تصف الأمم المتّحدة الأزمة الإنسانيّة في اليمن بـ "الأزمة المنسيّة". ويمكن أن يشمل هذا الوصف أصحاب البشرة السوداء، الذين يعانون بسبب التمييز في المجتمع. هؤلاء هم الأكثر تأثّراً بالأزمة الإنسانيّة في اليمن، بسبب الوضع الاقتصادي الصعب واقصائهم الذي يزداد يوماً بعد يوم.
هذه الأزمة تترافق مع توقّف عمل المنظّمات التي اعتادت الاهتمام بهذه الفئة ودمجها في المجتمع في مختلف أوجه الحياة الاجتماعية والاقتصادية. ونظراً للظروف المعيشيّة الصعبة، اختارت بعض الأسر النزوح بحثاً عن مساعدات محليّة ودولية، بهدف تحسين أوضاعها، من دون أن يتحقّق ذلك بالضرورة. بالنسبة لآخرين، هؤلاء لا يستحقّون المساعدات الإغاثيّة.
إذاً، يواجه "المنسيّون" تحديات إضافية بالمقارنة مع نازحين آخرين بسبب لون بشرتهم الداكن. ويعتقد أنّهم يتطفلون على المساعدات أو يتنافسون عليها. انتقلت أسرة أحمد سليمان، بالإضافة إلى عشرات الأسر المهمشة، من مدينة صنعاء إلى مدينة خَمِر في محافظة عمران (شمال) منذ عام 2015، بسبب الجوع وانقطاع كافة الخدمات. ووزّعت منظّمات إغاثيّة هذه الأسر مع أسر أخرى نزحت من الحرب للإقامة في القرى المجاورة.
عانت أسرة سليمان من التمييز من قبل القرويّين وغيرها من النازحين، الذين يعتقدون أنّ المساعدات الإغاثية تعنيهم فقط، خصوصاً وأنّهم تضرروا من النزوح، بالإضافة إلى القرويين الذين استضافوا النازحين. ويشير سليمان إلى أن "معظم الأسر النازحة استأجرت بيوتاً. إلّا أنّها تخشى أن تطول إقامتها هناك. سمح لنا فقط ببناء مساكن طينية، أو السكن في الخيام. منعنا من بناء كل ما يتعلق بالصرف الصحي خشية تلوث الأراضي الزراعية، أو مغادرة الأمكنة من دون تسويتها أو إعادتها. هذا ما دفعنا وأسرنا إلى قضاء الحاجة في العراء وتحمّل الأمراض الناتجة عن ذلك".
يشير سليمان إلى أنّ المجتمع المجاور أظهر أنانية في الحصول على الإغاثات. يضيف: "على سبيل المثال، هم يصرّون على تجاوزنا خلال استلام السلال الغذائية، أو المال للسكن وغيرها. ويحاولون إقناعنا بأن المساعدات جاءت من أجلهم في الأساس". ويلفت إلى أن المجتمع المضيف يرفض أن يختار المنسيّون موقع سكن ضمن المنطقة المخصصة للنازحين الفقراء، ويحاولون بشكل غير مباشر جمع كل الأسر المهمّشة في منطقة واحدة.
إلى ذلك، يؤكّد موظّف في مجال الإغاثة في المنطقة حقيقة هذا الإقصاء من قبل السكان والنازحين من مناطق الحرب، ويستنكر عدم إنهاء منظمته هذه الممارسات بحزم، كونها تتحكم بالمساعدات. لكنه يضيف أنّ العاملين قدموا جهوداً طيبة لكن غير مؤثرة لإعلام الجميع بأن حقوق المهمشين من المساعدات لا تختلف عن حقوق الآخرين، وأنه لا يجوز التفرقة بين احتياجات الجميع، كونهم جميعاً تأثروا بالحرب، لكن بطرق مختلفة.
