لم يسلم أيّ جانب من جوانب الحياة في أفغانستان من الفساد المالي، وهو ما أثبتته تقارير دولية وإحصاءات محلية. ولعلّ الفساد في قطاعَي الصحة والتعليم، له أثر كبير لما في ذلك من تهديد لمستقبل الناشئة ولحياة الناس.
في الآونة الأخيرة، علت الأصوات المندّدة بالفساد في مستشفيات البلاد، بعد منع الأفغان من التوجّه إلى باكستان لتلقّي العلاج فيها. فالسلطات الباكستانية لم تعد تسمح لهؤلاء بعبور الحدود، وفرضت تشديدات على التوجّه إلى أراضيها، الأمر الذي اضطر المرضى إلى التوجه نحو المستشفيات الأفغانية. من هنا، سلّطت وسائل الإعلام الضوء على ما يجري في تلك المستشفيات لتبرز ثغرات كثيرة.
بحسب ما تفيد تقارير إعلامية نشرت أخيراً، فإنّ الفساد في مستشفيات الأقاليم النائية كان وما زال في أعلى المستويات، لكنّ المستغرب هو الفساد في مستشفيات العاصمة كابول. وذكرت التقارير أنّه بالإضافة إلى الغش والتزوير في الأدوية والمعدات الطبية، بات الممرضون والممرضات يتقاضون المال من المرضى في مقابل تقديم العلاجات اللازمة لهم. وقد بُثّت مقاطع صوتية عبر وسائل التواصل الاجتماعي تثبت تقاضي الممرضات والعاملات في بعض المستشفيات المال من المرضى ليتقاسمنه مع المسؤولين.
أدلّة وشهادات
في واحد من تلك التسجيلات، تُسمع ممرضة وهي تقول لمسؤولة في مستشفى في العاصمة، إنّها لا تستطيع أن تعطي رئيس المستشفى 20 ألف أفغانية (نحو 300 دولار أميركي) كل شهر، إذ إنّها لا تستطيع الحصول على أموال منهم. أمّا المسؤولة، فتُسمع وهي تلحّ على طلبها وتقول إنّ الممرضات جميعهنّ يعطينَ المبلغ نفسه للرئيس، وتجبرها بالتالي على تقاضي المبلغ من المرضى لها وللرئيس.
اقــرأ أيضاً
في السياق، تقول نذيره بي بي، وهي ممرضة في مستشفى حكومي في منطقة أرزان قيمت في ضواحي العاصمة كابول، إنّ "تقاضي المال من المرضى أصعب عمل. لكنّنا نضطر أحياناً إلى ذلك، إذ لا بدّ لنا من تخصيص مبلغ من المال للمسؤول سواء شئنا أم أبينا". تضيف أنّ "تعيين رؤساء المستشفيات يكون كذلك من خلال تقديم المال والرشاوى. بالتالي، هم يكسبون المال الذي يدفعونه للحصول على الوظيفة، والمواطن هو الذي يدفع الثمن".
على الرغم من أنّ وسائل إعلام رفعت صوتها ضدّ مسؤول في أحد المستشفيات في منطقة أحمد شاه مينه، في ضواحي كابول، وقدّمت وثائق تثبت ضلوعه في الغش والتزوير في الأدوية بالإضافة إلى تقاضي المال من المرضى، إلا أنّ الحكومة لم تحرّك ساكنا إزاءه. فالرجل مؤثّر لدى الحكومة، وثمّة من يدعمه من كبار المسؤولين في إدارة الرئيس التنفيذي للحكومة.
تجدر الإشارة إلى أنّ الممرضين والمسؤولين ليسوا وحدهم الذين يتقاضون المال من الناس، بل الحراس كذلك يحصلون على نصيبهم، وذلك كمكافأة لتعجيل دخول مرضى إلى المعاينات، على حساب مرضى آخرين.
سمير الله، من سكان منطقة أحمد شاه بابا مينه، يقول إنّ "الفساد مستشرٍ في كل مفاصل مستشفيات كابول. ورئيس المستشفى الحكومي هناك وبعض الأطباء والممرضات بأكثرهم وكذلك الحراس، يتقاضون المال من الناس بذريعة أو بأخرى". ويخبر أنّ زوجته وضعت طفلاً في المستشفى الحكومي، "وقد صرفت مالاً كثيراً، على الرغم من أنّه مستشفى حكومي. وذلك لأنّ كلّ واحدة من الممرضات حصلت على نصيبها، كذلك الحراس والعاملون في المستشفى".
