لم يجد بعض الشباب العاطلين من العمل في قطاع غزة غير مهنة صيد العصافير للعيش وإعالة أسرهم. كثيرون اعتادوا ممارسة الصيد كهواية، إلا أن ضيق الخيارات في القطاع دفعهم إلى بيع الطيور لتأمين قوتهم
بعدما ينتهي إسماعيل بهادر (34 عاماً) من أداء صلاة الفجر، يغادر منزله في حي الزيتون شرق مدينة غزة متوجهاً إلى السلك الفاصل في شمال القطاع وشرقه (عن الاحتلال الإسرائيلي)، أملاً في الرزق. يصطحب معه عدة الصيد، وهي عبارة عن قفص ومصيدة وحبال طويلة، ينصبها ثم يبتعد عنها نحو مائة متر بهدف اصطياد الطيور. وتُعدّ مهنة بهادر من المهن الخطيرة التي بدأت تتنامى في غزة مؤخراً في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي تواجه الشباب، علماً أنها محفوفة بالمخاطر. إذ إن طائرات الاستطلاع الإسرائيلية تحوم فوق رؤوس هؤلاء الذين يجازفون بحياتهم للحصول على لقمة العيش.
كان بهادر يعمل نجاراً في منطقة عسقولة الصناعية شرق مدينة غزة. إلا أن الظروف الاقتصادية دفعت المصنع إلى الإغلاق قبل عامين. ولم يكن هذا سهلاً بالنسبة إليه كونه متزوجا وأبا لطفلين. قبل نحو ستة أشهر، كان في سوق الجمعة وسط مدينة غزة في منطقة اليرموك، حين شاهد الطيور التي يتم اصطيادها تباع فيه، ومنها أنواع نادرة ومرغوبة.
هذا المشهد أعاد تذكير بهادر بهوايته، هو الذي كان يحب اصطياد العصافير قرب المزارع شرق مدينة غزة وبين أشجار الزيتون، بهدف التسلية. وأحياناً، كان يبيع بعضها لأصدقائه. بداية، وجد صعوبة في العودة إلى الصيد واتخاذه مهنة، لكنه حاول على مدار شهر واستطاع صيد عشرة عصافير من أنواع مختلفة وثلاثة من أنواع الحمام المرغوب في الأسواق الغزية.
يقول لـ "العربي الجديد": "لا عيب في العمل في أي مهنة بعد اليوم. الناس جائعة في غزة. مرّت عليّ أيام كنت عاجزاً فيها عن توفير الطعام لطفليّ. توجهت إلى صيد الطيور على الرغم من الخطر، إذ يمكن أن يُطلق الرصاص في الهواء لتخويفك أو تفريق الطيور. لكن لا مشكلة، فنحن نواجه الموت في بيوتنا. المهم أن أؤمّن الطعام لأسرتي".
اقــرأ أيضاً
وتعدّ المنطقة الشرقية مع السلك الفاصل من أخطر المناطق في قطاع غزة، في ظل انتشار آليات الاحتلال الإسرائيلي على طول الشريط الفاصل لمنع أي توغل أو اقتراب من الغزيين. كما لا تخلو أجواؤها من طائرات الاستطلاع. وفي الوقت نفسه، تتطلب هذه المهنة معدات صيد متينة وصبراً وجرأة، يقول سمير أنور (27 عاماً). قرّر الأخير العمل في مهنة صيد العصافير التي كان يمارسها كهواية بعدما خسر عمله سائق سيارة أجرة (كان يعمل لحساب صاحب عربة). اعتاد تربية أنواع نادرة من العصافير والطيور على سطح منزله، وقرر منذ ثلاثة أشهر تحويل هوايته إلى مهنة. أحياناً، يتوجه إلى شاطئ بحر النصيرات، أو إلى شرق حدود مخيم البريج وسط القطاع. يقول لـ "العربي الجديد": "يُقبل كثيرون على مهنة الصيد في ظل ارتفاع نسبة البطالة. قضيت شهرين أبحث عن عمل من دون نتيجة. تمنيت أن أكون عامل نظافة، إذ إن مهنة الصيد تحتاج إلى صبر ومصيدة قوية لا تؤذي الطير، عدا عن إخفاء آثار الأدوات لأن الطير يشعر بالخطر مثلنا".
