قدّر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أنّ 70 في المئة من السكان السوريين لا يحصلون على مياه الشرب المأمونة بصورة منتظمة، بسبب تدمير البنية الأساسية وانقطاع المياه بشكل متزايد. وتزامن التقرير مع حدوث تلوث للمياه في العاصمة السورية دمشق، بعد الأمطار الغزيرة التي تسببت بسيول فيها ملوثة مياه الشرب.
وأضاف: "القضية المهمة التي تؤثر بالدرجة الأولى على المياه في سورية كانت ولا تزال المبيدات الحشرية التي تستخدم بكميات كبيرة دون رقابة، رغم احتوائها على نسب تركيز عالية من الموادّ الشديدة السمّية، وخاصة في المناطق الزراعية في الساحل السوري والجنوب السوري، فضلاً عن باقي المناطق، وهذه المبيدات سريعة الانحلال بالماء وتتسرب للمياه الجوفية بسهولة، وكميات قليلة من هذه الموادّ كافية لإصابة البشر بالسرطان".
وأضاف المصدر: "شبكات المياه في كل المدن والمناطق السورية متضررة حتى قبل عام 2011، وبحاجة إلى صيانة شاملة، وقد بدأ النظام بعمليات استبدال جزئي للشبكات المتضررة فقط منذ بداية عام 2006، لكن ضمن مناطق محدودة فقط".
من ناحيته أكد الموظف السابق في شركة الإنشاءات العسكرية بقطاع محافظة حمص، عمر المحمد (52 عاماً) لـ"العربي الجديد"، أن "نظام الصرف الصحي في سورية كان بدائياً وغير خاضع لمعايير قياسية أو دراسات لحماية مياه الشرب والمياه الجوفية من تسرب مياه الصرف الصحي لها".
وبالنسبة لشركة الإنشاءات العسكرية التي كانت مسؤولة عن مشاريع أنابيب مياه الصرف الصحي في مدينة حمص، بين أنها "كانت تستخدم الأنابيب الإسمنتية دون عزلها، لكون صناعة هذه الأنابيب لا تخضع لمعايير قياسية كجودة الإسمنت والنفوذية للمياه".
وأوضح المحمد، أن الأنابيب كانت تدفن بعمق ثلاثة إلى سبعة أمتار تحت سطح الأرض، وفي حال تضرر أي منها ستتسرب مياه الصرف الصحي مباشرة للمياه الجوفية، ما يتسبب بتلوثها بشكل مباشر.
وأشار إلى أنه في بعض المناطق، كانت أنابيب الصرف الصحي موازية لأنابيب مياه الشرب القديمة المصنوعة من "الاسبستوس"، وهذه الشبكات مضى على بعضها 30 عاماً و90 في المئة منها تضرر، وهي في الأصل تحوي ترسبات وموادّ مسرطنة، وتتسرب إليها مياه الصرف الصحي، ما تسبب بانتشار تلوث المياه في المحافظات السورية كافة.
وقال المهندس سامر سليمان (43 عاماً) المتخصص في شؤون البيئة والمياه لـ"العربي الجديد": "تنقلت بوظيفتي بين عدة مؤسسات مياه في ريف حمص الشمالي وحماة وإدلب، والمشاكل التي تعاني منها شبكة المياه هي ذاتها، الشبكة القديمة متضررة بشكل كبير ومدفونة تحت الأرض لا يمكن رصد أماكن الخلل فيها، والآبار الجوفية بمعظم المناطق تتسرب لها مياه الصرف الصحي، فضلاً عن استخدام كميات غير مدروسة من الموادّ المطهرة للماء كالكلور، الذي يوضع بمحطات الضخ بشكل عشوائي، ويتسبب بأزمة للأهالي".
وأردف سليمان: "ارتكبت مؤسسات المياه الخطأ ذاته مع بدء تمديد الأنابيب البلاستيكية الجديدة لشبكة المياه في مناطق سورية قبل عام 2011، حيث دفنت هذه الشبكات بشكل مباشر على عمق 1.5 إلى 2 متر، ولم يتم وضعها بطريقة تسمح بإجراء كشف دوري لها كأنابيب إسمنتية تسهل عملية كشف الضرر والاستبدال، ما تسبب بالأزمة ذاتها من جديد إذ كانت الأضرار تبقى مدفونة لأجل غير مسمى متسببة بالتلوث".
وتعاني مدن سورية كبرى كدمشق وحمص وحماة وحلب، أزمات في مياه الشرب نتيجة الأعطاب المستمرة في محطات الضخ، التي تغيب عنها ورش الصيانة لسنوات.