نازحون سوريون يروون معاناتهم لـ"العربي الجديد"

جلال بكور

avata
جلال بكور
03 فبراير 2020
C84FC258-8CE4-4D8B-9C7F-7CD52156D246
+ الخط -


لم يكن النزوح الأول للسوري أحمد عبد الحميد من بلدته معر شمشة الواقعة في الناحية الشرقية من معرة النعمان، في ريف إدلب شمال غربي سورية، فقد نزح منذ عام 2011 بسبب القصف العشوائي من قوات النظام التي كانت تسيطر على المنطقة القريبة من معسكر وادي الضيف.

فرّ أحمد مع عائلته خوفاً من الموت بقذائف النظام، ونزح إلى قرية تبعد عن قريته قرابة 40 كلم، ليعيش هناك مدّة من الزمن ويعود مرة أخرى إلى مسقط رأسه بعد خروج النظام منها، إلا أن القصف الجوي أجبره مجددا على النزوح.

أحمد يتساءل، من خلال "العربي الجديد"، عن الذنب الذي اقترفه هو وكثيرون ليقوم النظام وحلفاؤه بإجبارهم على النزوح المرة تلو الأخرى، ويقول لا أدري هل نحن محسوبون من البشر أم ماذا؟ ويتابع "نهرب من مكان إلى آخر ورؤوسنا نحو السماء نراقب الطائرات المروحية والحربية التي تقصفنا، في منطقة تشبه ساحة الحرب العالمية".

ويتحدث عن رحلة نزوح طويلة من قرية لأخرى ومن بلدة لأخرى، واضطرارهم إلى المكوث في مكان لتربية الحيوانات، وأماكن في البراري تحت الشجر، مليئة بالحشرات الضارة، مشيرا أيضا إلى سوء المعاملة من قبل بعض أهالي المنطقة الذين يستغلون النازحين من أجل المال.

أما "أمّ خالد"، النازحة أيضا من ريف معرة النعمان الشرقي، تقول لـ"العربي الجديد"، إن أي قصف على المعرة يُعد قصفاً عليها وأي مجزرة كأنها وقعت في منزلها، وبعد فقدان أقاربها بقصف للنظام، بدأت تخاف على أولادها السبعة، ما دفعها إلى النزوح بهم نحو المجهول.

تقول بحرقة، إنها خرجت من المعرة لا تعرف إلى أين تتوجه، وأقامت مع أولادها في العراء تحت الأشجار، ثم أمضت أياماً في منزل أرضه ترابية، حتى توجهت إلى مدينة بنش، وتعيش حاليا في منزل غير مكتمل البناء مع مجموعة أخرى من العائلات النازحة.

وتذكر أن أولادها لم يتمكنوا من الذهاب إلى المدرسة خوفاً من الموت، كما تذكر مدير المدرسة الذي مات بقصف من طيران النظام، كما لم تنس كيف يعاني السوريون من الصعوبة في تأمين لقمة الطعام، داعية السوريين كافة إلى الوقوف مع بعضهم البعض.

وتتمنى "أم خالد" العودة إلى منزلها والعيش فيه وإن كان مهدما، مشيرة إلى أن الجميع خذلهم، وخاصة الدول التي تتاجر بهم وتعتبرهم سلعة.

أما نازحة أخرى من قرية معر شمشة فلم يكن حالها أفضل، إذ سلكت طريق النزوح مجبرة مع طفلتيها، وما يزيد معاناتها أن زوجها بعيد عنها ويعمل خارج سورية.

تحدثت عن عدم استثناء النظام لأي شيء من القصف، لا المدارس ولا المشافي، وعدم تفريقه بين الحجر والشجر، ذلك القصف أجبرهم على المكوث لأسابيع في المغارات والكهوف، إلا أن تقدم النظام أجبرهم أخيرا على الفرار، ليستقر بهم الحال مؤقتا في بنش.

تعيش حاليا عند أقاربها مع طفلتيها، ولا تملك أي إمكانية حتى لشراء ثياب وأغطية لطفليتها.

يشار إلى أن قوات النظام مستمرة منذ شهور في عمليات القصف الجوي والبري، بالتزامن مع التقدم في عدة محاور بمحيط إدلب وريف حلب، مدعومة بالطيران الحربي الروسي.

وبحسب ما أفاد به فريق "منسقو استجابة سورية"، فإن أعداد النازحين من مناطق ريفي إدلب وحلب، خلال الفترة الواقعة بين 16 يناير/كانون الثاني و 2 فبراير/شباط الجاري، بلغت 309,984 شخصا، وذلك بسبب تواصل العمليات العسكرية من النظام السوري وحلفائه.

دلالات

ذات صلة

الصورة
أول مصاب بشلل الأطفال بغزة رفقة أسرته في دير البلح، في 27 أغسطس 2024 (الأناضول)

مجتمع

داخل خيمة صغيرة لا تصلح للسكن، تعيش عائلة عبد الرحمن أبو الجديان مع طفلها البالغ 11 شهراً، وهو أول حالة شلل أطفال في غزة تكتشف منذ بدء الحرب.
الصورة
السيول شردت النازحين (فرانس برس)

مجتمع

تزيد الأمطار الغزيرة والسيول والفيضانات آلام السودانيين المنكوبين أصلاً في ظل الحرب المستمرة منذ إبريل/ نيسان 2023 والنزوح واللجوء.
الصورة
غزة (سعيد جرس/ فرانس برس)

مجتمع

من خلال صناديق المساعدات الإنسانية، وجد الفنان التشكيلي الفلسطيني أحمد مهنا ضالته لتوثيق معاناة المهجرين في غزة الذين أُجبروا على ترك منازلهم.
الصورة
شابان يسخران تخصصهما لعلاج المرضى والجرحى بخيام النازحين في غزة

مجتمع

لم ترحم الحرب الإسرائيلية على غزة، التي دخلت شهرها التاسع، ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث تتضاعف معاناتهم في ظل النزوح المستمر ونقص الاحتياجات الأساسية.
المساهمون