قبل أن يحمل حفيده سيديا ويتوجّه إلى "مركز الاستطباب للأم والطفل" في العاصمة الموريتانية نواكشوط، كان سيد محمد قد قصد عيادة "البرء" ليعرف أنّ حفيده الذي يبكي من دون انقطاع يعاني من التهاب، فحوّله الطبيب إلى ذلك المستشفى الذي أنشأته الحكومة الموريتانية بهدف تقديم الخدمات الصحية للأمهات والأطفال.
في المستشفى الذي يُعنى بالأمومة والطفولة الواقع شمال شرق نواكشوط، أُبقيَ الطفل للعلاج. وبدأت معاناة سيد محمد، إذ تعذّر عليه العثور على الدواء الذي وُصِف لحفيده، على الرغم من وجود ثلاث صيدليات أمام المستشفى بالإضافة إلى صيدلية المستشفى الداخلية. يخبر: "وجدت نفسي أستعير سيارة أحد أقاربي وأقصد مستودعات أدوية أمام المستشفى العسكري، لكن من دون جدوى. عندها، اقترح عليّ أحد الممرضين البحث في الصيدليات أمام المستشفى المركزي وسط العاصمة. هناك، وجدته أخيراً". لكنّ المفاجأة كانت "أنّ ذلك الدواء لم يكن المطلوب. ارتكب الطبيب خطأ عند كتابة الوصفة الطبية. الدواء الصحيح أيضاً، لم يكن متوفّراً. بالتالي راح الأطباء يبحثون في المستشفى عن بقايا أدوية توزّعها منظمات دولية".
في حين كانت "العربي الجديد" تجول في المستشفى، صادفنا رجلاً يحمل طفلة مصابة بحروق طفيفة. أعلمته الطبيبة الرئيسة في المستشفى أنّ كلّ ما تستطيع فعله هو التشخيص الطبي، قبل أن تحيل الطفلة إلى المستشفى المركزي. فحمل ابنته عائداً إلى سيارته.
عند السؤال عن نقل المستشفى إلى مقرّه الجديد، يقول أحد الممرضين الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، إنّ "القرار أتى عشوائياً وعلى عجل. مقرّ المستشفى كان معداً ليكون محلّ إقامة رئيس الوزراء قبل أن تحوّله الحكومة إلى مقرّ لمستشفى خاص بالأمومة والطفولة، لا يتوفّر على مقومات مستشفى بالمعنى الحقيقي للكلمة. لكنه يجهد بحسب لمعالجة الأطفال والأمهات".
عن عدم توفر الأدوية في صيدلية المستشفى أو الصيدليات المحيطة به، يقول الممرض نفسه إنّ الصيدليات الداخلية في أكثر المستشفيات الموريتانية لا تؤمّن إلا كميات قليلة من الدواء، إذ يُصار إلى تهريب الأدوية أو بيعها خارج المستشفى. أما الصيدليات الأخرى، فهي لتجّار لا يملكون الخبرة، لذلك يجهلون ما هي الأدوية التي يكثر عليها الطلب. لكنّه يشير إلى أنّهم سوف يتغلبون على نقص الدواء في وقت وجيز.
تجدر الإشارة إلى أنّ "مركز الاستطباب للأم والطفل" أنشئ فى عام 2009 كمستشفى تخصّصي في أمراض الأم والطفل، بهدف تخفيف الضغط عن مستشفيات العاصمة.