"بينما كنت مستلقية على فراشي أتصفح صفحتي على موقع الفيسبوك، انتبهت الى حالتين، إحساسي بالملل وتصفحي الفيسبوك، ليس لأنني أفضله على قراءة كتابي الذي تعلقت به لدرجة العشق، بل هو سلوك سلبي يمنعني عن العديد من أمور أخرى أهم واكثر فائدة ."
هذا ما تضمنه مقال الدكتورة جيسيكا جروجان، في صحيفة "نيويوركير"، الأمريكية، الذي خلصت فيه إلى أن "الفيسبوك هو في الواقع يسلب مني كل الرفاهية في نهاية يوم مزعج.. بعدها حذفت ايقونته من هاتفي". وأضافت "لقد ماتت الفكرة في قراءة ما يعتبر الكمال الظاهري للآخرين، أراه واقعا يجعلنا أشد حزناً".
رأي قد لا يتفق معه صحافي كتب على موقع "بي بي سي" تفاصيل ما نشره العديد من مستخدمي الموقع الأزرق، إذ نقل عن صفحاتهم تعبيرهم عن سعادتهم في الكثير من الأحيان، مضيفاً أن الموقع قد لا يكون وسيلة للتعرف إلى المزيد من الأصدقاء فحسب، بل تبين أنه قد يكون وسيلة للتعرف إلى خليل أو شريك العمر أيضا.
ويوضح "الأمر بسيط، فإن تناقل المعلومات من صديق لآخر قد يوصلها إلى أصدقاء آخرين لا تربطهم صلة ببعضهم، ما يكِون شبكة مترابطة من الأصدقاء قد تصل خيوطها إلى كل أنحاء العالم، ما يفتح المجال للتعارف والحب والزواج أحيانا. وكذا فإن انعراج انتشار التواصل غير المرئي بين الأعضاء قد يجعلك من حيث لا تعلم أحد أصدقاء الرئيس الأمريكي باراك أوباما، او أحد المطلوبين من الانتربول بواسطة صديق مشترك، ما يفسر التعُرج والفرق بين المستوى المعيشي والفكري والسلوكي أحيانا، ما يفسر أيضاً إحساس بعض المستخدمين بالسعادة أكثر من غيرهم، وهذا ليس لأن الفيسبوك ممل، كما تقول جيسيكا، ولكن لأن ظروفنا وحياتنا لا تسير في نفس الاتجاه".
مضمون تافه
ثم ترد جيسيكا، في ما يبدو أنها معركة "فيسبوكية"، لتقول "ليس الكمال ولا الشعبية المتفوقة أو ثروة أصدقائي هو ما يزعجني حقا، فأنا معالجة نفسية، وأعلم كيف أتعايش مع الفوارق والتخلص من أوهامها، كما أنني أحس بالتعقيدات التي يحسها أصدقاء الفيسبوك بين علاقاتهم الاجتماعية المقنعة التي تخفي حقيقة شخصيتهم. ما يزعجني من تصفحي للفيسبوك هو شيء أكثر من الادراك المعرفي لكل هذا وذاك، بل هو المحتوى غير المفهوم والتافه".
وكانت صحيفة "نيويوركر" نشرت في عام 2013 ، العديد من التناقضات من خلال الأبحاث حول السعادة والتعاسة التي يجلبها الفيسبوك لأعضائه. وكتبت ماريا كونيكوفا، والتي كانت المرجع الأساسي الذي استندت إليه دراسة قامت بها جامعة ميسوري بالولايات المتحدة الأمريكية عام 2013، عن حالات السعادة والحزن لدى مستخدمي الفيسبوك من خلال تعابير الوجه أطلقت عليها ماريا "تعابير كهربائية"، موضحة أن الاستجابة الفيسيولوجية المرتبطة بحالة السعادة ترتفع حينما يكون العضو منخرطا في مراسلات أو كتابة موضوع، لكنها تختفي عند التصفح فقط.
وتعود جيسيكا التي تبدو مصممة على طلاقها "الأبدي" للفيسبوك أن التجربة الايجابية للتصفح والانخراط في الأنشطة الفعلية بحد ذاتها تسبب لي الانزعاج ولا ترقى لتجربتي الإيجابية مع كتابي المفضل، بالاضافة إلى أن الإدمان على استعمال الفيسبوك أو أي موقع الكتروني آخر أمر مزعج بالفعل، ولا يقل خطورة عن الادمان على السجائر أو شرب الكحول أو تعاطي المخدرات. إن الفيسبوك يزحف بسرعة البرق داخل حياتنا كالفيروس، ولكن بهدوء وبدون ضرر واضح. يستهلك الكثير من طاقتنا ووقتنا ويعيقنا عن أولويات أخرى مفيدة أكثر.
رأي يبدو أن جيسيكا وجدت من يساندها فيه، إذ أوضحت دراسة نرويجية أخرى حول القياسات التي يتمثل فيها مدمني الموقع الالكتروني فيسبوك ووصفتها كالآتي:
- التفكير في الموقع وخطط التواصل أكثر الاوقات في اليوم .
- ارتفاع زيادة الإلحاح في استعمال الفيسبوك بشكل غريب لدرجة الهوس.
- استعماله لنسيان الهموم اليومية ومصاعب الحياة
- محاولات متكرر في الابتعاد عنه لكن بدون جدوى
- تتغير سلوكيات المستخدم وقد تصبح عدوانية عند محاولة حظره أو منع استعماله.
- التأثير السلبي على العمل والدراسة لمستخدمه جراء زيادة استعماله أوقات أطول.
وختاما تقول جيسيكا: "مع تزايد المنادين بالانتباه لخطر استعمال الفيسبوك، قد نجد من لا يتفق على أن الموقع يتحول لادمان يشكل خطراً على حياتنا وهذه الفكرة تزعجني كثيرا أكثر من انزعاجي من اللامبالاة ووعدم الانتباه لخطر هذه الخيوط المسرطنة" .