أعرب عدد من الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني عن بالغ استيائها ورفضها لمشروع قانون الجمعيات الأهلية، والذي بدأت المناقشات البرلمانية حوله أمس، ووافق البرلمان على مواده الـ89، اليوم وأحاله إلى مجلس الدولة لمراجعة نصوصه.
وقال رئيس البرلمان المصري، علي عبد العال، إن عرض القانون علي مجلس الدولة جاء التزاما بالمادة 190 من الدستور، والمادة 175 من اللائحة الداخلية المنظمة، مشيرا إلى أن مجلس النواب منفتح علي أي تعديلات أو ملاحظات تقدمها الحكومة قبل الموافقة النهائية على القانون.
وأوضحت الأحزاب والمنظمات أسباب رفضها لمشروع القانون في بيان الثلاثاء، حيث "يقضي القانون فعلياً على المجتمع المدني ويحيل أمر إدارته للحكومة والأجهزة الأمنية"، بحسب البيان. كما أدان الموقعون على البيان المشترك، تعامل البرلمان مع المجتمع المدني باعتباره عدوا تحاك الخطط والقوانين السرية للقضاء عليه.وقالت الأحزاب والمنظمات، إن مشروع القانون محل النقاش يتشابه إلى حد كبير مع المشروع الذي سبق أن طرحته الحكومة، ورفضته المنظمات الحقوقية، ونشرته وسائل الإعلام المحلية في سبتمبر/أيلول الماضي، إلا أن مشروع "نواب الشعب" أشد قمعاً وعداء للجمعيات الأهلية ولفكرة التطوع والمبادرات الجماعية، فضلا عن أنه- حال إقراره- سيكون السبب في مذبحة مؤكدة للجمعيات الأهلية العاملة في مجال التنمية والخدمات الاجتماعية المشهرة بالفعل. إذ يتعين عليهم– بموجب القانون- توفيق أوضاعهم وفقاً لنصوصه، التي تتضمن شروطا فضفاضة للتسجيل، منها عدم ممارسة نشاط يتعارض مع الأمن القومي والنظام العام.
وبين الاعتراضات أنه "يفترض أن تبتّ الجهة المختصة (التي لم تحدد بعد) ما إذا كان نشاط الجمعية يتوافق واحتياجات المجتمع وخطط الدولة في التنمية من عدمه، وهو الشرط الذي يمثل عودة صريحة –لقانون الجمعيات الأسبق رقم 32 لسنة 1964 والمعروف بقانون تأميم العمل الأهلي".
وأضاف البيان أنه وعلى غرار مجلس الأمن القومي المنصوص عليه في الدستور، والمسؤول عن تحديد وسائل تأمين البلاد ومواجهة الأزمات والكوارث، نص القانون المقترح على كيان يسمى "الجهاز القومي لتنظيم عمل المنظمات الأجنبية غير الحكومية، مكون من ممثلي 3 جهات أمنية، بالإضافة لممثلي وزارات الخارجية، والعدل، والتعاون الدولي، والوزارة المختصة بالجمعيات، وممثل للبنك المركزي، وآخر عن وحدة مكافحة غسيل الأموال، وعن هيئة الرقابة الإدارية، ويصدر بتشكيله قرار من رئيس الجمهورية".
وبحسب القانون المقترح "يختص هذا الجهاز بالبت في شؤون المنظمات الدولية غير الحكومية وتمويلها وأوجه التعاون بين الجمعيات المصرية وأي جهة أجنبية". واعتبر القانون أن "عدم رد الجهاز على الطلبات المقدمة له خلال 60 يوما يعد بمثابة رفض للطلب، ضاربًا بمبادئ الدستور والمواثيق الدولية التي صادقت عليها مصر عرض الحائط، وذلك في إطار حملة منظمة لمحاربة العمل الأهلي بكل السبل الممكنة، بما في ذلك إعطاء الحق للحكومة في الاعتراض على كل قرارات الجمعية، وترشيحات عضوية مجلس الإدارة، ودورية اجتماعاته"، بحسب البيان.
وأوضح الموقِّعون أن القانون المقدم من "نواب البرلمان" تضمن أيضا عقوبات سالبة للحرية تصل للحبس خمس سنوات، وغرامات مالية تصل لمليون جنيه، حال أجرت الجمعية استطلاعات رأي أو بحوثا ميدانية، أو مارست العمل الأهلي دون التسجيل وفقًا للقانون، أو تعاونت بأي شكل مع أي منظمة دولية، بما في ذلك أجهزة الأمم المتحدة، دون الحصول على الموافقة اللازمة لذلك.
وتابع "لم يكتف القانون بحالة الهوس بعقاب الجمعيات فحسب، بل فرض عقوبة الحبس لمدة لا تزيد عن سنة، على أي جهة حكومية أعطت تصريحا لكيان بمزاولة أي نشاط يدخل ضمن أغراض الجمعيات والمؤسسات الأهلية، بخلاف الجهة الإدارية المختصة، كما اعتبر مشروع القانون مجرد نقل مقر الجمعية دون إخطار الجهة الإدارية جريمة تصل عقوبتها للحبس لمدة سنة. وفي سابقة خطيرة لقانون الجمعيات، اعتبر النص المقترح المسؤول عن الإدارة الفعلية للجمعية مسؤولا جنائيًا أصليًا عن أي إخلال بأعمال الإدارة".
Twitter Post
|
وقال الموقعون على البيان "لقد قطعت الدولة شوطًا بعيدًا في خطتها الهادفة لاستئصال المنظمات الحقوقية الدولية والمصرية، من خلال القضية 173 لسنة 2011 والمعروفة إعلاميًا بقضية التمويل الأجنبي، والتي على خلفيتها تم إغلاق مقار عدد من المنظمات الدولية، ومنعت بعض المنظمات المصرية ومديريها الحاليين والسابقين من السفر ومن التصرف في أموالهم، إلا أن مشروع القانون المقترح سيمهد الطريق للقضاء على العمل الأهلي التنموي والخيري والخدمي، وسيصبح وجود جمعيات التنمية المحلية المنتشرة في القرى والنجوع والتي تقدم خدماتها لسكان تلك المناطق أمرا شبه مستحيل".
ووقع البيان الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، وحزب التحالف الشعبي الاشتراكي، وحزب الدستور، وحزب مصر الحرية، وحزب العيش والحرية- تحت التأسيس، وحزب التيار الشعبي- تحت التأسيس، ومن منظمات المجتمع المدني، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والجماعة الوطنية لحقوق الإنسان والقانون، والجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ومجموعة المساعدة القانونية لحقوق الإنسان، والمرصد المصري للاستشارات والتدريب، ومركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، ومركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف، ومركز عدالة للحقوق والحريات، ومركز هشام مبارك للقانون، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، ومؤسسة المرأة الجديدة، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير، وغيرها.