السؤال الذي يطرح نفسه في ختام هذه المروحة من المقاربات هو التالي: من المسؤول عن هدر هذه الثروة التي نملكها ولكننا نبددها بممارسات سلبية تنعكس على الأفراد والجماعات والمجتمعات وتقود إلى تشرذمها وانفجارها؟ صحيح أن بلادنا تمر بمرحلة فوضى كيانية، لكن الأصح أيضاً أننا في حاجة لتغيير قد يبدو شخصياً إلى حد ما، لكن مضاعفاته تتحول إلى تغيير نوعي في مجتمعاتنا التي لم يعد في إمكانها الاستمرار في صياغة حياتها اعتماداً على الوسائل القديمة والتقليدية والتي تترك الأوضاع على غاربها، بما فيه إدارة أوقات الفراغ لأجيال من شبابنا آن لها أن ترتاح من العبث بمصائرها بيديها وبأيدي سواها.
والحقيقة أنّ الإجابة على السؤال السابق لا يمكن أن تكون محصورة بشخص بعينه أو فرد أو مؤسسة، إذ هناك تداخل وتفاعل على مستويات عدة. ومن الطبيعي أن نبدأ من النواة الأساس أي الأسرة التي يتوجب عليها أن تعِّود أبناءها على إدارة أوقات فراغهم بما هو مجدٍ في بناء شخصياتهم في المستقبل.
والعشوائية في ممارسة الحياة الأسرية، ومن دون حد أدنى من التخطيط، هي السبيل الأسرع نحو ضياع هذه الثروة بما هي مراحل من أعمارنا. أيضاً، المدرسة بما هي الأسرة الأكبر، مسؤولة عن تعويد التلاميذ والتلميذات على التخطيط لحياتهم وتنظيم أوقات فراغهم. ويمكن لها حتى المراحل الجامعية إشغال هؤلاء الطلاب في أنشطة عبر شبكة من النوادي التي تتشكل منها الصفوف مثل نوادي البيئة والموسيقى، والبحث عبر تنظيم زيارات ميدانية، وكتابة تقارير، واقتراح حلول، وتنظيم تقديم مساعدات لأسر محتاجة وزيارات للأحياء والقرى المجاورة، ورصد المشكلات وتحديد دورهم كطلاب في مد يد المساعدة والعون.
اقــرأ أيضاً
مسؤولية المدرسة على اختلاف مراحلها، تتحدد في توفير الإمكانات المادية لإنشاء النوادي والمكتبات وتنظيم ندوات لتوعية الأسر في مجال إدارة الوقت. ساعات الفراغ يمكنها أن تنمي القدرات والمهارات الكامنة داخل الإنسان وتطوره ليصبح فرداً فعالاً في المجتمع، وتحرره من روتين الحياة اليومية. لهذا، فإنه يمكننا أن نعتبر وقت الفراغ حقاً إنسانياً للجميع، وهو بالتأكيد بمثابة ثروة ثمينة من ثروات تقدم الأمم والمجتمعات. أما الجامعات، فإن مهمتها أكبر وأوسع، إذ إنها من خلال الأقسام التي تتشكل منها الكليات والمعاهد تستطيع فتح الجامعة على المجتمع بدلاً من أن تظل أسيرة قاعات المحاضرات والأسوار.
المجتمع، سواء أكان مدينياً أو ريفياً، في حاجة ماسة إلى الجامعة كي يصبح على تماس مع الطروحات النظرية التي تتوالى. كما أن الطلاب والطالبات في حاجة قصوى وجوهرية للتعرف على المشاكل التي يعانيها الناس في بيئتهم، باعتبارهم أشخاصاً يعملون في الإنتاج ويتعاطون العمل في قطاعاتهم. أما الدولة في العاصمة والمحافظات والبلديات وعبر مؤسساتها وأجهزتها، فهي المسؤولة عن توفير الإمكانيات وتهيئة المناخات المناسبة للأفراد والمجموعات، وحثهم على استغلال وقت فراغهم. بذلك، تخفف بل وتمنع الانحرافات وتفتح الآفاق لبناء مواطن منتج يلعب دوره في تقدم وتطور مجتمعه بدلاً من الوقوف على الناصية يراقب ما يجري كمشاهد عاجز عن التأثير في صخب الحياة واندفاعاتها.
(باحث وأكاديمي)
والحقيقة أنّ الإجابة على السؤال السابق لا يمكن أن تكون محصورة بشخص بعينه أو فرد أو مؤسسة، إذ هناك تداخل وتفاعل على مستويات عدة. ومن الطبيعي أن نبدأ من النواة الأساس أي الأسرة التي يتوجب عليها أن تعِّود أبناءها على إدارة أوقات فراغهم بما هو مجدٍ في بناء شخصياتهم في المستقبل.
والعشوائية في ممارسة الحياة الأسرية، ومن دون حد أدنى من التخطيط، هي السبيل الأسرع نحو ضياع هذه الثروة بما هي مراحل من أعمارنا. أيضاً، المدرسة بما هي الأسرة الأكبر، مسؤولة عن تعويد التلاميذ والتلميذات على التخطيط لحياتهم وتنظيم أوقات فراغهم. ويمكن لها حتى المراحل الجامعية إشغال هؤلاء الطلاب في أنشطة عبر شبكة من النوادي التي تتشكل منها الصفوف مثل نوادي البيئة والموسيقى، والبحث عبر تنظيم زيارات ميدانية، وكتابة تقارير، واقتراح حلول، وتنظيم تقديم مساعدات لأسر محتاجة وزيارات للأحياء والقرى المجاورة، ورصد المشكلات وتحديد دورهم كطلاب في مد يد المساعدة والعون.
مسؤولية المدرسة على اختلاف مراحلها، تتحدد في توفير الإمكانات المادية لإنشاء النوادي والمكتبات وتنظيم ندوات لتوعية الأسر في مجال إدارة الوقت. ساعات الفراغ يمكنها أن تنمي القدرات والمهارات الكامنة داخل الإنسان وتطوره ليصبح فرداً فعالاً في المجتمع، وتحرره من روتين الحياة اليومية. لهذا، فإنه يمكننا أن نعتبر وقت الفراغ حقاً إنسانياً للجميع، وهو بالتأكيد بمثابة ثروة ثمينة من ثروات تقدم الأمم والمجتمعات. أما الجامعات، فإن مهمتها أكبر وأوسع، إذ إنها من خلال الأقسام التي تتشكل منها الكليات والمعاهد تستطيع فتح الجامعة على المجتمع بدلاً من أن تظل أسيرة قاعات المحاضرات والأسوار.
المجتمع، سواء أكان مدينياً أو ريفياً، في حاجة ماسة إلى الجامعة كي يصبح على تماس مع الطروحات النظرية التي تتوالى. كما أن الطلاب والطالبات في حاجة قصوى وجوهرية للتعرف على المشاكل التي يعانيها الناس في بيئتهم، باعتبارهم أشخاصاً يعملون في الإنتاج ويتعاطون العمل في قطاعاتهم. أما الدولة في العاصمة والمحافظات والبلديات وعبر مؤسساتها وأجهزتها، فهي المسؤولة عن توفير الإمكانيات وتهيئة المناخات المناسبة للأفراد والمجموعات، وحثهم على استغلال وقت فراغهم. بذلك، تخفف بل وتمنع الانحرافات وتفتح الآفاق لبناء مواطن منتج يلعب دوره في تقدم وتطور مجتمعه بدلاً من الوقوف على الناصية يراقب ما يجري كمشاهد عاجز عن التأثير في صخب الحياة واندفاعاتها.
(باحث وأكاديمي)