اقــرأ أيضاً
ويُلاحظ أنّ تلك الأسر المقيمة في مدن النزوح مثل مدينة خمر، لا تعاني كثيراً من هذا التمييز نتيجة عدم وجود تنظيم للنازحين من قبل المنظمات أو السكان المحليين. وفي ظل عودة قسم من النازحين إلى مناطقهم بعد استقرارها نسبيّاً، استفادت تلك الأسر وأقامت في مبانٍ غير مكتملة، وتعدّ أفضل من منازل الصفيح في مناطقهم. كما أنّهم يحصلون على إغاثات مختلفة وإن لم تكن كافية.
العائلات المهمّشة التي فضلت البقاء في مناطقها، ما زالت تعاني من وضع معيشي صعب في بيوت الصفيح، أو إلى جوار مكبات النفايات. من جهة أخرى، فإن الإقصاء الذي يتعرّضون إليه يشكّل ضغطاً عليهم من كل النواحي. تجدر الإشارة إلى أن انعدام الخدمات العامة وتوقف عمل المنظمات المحلية وعدم حصول الموظفين على رواتبهم انعكس عليهم بدرجة كبيرة. ولم تعد المستشفيات العامة تقبل معالجتهم بسبب طلبها الرسوم لتغطية نفقاتها التشغيلية، ولم تعد مهنة جمع القناني البلاستيكية مجدية بعدما زاد عدد العاملين وإغلاق معظم مصانع التدوير.
هذه الظروف دفعت مزيداً من النساء والأطفال من المهمشين إلى التسول، بعدما كانت منظمات محليّة تهتم بهم بشكل حصري. وتقول آمنة حسن إنها وابنتها أمضتا عامين في فصول تعليم الكبار لدى منظمة كانت تعرض عليهما مساعدة مالية شهرية. وتوضح لـ "العربي الجديد": "نحن منسيّون من الجميع، وينظر إلينا كمتسولين، علماً أن معظمنا عمل مع السلطة المحلية. اليوم، وفي ظل هذه الظروف الصعبة، لم يعد أحد يهتم بنا".
ويعاني المهمّشون من النسيان نتيجة ضعف خطط التنمية. ولم تقدّم أية جهة يمنية أو دولية إحصائيات عن أعداد أو أوضاع هذه الفئة، التي بلغت نسبة الأمية لديها 90 في المائة، بحسب منظّمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف). ويتركّز غالبيتهم في محيط مدن تعز وعدن وزبيد وصنعاء والحديدة، مع أقلية في ريف الحديدة.
اقــرأ أيضاً
هذه الأزمة تترافق مع توقّف عمل المنظّمات التي اعتادت الاهتمام بهذه الفئة ودمجها في المجتمع في مختلف أوجه الحياة الاجتماعية والاقتصادية. ونظراً للظروف المعيشيّة الصعبة، اختارت بعض الأسر النزوح بحثاً عن مساعدات محليّة ودولية، بهدف تحسين أوضاعها، من دون أن يتحقّق ذلك بالضرورة. بالنسبة لآخرين، هؤلاء لا يستحقّون المساعدات الإغاثيّة.
إذاً، يواجه "المنسيّون" تحديات إضافية بالمقارنة مع نازحين آخرين بسبب لون بشرتهم الداكن. ويعتقد أنّهم يتطفلون على المساعدات أو يتنافسون عليها. انتقلت أسرة أحمد سليمان، بالإضافة إلى عشرات الأسر المهمشة، من مدينة صنعاء إلى مدينة خَمِر في محافظة عمران (شمال) منذ عام 2015، بسبب الجوع وانقطاع كافة الخدمات. ووزّعت منظّمات إغاثيّة هذه الأسر مع أسر أخرى نزحت من الحرب للإقامة في القرى المجاورة.
عانت أسرة سليمان من التمييز من قبل القرويّين وغيرها من النازحين، الذين يعتقدون أنّ المساعدات الإغاثية تعنيهم فقط، خصوصاً وأنّهم تضرروا من النزوح، بالإضافة إلى القرويين الذين استضافوا النازحين. ويشير سليمان إلى أن "معظم الأسر النازحة استأجرت بيوتاً. إلّا أنّها تخشى أن تطول إقامتها هناك. سمح لنا فقط ببناء مساكن طينية، أو السكن في الخيام. منعنا من بناء كل ما يتعلق بالصرف الصحي خشية تلوث الأراضي الزراعية، أو مغادرة الأمكنة من دون تسويتها أو إعادتها. هذا ما دفعنا وأسرنا إلى قضاء الحاجة في العراء وتحمّل الأمراض الناتجة عن ذلك".