يضيف: "الجنود الإسرائيليون يعرفون أننا نصطاد ونختار المناطق الحدودية لأن الطيور النادرة تقصد المساحات المفتوحة مثل الحدود بحثاً عن ديدان أو حشرات تأكلها. وفي بعض الأحيان، يطلقون الرصاص في الهواء حتى نعود إلى منازلنا".
اقــرأ أيضاً
ويلفت إلى أن من أهم أنواع الطيور التي يصطادها، هي طائر الحسّون الملون ويباع بنحو 60 دولاراً، ويشعر من يصطاده بسعادة كبيرة بسبب سعره المرتفع. أما الأنواع الأخرى مثل الخضير والدرة والقنبرة والبسبس وحمام الفر وحمام القلاب والحمام الإنكليزي وطائر النعار، فيتراوح سعر الطير الواحد منها ما بين 10 إلى 30 دولارا. وفي أحيان كثيرة، يعود الصيادون إلى بيوتهم من دون أي طير.
من جهته، يشرح أحمد الشنار (30 عاماً) أن الصيادين يعتمدون بشكل أساسي على قطعتين من الشباك، و6 أوتاد مثبتة في الأرض و6 أخرى في الجهة المقابلة، وحبل ميزان أبيض اللون يتم ربطه بشكل متين على العصى المثبتة، لجذب انتباه الطيور إضافة إلى وضع ديدان صغيرة أو بعض أنواع الحشرات.
ويلاحظ النشار زيادة نسبة الإقبال على هذه المهنة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، خصوصاً من قبل شبان عاطلين من العمل وعلى معرفة بأنواع الطيور وكيفية بيعها. ويشير إلى أنّ دخول كثيرين هذا المجال لا يزعجه. ويقول لـ "العربي الجديد": "نصطاد الطيور المميزة. نبيع الأنواع البلدية منها بسعر قليل أي ما بين دولارين وخمسة دولارات. لكن من التحديات التي تواجهنا عدم القدرة على بيع ما نصطاده إلا يوم الجمعة في سوق اليرموك، أو نبيعها لبعض المحال التجارية المنتشرة في محافظات القطاع، أو من خلال نشر صورها في فيسبوك للمهتمين بعالم الطيور".
بعدما ينتهي إسماعيل بهادر (34 عاماً) من أداء صلاة الفجر، يغادر منزله في حي الزيتون شرق مدينة غزة متوجهاً إلى السلك الفاصل في شمال القطاع وشرقه (عن الاحتلال الإسرائيلي)، أملاً في الرزق. يصطحب معه عدة الصيد، وهي عبارة عن قفص ومصيدة وحبال طويلة، ينصبها ثم يبتعد عنها نحو مائة متر بهدف اصطياد الطيور. وتُعدّ مهنة بهادر من المهن الخطيرة التي بدأت تتنامى في غزة مؤخراً في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي تواجه الشباب، علماً أنها محفوفة بالمخاطر. إذ إن طائرات الاستطلاع الإسرائيلية تحوم فوق رؤوس هؤلاء الذين يجازفون بحياتهم للحصول على لقمة العيش.
كان بهادر يعمل نجاراً في منطقة عسقولة الصناعية شرق مدينة غزة. إلا أن الظروف الاقتصادية دفعت المصنع إلى الإغلاق قبل عامين. ولم يكن هذا سهلاً بالنسبة إليه كونه متزوجا وأبا لطفلين. قبل نحو ستة أشهر، كان في سوق الجمعة وسط مدينة غزة في منطقة اليرموك، حين شاهد الطيور التي يتم اصطيادها تباع فيه، ومنها أنواع نادرة ومرغوبة.
هذا المشهد أعاد تذكير بهادر بهوايته، هو الذي كان يحب اصطياد العصافير قرب المزارع شرق مدينة غزة وبين أشجار الزيتون، بهدف التسلية. وأحياناً، كان يبيع بعضها لأصدقائه. بداية، وجد صعوبة في العودة إلى الصيد واتخاذه مهنة، لكنه حاول على مدار شهر واستطاع صيد عشرة عصافير من أنواع مختلفة وثلاثة من أنواع الحمام المرغوب في الأسواق الغزية.
