الحصول على مسكن في الجزائر سبب رئيسي للفرحة، خصوصاً إن جاء بعد سنوات من الانتظار، فـ"السكنة" باللهجة الشعبية هي الحلم والطموح والسعادة لمن عرف التنقل من مسكن إلى مسكن ومن حي إلى حي.
لكنها للأسف ليست نهاية المعاناة، والسبب يعود إلى نوعية السكن، يقول جمال بودالي لـ"العربي الجديد"، إن فرحته لم تدم طويلاً بعد الحصول على مفاتيح الشقة، فأول شيء أقدم على فعله داخلها كان إعادة تهيئة الحمام والمطبخ، معللاً ذلك بأن "هناك غشاً في البناء"، يردد متحسراً، "خسرت الكثير من المال لإعادة تهيئة السكن الجديد".
لم يكن بودالي، المتضرر الوحيد من السكنات التي جهزتها الحكومة في إطار برنامج الوكالة الوطنية لتحسين السكن وتطويره "عدل"، بسبب انعدام المرافق التي سبق للوكالة الحكومية أن أغرت المواطنين بها.
يعيش نور الدين في حي "عين النعجة" بالعاصمة الجزائرية في عمارة من 13 طابقاً، يقول لـ"العربي الجديد": "عند تسجيل الأسماء، ودفع الشطر الأول والثاني من قيمة السكن، وضحت الوكالة أنه عند استلام المستفيد السكن سيدفع كل شهر إيجاراً يترواح بين 11 ألفاً إلى 14 ألف دينار جزائري، حسب عدد غرف الشقة، ويستفيد من مختلف المرافق مثل المساحات الخضراء وأماكن لعب الأطفال، لكن المرافق غير موجودة، والمصاعد متعطلة دائماً".
وامتعض كثيرون عقب تسلم السكنات الإيجارية كونها في أحياء تفتقر إلى متطلبات الحياة اليومية. تقول السيدة نصيرة بوعافية لـ"العربي الجديد"، إنها اشتكت من دفع مصاريف إضافية بخلاف الاتفاق الأول مع الوكالة لتوفر لهم بعض المتطلبات الضرورية، خاصة المصاعد والمساحات الخضراء، فضلاً عن غياب مرافق مثل المستوصف الصحي، وبعد المدارس.
ولفت أحد السكان في حي "الموز" بمقاطعة باب الزوار شرق العاصمة الجزائرية، لـ"العربي الجديد"، إلى أن المستفيد مطالب بدفع إيجار سنة مسبقاً، وهو ما تعذر على كثيرين، خصوصاً ذوي الدخل المحدود، وهو ما أجبر البعض على الاستدانة لتوفير تلك المبالغ التي تتعدى 1200 يورو.
تصريحات حكومية
وتتحدّث الحكومة عن عشرات الإنجازات في ما يتعلق بتوزيع السكن، وتلبية طلبات الآلاف منذ 2012، إذ جهزت برامج سكنية لمحدودي الدخل وذوي الدخل المتوسط، بحسب تصريحات وزير السكن والعمران، عبد المحيد تبون.
لكن الجمعية الجزائرية للمهندسين انتقدت أوضاع بعض الأحياء السكنية، وقال رئيس الجمعية، عبد الحميد بودواد، إن الوزارة تعمل على تلبية الطلب الضخم للسكنات من دون مراعاة لأهمية النسيج العمراني، وتجهيز هذه الأحياء بمختلف ضرورات الحياة، وأهمها المدارس والمراكز الطبية وفضاءات الترفيه والمساحات الخضراء، فضلاً عن توزيع السكنات قبل تجهيز المرافق.
وقال المختص في علم اجتماع العمران، محمد بورايو، لـ"العربي الجديد"، إن الأحياء السكنية الجديدة بعيدة عما يوصف بأنه "السكن الحضري" الذي يتمتع بالوسائل التي تضفي على المكان الراحة.
وتطرق بورايو إلى انتشار الجريمة في بعض الأحياء الجديدة، قائلاً إن من أسبابها انعدام فضاءات الترفيه، إذ يجد الساكن نفسه في "علبة من ثلاث أو أربع غرف، وعند الخروج يقابله الأسمنت فقط".