للمرة الثانية في أقل من شهر، شهدت مدينة حلب، اليوم السبت، فاجعة جديدة، بانهيار مبنى سكني فيها، أدى إلى وفاة من كان فيه. وأوضحت فرق الدفاع المدني التابعة للنظام السوري أنها انتشلت جثث 11 شخصا، ولا يزال البحث مستمرا عن جثث تحت الأنقاض.
أبو أسامة، أحد المواطنين في منطقة صلاح الدين، قال لـ"العربي الجديد": "المبنى في شارع عودة الباص انهار عند الصباح، وأعتقد أن الأهالي الذين فيه كانوا نياماً لذلك لم ينج أحد منهم، كما أن الانهيار كان فجائياً، فلم يكن جزئيا أو ضمن فترة طويلة نسبيا تسمح بدخول الأهالي لإنقاذ من في المبنى".
وأضاف أبو أسامة: "المباني هنا، وفي أغلب أحياء حلب الشعبية، خاصة حي الشعار، عبارة عن طبقات جدرانها الخارجية مبنية من الحجر الأسود، والداخلية مبنية من مواد البناء المعروفة بـ"البلوك"، ولا توجد لهذه المباني دعائم إسمنتية كما هو معهود في المباني الحديثة التي يشرف عليها مهندسون ويستخدم فيها الإسمنت المسلح. وحتى قبل الثورة كانت هذه المباني تتصدع لطبيعة بنائها السيئة نوعا ما، وكان الأهالي يعتمدونها كأسلوب وحيد للبناء، في ظل ارتفاع أسعار البناء والرخص التي تتطلب دفع الرشاوى للبلديات وتكلفتها مرتفعة جدا، ففي عام 2009 كانت كلفة رخصة البناء تقارب نصف ميزانية البناء أو أكثر، كما تتطلب موافقات كثيرة ليس من السهل الحصول عليها".
وفي السادس من شهر يناير/كانون الثاني الماضي، أدى انهيار مبنى في حي الصالحين بمدينة حلب، إلى وفاة سيدة مع زوجها وطفليهما، وأصيب شاب بجروح. وتكررت حادثة مشابهة في حي بستان القصر بانهيار مبنى أدى إلى وفاة شخص على الأقل.
ونفى عمر حلبي أن يكون السبب في انهيار المبنى الكتائب العسكرية المسلحة المعارضة للنظام التي كانت في أحياء حلب، موضحا أن القصف الروسي بالقنابل الارتجاجية والصواريخ إضافة إلى البراميل المتفجرة التي أطلقتها النظام المتفجرة مستهدفة أغلب أحياء حلب الشرقية خلال فترة الحصار والقصف في عام 2016، تسببت في إحداث تصدعات كبيرة في أغلب مباني المدينة.
وقال في تصريح لـ"العربي الجديد": "المبنى في شارع عودة الباص بحي صلاح الدين، هو من بين المباني الكثيرة المتضررة بالقصف والغارات الجوية التي تعرضت لها، ومن الطبيعي مع مرور الوقت تأثر هذه المباني، خاصة مع فصل الشتاء، ما يتسبب في انهيارها ومقتل من فيها".
وبحسب أرقام صادرة عن حكومة النظام السوري، فإن أكثر من 70 في المائة من المباني في أحياء حلب الشرقية متضررة كثيراً، وإن 30 في المائة منها لحقت بها أضرار جسيمة وهي بحاجة إلى إعادة تأهيل لتكون صالحة للسكن.
وشكت زهرة، وهي إحدى سكان الحي، قائلة "يمكن في أي لحظة أن ينهار مبنى آخر في الحي"، مشيرة إلى أن قوات النظام وفرق الدفاع المدني طمأنت الأهالي، مؤكدة عدم وجوب مغادرة مبانيهم.
وقالت زهرة: "حتى في بيوتنا لم نعد آمنين ولا مكان نلجأ إليه. أما موظفو السلامة فلا نشاهدهم إلا عند وقوع الحوادث، لا يعمل أحد منهم على توعية الأهالي أو تقييم الأضرار في المباني ومعرفة أي منها صار معرضا للانهيار".
أما ناهد حوارة، فقالت: "تكلفة ترميم الحكومة لشارع السجن بلغت 200 مليون ليرة سورية، لكنها لو أنفقت هذه التكلفة على ترميم مبان وبيوت في حلب لكانت رممت 200 منزل على الأقل".
وحمّل كثير من أهالي الحيّ مسؤولية انهيار المبنى للحكومة، معتبرين أن عليها القيام بجولات فحص للمباني المتضررة وتحذير سكانها، موضحين أن أحد المهندسين التابعين للنظام أشار إلى أن لا دلائل مسبقة عن قضية انهيار المبنى. كما طالبوا بإجراءات أكثر صرامة لوقاية الناس من هكذا حوادث، مع ضرورة توفير أماكن لسكن من قد يتم إخلاؤهم من المباني المهددة بالانهيار.