مع خلو مكة المكرمة من الحجاج، واتجاههم إلى خارجها في مشعر عرفات، في اليوم التاسع من ذي الحجة. وبعد انتهاء مناسك طواف القدوم وسعي الحج، يستقبل البيت العتيق مجموعة أخرى من الزائرين، من النساء اللواتي لم يتسن لهن أداء الحج، خاصةً من سكان مكة المكرمة وجدة والطائف القريبتين منها، إمّا لأداء شعيرة العمرة أو لزيارة البيت الحرام.
عرف كثيراً أن المسجد الحرام في يوم عرفة، وفي وقت انشغال الحجيج في مكة، وانشغال أهالي العاصمة المقدسة من الرجال بخدمتهم، يمتلئ بالعاكفات والطائفات من نساء مكة المكرمة وجدة وأطفالهن، حتى أصبح التواعد بين أفراد العائلة على تناول طعام إفطار عرفة أمراً معروفاً.
ولا غرابة في ذلك، إذ لا يطوي أبعد الراغبين في ذلك من أهالي جدة في اتجاهه نحو بيت الله الحرام أكثر من 100 كيلومتر، أي ما لا يزيد عن مسافة الساعة بالسيارة. ويذكر بندر علي، وهو أحد سائقي سيارات الأجرة في جدة، أنه لا يجد سنوياً في مثل هذا الوقت مجالاً لقضاء يوم عرفة، إلا في توصيل العائلات إلى مكة المكرمة نهاراً ومنها ليلاً.
اقرأ أيضاً: الصحة السعودية: ضربات الشمس أخطر ما يواجه الحجاج
ويقول علي في حديثه لـ"العربي الجديد" إن أكثر أولئك الناس يحجزون أحد مقاعده الثمانية منذ وقت مبكر من ذي الحجة، ما يسهم في ارتفاع أسعار النقل في تلك المناسبة الفضيلة، بين كل من يعملون في الأجرة، خاصة في ظل انشغال أصحاب الحافلات في أعمال الحج بين المشاعر.
من جهته، أكد عبد الله مشرعي، وهو طبيب من أهالي مكة المكرمة لـ"العربي الجديد" أن النساء في أسرته يجتمعن سنوياً في المسجد الحرام لتناول طعام الإفطار عند مغرب يوم عرفة، طمعاً في جمع فضيلة المكان بفضيلة الزمان، ومن ثم يتجهن إلى بيوتهن للتجهيز لاستقبال عيد الأضحى المبارك، والذي يلي ذلك اليوم بيوم واحد، قائلاً "من يسير في المسجد الحرام في ذلك اليوم الفريد من نوعه، سيرى أمواجاً من العباءات السوداء التي ترمز للنساء، فيما يجد القليل من الرجال على غير العادة".
اقرأ أيضاً السعودية: اكتمال التوسعة العام القادم واستقبال 5 ملايين حاج
وأضاف "يكون المسجد الحرام شبه خالٍ في يوم عرفة، إذ يفترض على حجاج بيت الله الحرام أن يكونوا في صعيد عرفات ذلك اليوم، وهذا الأمر يتيح الفرصة للنساء للاستمتاع بالأجواء الروحانية للحرم وتقبيل الحجر الأسود، الأمر الذي يستحيل أو يصعب في أوقات أخرى على مدار العام".
وتعمد السلطات الأمنية في السعودية على عدم السماح بدخول السيارات التي تقل أشخاصاً يرتدون ملابس الإحرام في الساعات الأولى من نهار ذلك اليوم، خشية أن يلتحقوا بالحجاج في صعيد عرفة من دون الحصول على تصريح يسمح بذلك، إلا أنها تبدأ بالسماح لهم شيئاً فشيئاً، كلما مر الوقت واقترب موعد الغروب، حيث لا يصح أن ينضم أي شخص إلى ركب الحجاج بعد ذلك.
اقرأ أيضاً: تغيير كسوة الكعبة فجر يوم عرفة