احتفلت، نهار اليوم الأحد، جميع الطوائف المسيحيّة من الكنائس الشرقيّة والغربيّة بذكرى أحد الشعانين الذي يحل قبل أسبوع من عيد الفصح المجيد. ويعتبر هذا اليوم ذكرى احتفاليّة لدخول يسوع المسيح إلى مدينة القدس، مُرحّبًا به من قبل الشعب الذي رافقه من خارج أسوار المدينة وحتى داخل المدينة المقدّسة، والتي كانت وما تزال الأهم لدى جميع الديانات السماويّة.
وانضم الآلاف من الحجّاج المسيحيين من كافة أنحاء المعمورة إلى باقي الجماهير الفلسطينيّة التي تأتي من جميع مدن وقرى فلسطين التاريخيّة، إلى المسيرة الاحتفاليّة التي بدأت من كنيسة بيت فاجي اللاتينيّة القريبة من جبل الزيتون في القدس، عبورًا بجبل الزيتون، وقد خُتمت داخل أسوار المدينة القديمة في دير القديسة حنة التابع للبطريركيّة اللاتينيّة قرب باب الأسباط.
بدأ الاحتفال بالطقوس الدينيّة وقراءة إنجيل أحد الشعانين، وترأس الاحتفال كل من المدبّر الرسولي الحالي، الأب بيير باتيستا بيتسابيلا (والذي ينوب عن منصب البطريرك الأورشليمي اللاتيني الذي شغله فؤاد طوال من الأردن الذي تقاعد من منصبه قبل بضعة أشهر)، وحارس الأراضي المقدسة الأب بيير باتون وباقي رجال الدين.
استمرّت المسيرة الاحتفاليّة ما يقارب الساعة ونصف الساعة، مرافقة بالمجموعات العربيّة والأجنبيّة التي شاركت أيضًا في التراتيل والأناشيد الخاصّة بهذه المناسبة الاحتفاليّة مثل "هوشعنا لابن داوود" و"جاءت الجماهير للقاء الرب" وغيرهما.
والجدير بالذكر أن هذه المسيرة السنويّة ابتدأت قبل عشرات السنين ولم تنقطع بتاتًا، والمتغيّر الوحيد هو عدد المشاركين، إذ يتعلّق الأمر بسلطات الاحتلال الإسرائيليّة التي تعطي تصاريح للفلسطينيين القاطنين في شرق فلسطين حسب شروطها، من دون الأخذ بالاعتبار ظروف وطلبات الكنيسة المحليّة الأرثوذكسيّة واللاتينيّة معاً. فتارةََ تعطي تصاريح وتارة تمنعها من دون سبب وتحت حجج أمنيّة.
أحد الكهنة من الكنيسة اللاتينيّة في بيت فاجي، قال ل "العربي الجديد": "إن هذه المسيرة هي مسيرة هامّة للمسيحيين جميعًا، إذ نحتفل بذكرى دخول مخلّصنا يسوع المسيح إلى المدينة المقدّسة بشكلٍ احتفالي شبيه بدخول المنتصرين لأن الشعب استقبله استقبال القائد، وفرش له الطريق بأغصان الزيتون والنخيل كإشارة للنصر".
وأضاف "في يوم واحد تطأ المزارَ في بيت فاجي أقدامُ جميع الحجّاج الذين لا يأتون إليه في سائر أيّام السنة". وتجدر الإشارة إلى أن أعمالَ ترميمٍ طرأت على المزار قبل سنتين، بهدف استقبال الحجّاج الذين يرغبون في قضاء وقت من الصلاة فيه بصورة أفضل.
وتابع: "في عام 1876، عثر أحد الرعاة من البدو بالصدفة، على وحدة متراصة (مونوليت) تعود إلى الزمن البيزنطي وعليها نقش من الحقبة الصليبية. وكان ذلك البناء أشبه بالبيت منه بالكنيسة، إذ لم يكن من الممكن بناء الكنائس أثناء الحقبة العثمانيّة. وأضيفت في وقت لاحق للهيكل، وتابع أعمال الترميم المهندس المعماري بارلوتسي عام 1955. استوحى المهندس بارلوتسي فكرة البرج الذي يعود إلى العصر الوسيط ويقع عند واجهة الكنيسة، من الرسم الصليبي الذي يمثّل دخول يسوع الانتصاريّ إلى مدينة القدس".
وبعد الكلمة الختامية للمدبّر الرسولي، الأب بيير باتيستا بيتسابيلا، انطلقت من دير القدّيسة حنّة، سرايا الكشّافات الفلسطينيّة من القدس والمدن الأخرى بمسيرتها الكشفيّة التقليديّة والمتألّقة والتي جابت أطراف البلدة القديمة، وقدّمت عروضًا كشفيّة مميّزة ومهنيّة للجماهير الغفيرة التي رافقتهم.
وانتهى اليوم الاحتفالي الذي برز فيه الحضور المسيحيّ المشرقيّ في فلسطين رغم الاحتلال، والتحديّات العديدة والظروف المعيشيّة الصعبة منذ سنواتٍ.