يستعد تلاميذ تونس للعودة إلى المدرسة يوم الإثنين المقبل. وكما في كل عام، يهتم التونسيون بحماية أبنائهم من العنف، وخصوصاً أن العام الماضي شهد 5014 حادثة عنف في المرحلة الإعدادية، من أصل 8500 حادثة في مختلف المراحل، بحسب دراسة أعدتها الإدارة الفرعية للحياة المدرسية في مرحلة التعليم الثانوي. أيضاً، سجلت الإدارة العامة للمرحلة الإعدادية والثانوية التابعة لوزارة التربية، خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الدراسي 2013 ـ 2014، أكثر من مائة حادثة عنف يومياً.
كذلك، شهدت المدارس أكثر من 150 حالة اعتداء من خارج الصرح المدرسي خلال 45 يوما من عام 2012.
من جهتها، رفعت وزارة التربية 1100 دعوى بسبب الاعتداءات على المؤسسات التعليمية والمربين. تشير المواطنة عبيدة يوسف إلى أنها تخشى الاعتداءات المتكررة داخل المدارس، وخصوصاً الاقتحامات من الخارج. وتطالب وزارة التربية بوضع قضية الحماية الأمنية للمدارس في سلم أولوياتها.
ويقول المواطن بشير الصالحي إن حماية المدارس من الاعتداءات لأمر مهم جداً، في ظل التهديدات الإرهابية. يضيف: "يجب الاستعانة بحراس لمنع دخول أي غريب إلى المدرسة".
من جهته، كان وزير التربية ناجي جلول قد أشار إلى أن الوزارة تعتزم انتداب ألف حارس للمؤسسات التربوية، بهدف التصدي للعنف وحمايتها من الاعتداءات والاقتحامات المتكررة. يضيف أن الوزارة تنوي إعداد مشروع قانون يجرّم الاعتداءات على المؤسسات التربوية. ومع عودة نحو مليوني تلميذ إلى أكثر من ستة آلاف مؤسسة تربوية، يرى البعض أن الاستعانة بألف حارس ليس كافياً.
تجدر الإشارة إلى أن العديد من مدارس تونس شهدت إضرابات عن العمل خلال السنوات الماضية، احتجاجاً على الاعتداءات المتكررة على المدرسين، وعدم توفر الأمن والحماية اللازمين داخل المدارس. يقول الكاتب العام للنقابة العامة للتعليم الثانوي الأسعد اليعقوبي إنهم يئسوا من تدخلات الوزارة، لافتاً إلى أن مدارس عدة عانت بسبب الاقتحامات المتكررة، مستذكراً أحد الحوادث، حين دخل غريب واعتدى على تلميذ بالساطور.
اقرأ أيضاً: مدارس تونس من دون مدرّسين
من جهة أخرى، أعلنت نقابة التعليم الأساسي مقاطعة العودة إلى المدارس، وتنظيم إضراب عام على كامل أراضي الجمهورية، بهدف تحقيق مطالب المدرسين. وشهد العام الماضي تحركات عدة من قبل المدرسين الذين عمدوا إلى مقاطعة الدروس والامتحانات وغيرها، ما دفع بالوزارة إلى إنجاح تلاميذ المرحلة الابتدائية في المدارس العامة.
وصدر القرار بعد تعذر إجراء الامتحانات في عدد من المدارس الابتدائية بسبب الإضراب الإداري. يقول كاتب عام نقابة التعليم الأساسي القمودي المستوري لـ "العربي الجديد" إن "المدرسين متمسكون بضرورة تحقيق مطالبهم"، مضيفاً أن القطاع مصرّ على تنظيم تحرّكات أمام الإدارات الجهوية، على أن يكون هناك يوم وطني في إحدى ساحات العاصمة غداً الجمعة، لينظم إضراب عام في 17 و18 من الشهر نفسه.
وتتمثل مطالب المدرسين في تطبيق قرار اتفاقية 20 يونيو/حزيران عام 2014، وتتعلق بالترقيات، بالإضافة إلى المنحة والترقيات الاستثنائية، التي ما زالت على طاولة الحكومة. إلا أن رئاسة الحكومة أكدت أن ما تروّجه أطراف نقابية ليس صحيحاً، علماً أن رئيس الحكومة الحبيب الصيد وقّع في الثالث من سبتمبر/أيلول الجاري على قرار يتعلق بمنحة شهرية لصالح مدرسي التعليم الابتدائي والثانوي.
هذه التهديدات زادت مخاوف الأهالي من تكرار سيناريو العام الماضي. في السياق، تقول حبيبة مختار، وهي أم لطفلين، إن "التلاميذ هم ضحايا الاضطرابات"، آملة ألا تتعطل الدروس هذا العام. فيما يتمنى محمد جلاصي أن يتنازل أحد الطرفين، أكان الوزارة أو النقابة عن مطالبه، حتى لا يؤثر الأمر على التلاميذ، لافتاً إلى أنه كان للعام الماضي تأثير على ابنه، على غرار بقية التلاميذ، حتى إنه يفكر في نقله إلى إحدى المدارس الخاصة، وإن كان ذلك يشكل عبئاً اقتصادياً عليه.
في المقابل، يرى مدرسون أن المطالبة بالحقوق أمر ضروري لإعداد أجيال قادرة على الدفاع عن حقوقها. ويقول المدرس وليد معاوي إننا "أصحاب حق"، وإن كانوا لا يريدون في الوقت نفسه التأثير على مستقبل التلاميذ.
بدوره، يشير المدرس عبد الملك إلى أن الدولة بتعنّتها ورفضها قبول المطالب المشروعة تعطّل سير الأمور، مضيفاً أن تنصلها من المسؤولية ولجوءها إلى إقرار النجاح الآلي للتلاميذ من دون التفكير في إيجاد سبل حوار إيجابي مع النقابة، أدى إلى نقل المشاكل القديمة إلى العام الجديد.
اقرأ أيضاً: تلاميذ تونس بلا امتحانات.. حيرة للعائلات