استفاق المغاربة قبل يومين على صدمة لم يتوقعوها من قبل، عندما بثت وسائل الإعلام صور عشر فتيات، سبعة منهن قاصرات، قالت السلطات الأمنية المختصة إنهن كن يعتزمن القيام بتفجيرات إرهابية داخل المملكة، وإن إحداهن كانت تخطط لتفجير نفسها بحزام ناسف يوم الجمعة المقبل، موعد الانتخابات البرلمانية.
وقالت مصادر قريبة من فتاة عمرها 15 عاماً، تقطن بأحد الأحياء الشعبية بمدينة طنجة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن المفاجأة ألجمت ألسنتهم وألسنة جيران هذه الأسرة التي تتحدر منها الفتاة المعتقلة، باعتبار أنها كانت معروفة بأخلاقها، وسلوكها الحسن، وبأنها كانت منطوية على نفسها في الفترة الأخيرة.
المفاجأة كانت أكبر عندما أكد عبد الحق الخيام، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، يوم أمس، على أنه صدم كثيرا في مجريات التحقيق مع هؤلاء الفتيات القاصرات خصوصا، حيث لم يظهرن أي ندم حيال ما كن يخططن للقيام به، بينما هناك من أعلنَّ زواجهن من مقاتلين في تنظيم "داعش" عبر الشبكة العنكبوتية.
ويبدو أن الفقر والهشاشة الاجتماعية الخيط الناظم الذي يجمع بين النساء والفتيات العشر، 7 قاصرات و3 راشدات ومتزوجات، كونهن يتحدرن من مناطق أو مدن مهمشة، مثل حي "سيدي الطيبي" العشوائي بضواحي القنيطرة، أو أحد الأحياء الشعبية الفقيرة بمدينة سلا، أو الحي الذي اعتقلت فيه القاصر ذات الخمسة عشر عاما في طنجة.
ويرى الدكتور محمد الزهراوي، الخبير في الشأن الديني، أن هناك أسبابا دينية وثقافية وفكرية تقف وراء تجنيد الفتيات من طرف الجماعات الإرهابية، "فالمتشددون يستعملون في استراتيجيتهم قاموسا فكريا وإيديولوجيا مستوحى من التراث الديني الإسلامي، ويوظفون خطابا دينيا تعبويا تحريضيا موجها إلى فئات معينة قصد استقطابها وتجنيدها".
واعتبر الزهراوي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "حالة" التطرف تحمل البصمات المحلية لبيئتها الأصلية التي تظهر وتعمل فيها، بمعنى أن سبب هذه الظاهرة المعقدة قد يكون فكريا أو نفسيا أو سياسيا أو اجتماعيا أو تربويا، وذلك بحسب البيئة والظروف السائدة في كل قُطر.
وتابع المتحدث ذاته بأن التيارات المتشددة تجد في فئة العاطلين والبؤساء والمحرومين، ومن يسكنون في مدن الصفيح أحسن زبائنها، مستدلا بالأحداث الإرهابية التي عرفتها الدار البيضاء في 16 مايو/ أيار 2003، حيث إن المنفذين كانوا يسكنون الأحياء الفقيرة والمهمشة.
وشدّد الزهراوي على أن التطرف والعنف يجدان بيئتهما الخصبة في الفقر والحرمان الموجود في الأحياء العشوائية والهامشية، وأحزمة الفقر التي تحيط بالعديد من المدن المغربية الكبرى، أو في القرى والبوادي النائية المعزولة، حيث تعمل الحركات الدينية المتشددة على استغلال واستثمار هذا الواقع البائس والمناخ الغاضب ونزعة الأفراد للثأر من المجتمع أو الدولة، لنشر أفكارها وأدبياتها المتشددة والتكفيرية.