يقول لـ "العربي الجديد": "لا عيب في العمل في أي مهنة بعد اليوم. الناس جائعة في غزة. مرّت عليّ أيام كنت عاجزاً فيها عن توفير الطعام لطفليّ. توجهت إلى صيد الطيور على الرغم من الخطر، إذ يمكن أن يُطلق الرصاص في الهواء لتخويفك أو تفريق الطيور. لكن لا مشكلة، فنحن نواجه الموت في بيوتنا. المهم أن أؤمّن الطعام لأسرتي".
وتعدّ المنطقة الشرقية مع السلك الفاصل من أخطر المناطق في قطاع غزة، في ظل انتشار آليات الاحتلال الإسرائيلي على طول الشريط الفاصل لمنع أي توغل أو اقتراب من الغزيين. كما لا تخلو أجواؤها من طائرات الاستطلاع. وفي الوقت نفسه، تتطلب هذه المهنة معدات صيد متينة وصبراً وجرأة، يقول سمير أنور (27 عاماً). قرّر الأخير العمل في مهنة صيد العصافير التي كان يمارسها كهواية بعدما خسر عمله سائق سيارة أجرة (كان يعمل لحساب صاحب عربة). اعتاد تربية أنواع نادرة من العصافير والطيور على سطح منزله، وقرر منذ ثلاثة أشهر تحويل هوايته إلى مهنة. أحياناً، يتوجه إلى شاطئ بحر النصيرات، أو إلى شرق حدود مخيم البريج وسط القطاع. يقول لـ "العربي الجديد": "يُقبل كثيرون على مهنة الصيد في ظل ارتفاع نسبة البطالة. قضيت شهرين أبحث عن عمل من دون نتيجة. تمنيت أن أكون عامل نظافة، إذ إن مهنة الصيد تحتاج إلى صبر ومصيدة قوية لا تؤذي الطير، عدا عن إخفاء آثار الأدوات لأن الطير يشعر بالخطر مثلنا".
يضيف: "الجنود الإسرائيليون يعرفون أننا نصطاد ونختار المناطق الحدودية لأن الطيور النادرة تقصد المساحات المفتوحة مثل الحدود بحثاً عن ديدان أو حشرات تأكلها. وفي بعض الأحيان، يطلقون الرصاص في الهواء حتى نعود إلى منازلنا".
ويلفت إلى أن من أهم أنواع الطيور التي يصطادها، هي طائر الحسّون الملون ويباع بنحو 60 دولاراً، ويشعر من يصطاده بسعادة كبيرة بسبب سعره المرتفع. أما الأنواع الأخرى مثل الخضير والدرة والقنبرة والبسبس وحمام الفر وحمام القلاب والحمام الإنكليزي وطائر النعار، فيتراوح سعر الطير الواحد منها ما بين 10 إلى 30 دولارا. وفي أحيان كثيرة، يعود الصيادون إلى بيوتهم من دون أي طير.
من جهته، يشرح أحمد الشنار (30 عاماً) أن الصيادين يعتمدون بشكل أساسي على قطعتين من الشباك، و6 أوتاد مثبتة في الأرض و6 أخرى في الجهة المقابلة، وحبل ميزان أبيض اللون يتم ربطه بشكل متين على العصى المثبتة، لجذب انتباه الطيور إضافة إلى وضع ديدان صغيرة أو بعض أنواع الحشرات.
ويلاحظ النشار زيادة نسبة الإقبال على هذه المهنة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، خصوصاً من قبل شبان عاطلين من العمل وعلى معرفة بأنواع الطيور وكيفية بيعها. ويشير إلى أنّ دخول كثيرين هذا المجال لا يزعجه. ويقول لـ "العربي الجديد": "نصطاد الطيور المميزة. نبيع الأنواع البلدية منها بسعر قليل أي ما بين دولارين وخمسة دولارات. لكن من التحديات التي تواجهنا عدم القدرة على بيع ما نصطاده إلا يوم الجمعة في سوق اليرموك، أو نبيعها لبعض المحال التجارية المنتشرة في محافظات القطاع، أو من خلال نشر صورها في فيسبوك للمهتمين بعالم الطيور".