ويشير إلى أنّ "أدوية كثيرة متوفّرة داخل المستشفى، يدّخرها الأطباء لأنفسهم، حتى يبيعونها في السوق، ومن ثمّ يطلبون من المرضى شراءها من السوق". يضيف أنّه "في بعض الأحيان، يحضر المرضى الأدوية من السوق، ليدّخرها الأطباء لصالحهم، في حين يستخدمون أدوية أخرى بديلة قد يكون تأثيرها أخفّ من مفعول تلك التي أحضرها المريض".
فضائح صيدلانية
أزمة الدواء والغش الذي يطاول المنتجات الصيدلانية، يؤكدهما الدكتور صابر سلطان زاده، وهو طبيب ممارس في كابول. يقول: "كنت أعمل في قسم الأطفال في أحد المستشفيات الخاصة، وكنت أصف الأدوية للمرضى من شركات معروفة ومحترمة، وأعمد إلى التدقيق فيها بعد أن يشتريها المريض". لكنّه واجه مشكلة مع صاحب المستشفى حيث يعمل، إذ إنّ "الصيدلية الوحيدة المعتمدة من قبل المستشفى، كانت تبيع الأدوية التي تنتجها شركات محلية من المعروف أنّها تبيع السموم بدلاً من الدواء". يضيف: "في البداية، حاول صاحب الصيدلية إقناعي بوصف أدوية من شركات خاصة تؤمّنها صيدليته. كذلك دعاني مرّات عدّة إلى مآدب وقدّم لي الهدايا المختلفة"، لكنّ سلطان زاده رفض طلبه، فوصل الأمر إلى نشوء مشكلة بين الطبيب ومسؤول المستشفى، إذ إنّ الأخير "كان يتقاضى ألف دولار أميركي شهرياً من صاحب الصيدلية، ليسمح له ببيع كلّ دواء يحضره". وانتهت القصة بإقالة الطبيب سلطان زاده.
كثيرة هي الحكايات التي تتناول الغشّ في الأدوية في قطاع الصحة الأفغاني. وفي معظم الأحيان، تصنّع شركات باكستانية وإيرانية أدوية خاصة لأفغانستان. وقبل أن ترسل تلك الشركات الأدوية إلى المعنيين الأفغان، تستضيف أطباءً ومسؤولين من المستشفيات الأفغانية وتصرف عليهم مبالغ كبيرة كي يروّج هؤلاء لأدويتها في السوق الأفغاني.
على الرغم من الوعود المتكررة التي أطلقتها الحكومة الأفغانية وتحديداً وزارة الصحة فيها، القائلة بالتصدي للفساد المسجّل في القطاع الصحي، إلا أنّ ما فعلته في هذا المجال من دون جدوى حقيقية.
اقــرأ أيضاً
في الآونة الأخيرة، علت الأصوات المندّدة بالفساد في مستشفيات البلاد، بعد منع الأفغان من التوجّه إلى باكستان لتلقّي العلاج فيها. فالسلطات الباكستانية لم تعد تسمح لهؤلاء بعبور الحدود، وفرضت تشديدات على التوجّه إلى أراضيها، الأمر الذي اضطر المرضى إلى التوجه نحو المستشفيات الأفغانية. من هنا، سلّطت وسائل الإعلام الضوء على ما يجري في تلك المستشفيات لتبرز ثغرات كثيرة.
بحسب ما تفيد تقارير إعلامية نشرت أخيراً، فإنّ الفساد في مستشفيات الأقاليم النائية كان وما زال في أعلى المستويات، لكنّ المستغرب هو الفساد في مستشفيات العاصمة كابول. وذكرت التقارير أنّه بالإضافة إلى الغش والتزوير في الأدوية والمعدات الطبية، بات الممرضون والممرضات يتقاضون المال من المرضى في مقابل تقديم العلاجات اللازمة لهم. وقد بُثّت مقاطع صوتية عبر وسائل التواصل الاجتماعي تثبت تقاضي الممرضات والعاملات في بعض المستشفيات المال من المرضى ليتقاسمنه مع المسؤولين.
أدلّة وشهادات
في واحد من تلك التسجيلات، تُسمع ممرضة وهي تقول لمسؤولة في مستشفى في العاصمة، إنّها لا تستطيع أن تعطي رئيس المستشفى 20 ألف أفغانية (نحو 300 دولار أميركي) كل شهر، إذ إنّها لا تستطيع الحصول على أموال منهم. أمّا المسؤولة، فتُسمع وهي تلحّ على طلبها وتقول إنّ الممرضات جميعهنّ يعطينَ المبلغ نفسه للرئيس، وتجبرها بالتالي على تقاضي المبلغ من المرضى لها وللرئيس.
