وسط الحديقة الرئيسة لبلدة كويسنجق التابعة لمحافظة أربيل يعرض الكاتب الشاب الكردي، زامدار أحمد، كتبه الخاصة للبيع بهدف جمع الأموال، ليتمكن من توفير مصاريف السفر إلى إحدى الدول الأجنبية والعيش فيها نهائياً.
وقال أحمد لـ"العربي الجديد" إنه لم يجد وسيلة غير "بيع أكثر شيء يحبه في هذه الدنيا"، مضيفا "أريد جمع المال لتوفير المصاريف اللازمة للهجرة إلى إحدى الدول الغربية للعيش هناك نهائيا، لذلك عرضت مكتبتي الشخصية للبيع لأتمكن من تحقيق هدفي".
ولفت إلى أن مكتبته تضم أكثر من ألف عنوان، فضلا عن خمسة كتب من تأليفه تتحدث عن التاريخ الكردي.
وأضاف أن "قراري بيع مكتبتي الشخصية كان صعباً جداً كونها أغلى ما أملكه في حياتي، وتكبدت عناء كبيراً في ادخار مصاريفي الشخصية وحرمان نفسي من كثير من الاحتياجات كي أتمكن من شراء هذه الكتب التي أجبرتني الظروف على بيعها".
وتابع "تخرجت من الجامعة قبل خمس سنوات، وكنت من ضمن العشرة الأوائل على صعيد الجامعة، ولم أحصل على فرصة للعمل حتى الآن، كما أن سوء الظروف الاقتصادية والأوضاع المعيشية الصعبة دفعني لاتخاذ قرار الهجرة".
وأعرب الكاتب الكردي عن أمله بأن تحقق هذه الخطوة حلمه للحصول على اللجوء في أحد البلدان الغربية وبدء حياة جديدة.
وتابع "أصعب شيء عندما يبخس أحدهم سعر أحد كتبي، وأنا على علم أن هذا الكتاب يعادل وزنه ذهباً بالمعلومات التي يحتويها، لكنني مضطر وأتمنى أن يأتي شخص مثقف يقدر قيمة الكتاب، ويشتري كل كتبي لأكون مرتاح البال أنها انتقلت إلى يدّ الشخص المناسب".
وتشير التقارير المحلية في إقليم كردستان العراق إلى أن هجرة المواطنين من إقليم كردستان إلى الخارج تشهد تصاعدا ملحوظا في الآونة الأخيرة. وبحسب التقارير ذاتها فإن المواطنين بدأوا ببيع ممتلكاتهم من أجل الانتقال إلى الدول الغربية.
واعتبر الباحث الاجتماعي، بيار بافي، أن "ظاهرة الهجرة من إقليم كردستان استنزاف كبير للطاقات البشرية الموجودة في الإقليم كون معظم المهاجرين لديهم إمكانات علمية واقتصادية"، موضحا أن "هجرة العقول أثرت بوضوح على القطاعات التربوية والجامعات والصحة في الإقليم، فضلا عن أن أغلبية المهاجرين من فئات الشباب الذين يشكلون طاقة بشرية كبيرة للمجتمع".
وأضاف بافي خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، "إن المشاكل السياسية الداخلية وغياب العدالة الاجتماعية وعدم الاطمئنان للمستقبل، والمشاكل الاقتصادية والبطالة من أسباب الهجرة"، مشيراً إلى أن السنوات المقبلة ستظهر الآثار السلبية للهجرة على الإقليم.
وأكد بافي أن الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي كفيل بوضع حد للهجرة من إقليم كردستان.
وبحسب مصادر اتحاد اللاجئين العراقيين هاجر أكثر من 240 ألف شخص من العراق وإقليم كردستان خلال الأعوام الثلاثة الماضية، ولقي أكثر من 300 عراقي مصرعهم قبل وصولهم إلى أوروبا ولا يزال 48 شخصاً آخرين في عداد المفقودين.