صّرح وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل عبر مواقع التواصل الاجتماعي بما يلي: "لن نقبل مقايضة إعادة الجنسية اللبنانية للبناني الأصيل بإعطاء الجنسية لفلسطيني وسوري".
تعاطي الدولة اللبنانية مع حق المرأة اللبنانية بمنح الجنسية لزوجها وأولادها في حال تزوجت من غير لبناني يخفي ثلاثة مواقف تشكل مجتمعة وصفة قاتلة لأي مطلب محق.
ذكورية – أبوية حيث تنكر الدولة اللبنانية بأن النساء هن إنسان مستقل قادر على تقرير مصيره. تخشى الدولة اللبنانية من النساء وتمنعهن من الحق باختيار الزوج من أي جنسية (أو من أي ديانة كان). لا ينطبق الأمر بالطبع على الرجل، حيث إن زوجات الرجال اللبنانيين يحصلن على الجنسية اللبنانية بمدة تتفاوت بين سنة وثلاثة سنوات. وهذا تمييز جندري بأبهى حلله.
عنصرية - شوفينية تمت ترجمتها من قبل وزير الخارجية والنهج الثقافي الذي ينطلق منه، حيث إنه بنظر الوزير ثمة جنسيات من فئة أولى وجنسيات من فئات أدنى. ولعل وضع الجنسيتين السورية والفلسطينية ضمن هذه الفئات هي أبرز تعبير عن الفوقية التي يقابلها بالطبع دونية تجاه الجنسيات الأجنبية أو من يحملها (عقدة الرجل الأبيض).
سياسية – طائفية تُرجمت بصورة مبطّنة على اعتبار أن جميع من يحملون الجنسيات الفلسطينية أو السورية هم بشكل تلقائي مسلمون. يهدد هذا الأمر بنظر باسيل ومن ينتهج نهجه شعرة التوازن الديمغرافي في لبنان، جاعلاً من أي شخص أسمر تهديداً للتوازن الطائفي والديمغرافي "الوهمي".
الجنسية من حيث هي جواز مرور المواطنين للحقوق السياسية والمدنية والمستحقات الاجتماعية (تعليم مجاني، صحة مجانية وضمان اجتماعي)، يسعى جاهداً معالي الوزير، دون منحها إلى من يستحقها. ينكر على عائلات النساء اللبنانيات التمتع بحقوق (وإن لم تكن موجودة أصلاً)، إلا أن شروط العيش الكريم واللائق هي حقوق تعد في شرعة حقوق الإنسان "أصيلة" أي لصيقة بالإنسان لا يحق لأي جهة أو شخص حتى نقاشها.
"أسمى" فتاة فلسطينية كان عمرها عشر سنوات حين سألها أحد زملائها في مدرستها المختلطة في أول العام الدراسي من أي منطقة هي. قالت: "أنا من رام الله". فأجابها: "آه والله؟ مش مبيّن عليك!"(لا يظهر الأمر عليك). ابتسمت ولم تعرف بماذا ترد حينها. والدة أسمى امرأة لبنانية متزوجة من فلسطيني وتعيش في لبنان.
في سؤال الطفل ذي السنوات العشر عنصرية مبطّنة. هو ربما لم يكن يعرف معنى العنصرية والتمييز حينها لكن جوابه يخفي ثقافة العنصرية المتغلغلة في مجتمعنا. ما قاله هذا الطفل ليس بعيداً عما قاله باسيل. هي إذاً عنصرية "أصيلة" بوجوه مختلفة.
اقرأ أيضاً: مسؤولة أم ضحية؟