لا ماء ولا كهرباء، كل شيء هنا ممنوع كون القرية وقعت ضمن أطماع المستوطنين وسلطات الاحتلال الإسرائيلي، وبات مخنوقة بفعل تلك الإجراءات والممارسات التي تتعرض لها بشكل يومي للسيطرة عليها وتهجير سكانها.
"جُب الذيب" قرية فلسطينية صغيرة، تعداد سكانها يبلغ نحو 46 عائلة، تقع شرقي مدينة بيت لحم جنوب الضفة الغربية المحتلة، وتتعرض لعشرات الاعتداءات من قبل قطعان المستوطنين للسيطرة عليها، بغرض ربطها بمستوطنات أقامها الاحتلال في شرقي المدينة، أو توسيع المستوطنات على حساب أراضي القرية.
وتمنع سلطات الاحتلال الإسرائيلي أهالي القرية من الحصول على أهم مقومات الحياة، مثل الماء والكهرباء؛ الأمر الذي دفع نحو 21 عائلة إلى الهجرة منها كونهم، كما يقول ممثل اللجان الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان في بيت لحم، حسن بريجية، لـ"العربي الجديد": "لم يستطيعوا العيش بدون ماء وكهرباء".
جب الذيب، بحسب بريجية، قرية تاريخية أثرية يعود عمرها لأكثر من ألف عام، وتقع في البرية الشرقية لمدينة بيت لحم، ويعيش سكانها في بيوت مبنية من الطوب اللبن، ويعتمدون في حياتهم على الزراعة ورعي الأغنام.
ويعتدي قطعان المستوطنين على رعاة الأغنام، ويقومون بمطاردتهم في مراعيهم، إضافة إلى مهاجمة الفلاحين والاعتداء على منازلهم، وكذلك السيطرة على أراضيهم، ويتلقون دعما من وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، والذي يعيش في المربع الاستيطاني الذي يحيط بالقرية.
"المستوطنون يتلقون الدعم من ليبرمان" يقول بريجية، ويضيف: "هم لا يوفرون فرصة للاعتداء على سكان جب الذيب؛ المهمة الأساسية أمامهم هي تهجير السكان وإبعادهم عن المنطقة بغرض ربط المستوطنات الشرقية ببعضها البعض، وكذلك يريدون توسيع المخطط الهيكلي لها على حساب مساحات الأراضي الشاسعة هناك، هم يهاجمون النساء والأطفال وكبار السن والعائلات لتهجيرهم".
ويعاني أهالي القرية كثير من الصعوبات في حياتهم اليومية؛ منها عدم تمكنهم من إدخال المواد الغذائية إلى القرية، وعدم السماح لهم باستصلاح أراضيهم الزراعية، وتفتقر تلك القرية للخدمات الصحية والبيئية، وكذلك عدم توفر محال تجارية، وعدم توفر مواصلات خاصة تقلهم إلى مدينة بيت لحم من أجل العلاج أو التسوق، وغيرها من أمور الحياة.
معظم الأراضي في قرية جب الذيب هي ملكية خاصة، يملك أصحابها الفلسطينيون أوراقا ثبوتية بذلك؛ الأمر الذي دفع نشطاء المقاومة الشعبية في جنوب الضفة الغربية المحتلة، ومنذ أكثر من أسبوعين، لتكثيف أنشطتهم هناك، من خلال إقامة وقفات احتجاجية وتفقدية، وعمليات زراعة الأشجار واستصلاح الأراضي من أجل تعزيز صمود السكان.
ولم تتوقف اعتداءات المستوطنين حتى اليوم، بالأمس القريب، وضعوا بيوتا متنقلة في أراضي القرية في إعلان للسيطرة عليها، وبحسب بريجية، فإن نشطاء المقاومة الشعبية قاموا بالاحتجاج على الأمر قانونياً، كونهم يملكون أوراقا تثبت ملكية الأرض للفلسطينيين، وفي حال لم يساعدهم القانون سيتوجهون إلى التحرك الميداني وإزالة تلك البيوت المتنقلة.
ويرغب المستوطنون الذين يعيشون في أربع مستوطنات شرقي مدينة بيت لحم، بشتى الطرق في السيطرة على أراضي القرية التي تعتبر مهمة جدا لمربعهم الاستيطاني، وسعوا لتحويل جزء منها إلى بؤرة استيطانية عبر تلك البيوت، لكن نشطاء المقاومة الشعبية أكدوا لـ"العربي الجديد"، أن هذه البؤرة لن تبقى في مكانها، فالأرض فلسطينية.