يشير سليمان إلى أنّ المجتمع المجاور أظهر أنانية في الحصول على الإغاثات. يضيف: "على سبيل المثال، هم يصرّون على تجاوزنا خلال استلام السلال الغذائية، أو المال للسكن وغيرها. ويحاولون إقناعنا بأن المساعدات جاءت من أجلهم في الأساس". ويلفت إلى أن المجتمع المضيف يرفض أن يختار المنسيّون موقع سكن ضمن المنطقة المخصصة للنازحين الفقراء، ويحاولون بشكل غير مباشر جمع كل الأسر المهمّشة في منطقة واحدة.
إلى ذلك، يؤكّد موظّف في مجال الإغاثة في المنطقة حقيقة هذا الإقصاء من قبل السكان والنازحين من مناطق الحرب، ويستنكر عدم إنهاء منظمته هذه الممارسات بحزم، كونها تتحكم بالمساعدات. لكنه يضيف أنّ العاملين قدموا جهوداً طيبة لكن غير مؤثرة لإعلام الجميع بأن حقوق المهمشين من المساعدات لا تختلف عن حقوق الآخرين، وأنه لا يجوز التفرقة بين احتياجات الجميع، كونهم جميعاً تأثروا بالحرب، لكن بطرق مختلفة.
ويُلاحظ أنّ تلك الأسر المقيمة في مدن النزوح مثل مدينة خمر، لا تعاني كثيراً من هذا التمييز نتيجة عدم وجود تنظيم للنازحين من قبل المنظمات أو السكان المحليين. وفي ظل عودة قسم من النازحين إلى مناطقهم بعد استقرارها نسبيّاً، استفادت تلك الأسر وأقامت في مبانٍ غير مكتملة، وتعدّ أفضل من منازل الصفيح في مناطقهم. كما أنّهم يحصلون على إغاثات مختلفة وإن لم تكن كافية.
العائلات المهمّشة التي فضلت البقاء في مناطقها، ما زالت تعاني من وضع معيشي صعب في بيوت الصفيح، أو إلى جوار مكبات النفايات. من جهة أخرى، فإن الإقصاء الذي يتعرّضون إليه يشكّل ضغطاً عليهم من كل النواحي. تجدر الإشارة إلى أن انعدام الخدمات العامة وتوقف عمل المنظمات المحلية وعدم حصول الموظفين على رواتبهم انعكس عليهم بدرجة كبيرة. ولم تعد المستشفيات العامة تقبل معالجتهم بسبب طلبها الرسوم لتغطية نفقاتها التشغيلية، ولم تعد مهنة جمع القناني البلاستيكية مجدية بعدما زاد عدد العاملين وإغلاق معظم مصانع التدوير.
هذه الظروف دفعت مزيداً من النساء والأطفال من المهمشين إلى التسول، بعدما كانت منظمات محليّة تهتم بهم بشكل حصري. وتقول آمنة حسن إنها وابنتها أمضتا عامين في فصول تعليم الكبار لدى منظمة كانت تعرض عليهما مساعدة مالية شهرية. وتوضح لـ "العربي الجديد": "نحن منسيّون من الجميع، وينظر إلينا كمتسولين، علماً أن معظمنا عمل مع السلطة المحلية. اليوم، وفي ظل هذه الظروف الصعبة، لم يعد أحد يهتم بنا".
ويعاني المهمّشون من النسيان نتيجة ضعف خطط التنمية. ولم تقدّم أية جهة يمنية أو دولية إحصائيات عن أعداد أو أوضاع هذه الفئة، التي بلغت نسبة الأمية لديها 90 في المائة، بحسب منظّمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف). ويتركّز غالبيتهم في محيط مدن تعز وعدن وزبيد وصنعاء والحديدة، مع أقلية في ريف الحديدة.