في السياق، تقول نذيره بي بي، وهي ممرضة في مستشفى حكومي في منطقة أرزان قيمت في ضواحي العاصمة كابول، إنّ "تقاضي المال من المرضى أصعب عمل. لكنّنا نضطر أحياناً إلى ذلك، إذ لا بدّ لنا من تخصيص مبلغ من المال للمسؤول سواء شئنا أم أبينا". تضيف أنّ "تعيين رؤساء المستشفيات يكون كذلك من خلال تقديم المال والرشاوى. بالتالي، هم يكسبون المال الذي يدفعونه للحصول على الوظيفة، والمواطن هو الذي يدفع الثمن".
على الرغم من أنّ وسائل إعلام رفعت صوتها ضدّ مسؤول في أحد المستشفيات في منطقة أحمد شاه مينه، في ضواحي كابول، وقدّمت وثائق تثبت ضلوعه في الغش والتزوير في الأدوية بالإضافة إلى تقاضي المال من المرضى، إلا أنّ الحكومة لم تحرّك ساكنا إزاءه. فالرجل مؤثّر لدى الحكومة، وثمّة من يدعمه من كبار المسؤولين في إدارة الرئيس التنفيذي للحكومة.
تجدر الإشارة إلى أنّ الممرضين والمسؤولين ليسوا وحدهم الذين يتقاضون المال من الناس، بل الحراس كذلك يحصلون على نصيبهم، وذلك كمكافأة لتعجيل دخول مرضى إلى المعاينات، على حساب مرضى آخرين.
سمير الله، من سكان منطقة أحمد شاه بابا مينه، يقول إنّ "الفساد مستشرٍ في كل مفاصل مستشفيات كابول. ورئيس المستشفى الحكومي هناك وبعض الأطباء والممرضات بأكثرهم وكذلك الحراس، يتقاضون المال من الناس بذريعة أو بأخرى". ويخبر أنّ زوجته وضعت طفلاً في المستشفى الحكومي، "وقد صرفت مالاً كثيراً، على الرغم من أنّه مستشفى حكومي. وذلك لأنّ كلّ واحدة من الممرضات حصلت على نصيبها، كذلك الحراس والعاملون في المستشفى".
ويشير إلى أنّ "أدوية كثيرة متوفّرة داخل المستشفى، يدّخرها الأطباء لأنفسهم، حتى يبيعونها في السوق، ومن ثمّ يطلبون من المرضى شراءها من السوق". يضيف أنّه "في بعض الأحيان، يحضر المرضى الأدوية من السوق، ليدّخرها الأطباء لصالحهم، في حين يستخدمون أدوية أخرى بديلة قد يكون تأثيرها أخفّ من مفعول تلك التي أحضرها المريض".
فضائح صيدلانية
أزمة الدواء والغش الذي يطاول المنتجات الصيدلانية، يؤكدهما الدكتور صابر سلطان زاده، وهو طبيب ممارس في كابول. يقول: "كنت أعمل في قسم الأطفال في أحد المستشفيات الخاصة، وكنت أصف الأدوية للمرضى من شركات معروفة ومحترمة، وأعمد إلى التدقيق فيها بعد أن يشتريها المريض". لكنّه واجه مشكلة مع صاحب المستشفى حيث يعمل، إذ إنّ "الصيدلية الوحيدة المعتمدة من قبل المستشفى، كانت تبيع الأدوية التي تنتجها شركات محلية من المعروف أنّها تبيع السموم بدلاً من الدواء". يضيف: "في البداية، حاول صاحب الصيدلية إقناعي بوصف أدوية من شركات خاصة تؤمّنها صيدليته. كذلك دعاني مرّات عدّة إلى مآدب وقدّم لي الهدايا المختلفة"، لكنّ سلطان زاده رفض طلبه، فوصل الأمر إلى نشوء مشكلة بين الطبيب ومسؤول المستشفى، إذ إنّ الأخير "كان يتقاضى ألف دولار أميركي شهرياً من صاحب الصيدلية، ليسمح له ببيع كلّ دواء يحضره". وانتهت القصة بإقالة الطبيب سلطان زاده.
كثيرة هي الحكايات التي تتناول الغشّ في الأدوية في قطاع الصحة الأفغاني. وفي معظم الأحيان، تصنّع شركات باكستانية وإيرانية أدوية خاصة لأفغانستان. وقبل أن ترسل تلك الشركات الأدوية إلى المعنيين الأفغان، تستضيف أطباءً ومسؤولين من المستشفيات الأفغانية وتصرف عليهم مبالغ كبيرة كي يروّج هؤلاء لأدويتها في السوق الأفغاني.
على الرغم من الوعود المتكررة التي أطلقتها الحكومة الأفغانية وتحديداً وزارة الصحة فيها، القائلة بالتصدي للفساد المسجّل في القطاع الصحي، إلا أنّ ما فعلته في هذا المجال من دون جدوى حقيقية.