، فضلا عن البيان الصادر عن ستة من مقرري الأمم المتحدة، مطالبًا مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة والمجتمع الدولي باتخاذ إجراء بشأن أحكام الإعدام في مصر".
وقال البيان المشترك للمنظمات: "تأتي هذه الأحكام ضمن موجة غير مسبوقة وارتفاع مفزع في وتيرة أحكام الإعدام الجماعية الصادرة عن المحاكم المصرية بما فيها محكمة النقض، على خلفية محاكمات تفتقر في معظمها إلى الحد الأدنى من معايير المحاكمات العادلة والنزيهة".
كانت محكمة جنايات الجيزة الدائرة الخامسة برئاسة المستشار محمد ناجي شحاتة، أصدرت حكمها في مايو/أيار 2015، بإعدام 188 شخصًا في قضية كرداسة في مراحل المحاكمة الأولى، وفي 3 فبراير/شباط 2016، ألغت محكمة النقض الحكم، وقضت بإعادة المحاكمة أمام دائرة أخرى بعدما أقرّت بطلان بعض إجراءات المحاكمة وإخلال المحكمة بحقوق الدفاع.
وفي المحاكمة الجديدة، قضت الدائرة 11 برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، في 2 يوليو/تموز 2017، بإعدام 20 متهماً؛ وهو الحكم الذي أيّدته محكمة النقض في 24 سبتمبر/أيلول 2018، لتصبح بذلك الأحكام نهائية باتّة واجبة النفاذ، ويرتفع بها أعداد الأشخاص المنتظر تنفيذ عقوبة الإعدام بحقهم والخاضعين لكافة إجراءات التقاضي لأكثر من 50 شخصًا في قضايا سياسية مختلفة.
ووجهت النيابة للمتهمين اتهامات بقتل 13 فردًا من عناصر الشرطة، بينهم مأمور القسم ونائبه واثنان آخران من الأهالي تصادف وجودهما بالمكان، والشروع في قتل 30 فردًا آخرين من قوة مركز شرطة، وإتلاف مبنى القسم، وحرق عدد من سيارات ومدرعات الشرطة، والتجمهر وحيازة أسلحة وذخيرة، في حين تم اتهام آخرين بالاشتراك بطريق المساعدة مع باقي المتهمين في ارتكاب تلك الجرائم.
وبحسب المحامين: "شابت القضية خروقاتٌ قانونية عدة، منها؛ استجواب المتهمين دون حضور محاميهم داخل منطقة عسكرية، وإجبار عدد منهم على تقديم اعترافات حول واقعة الدعوى، وعدم تمكين المحامين من الاتصال بالمتهمين أثناء التحقيقات والمحاكمة، وعدم تمكينهم من تقديم الدفوع الكافية عن المتهمين، وبطلان إجراءات القبض والتفتيش لعدد من المتهمين".
وقالت المنظمات: "استند الحكم لتحريات أجهزة الأمن مجهولة المصدر دون سواها من أدلة، في ظل شيوع الاتهام وعدم بيان الأدلة تفصيلا، وهي الانتهاكات التي تخلّ بحقوق المتهمين وضمانات المحاكمة العادلة الواجب توافرها، خاصة في القضايا التي تقضي بإهدار الحق في الحياة ويتم الحكم فيها بالإعدام".
وجددت المنظمات الثماني الموقعة على البيان، بالغ استنكارها ورفضها هذا الحكم، وطالبت السلطات المصرية بالتوقف الفوري عن إصدار أحكام الإعدام، ومراجعة مدى اتساق تلك الأحكام مع التوجه العالمي لإلغاء عقوبة الإعدام، والأخذ في الاعتبار المطالبات الدولية والمجتمعية بالتوقف عن إصدار تلك الأحكام وتنفيذها، خاصة في القضايا التي لم يراعِ فيها القضاء المصري حقوق المتهمين في محاكمة عادلة ونزيهة.
المنظمات الموقعة هي مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والجبهة المصرية للحقوق والحريات، وكوميتي فور جيستس، ومركز النديم، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير، والمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والمؤسسة العربية للحقوق المدنية والسياسية- نضال.