جرت العادة أن نحتفل بإنجازات النساء في يوم المرأة العالمي. قد لا تكون هناك إنجازات بمعنى الكلمة للنساء في لبنان في السنة الماضية، لكنها بالتأكيد تطورات إيجابية وواعدة يجدر التذكير بها والوقوف عندها. لعلّ أواخر العام 2016 وأوائل هذا العام قد جلبت لنا أحداثاً إيجابية أكثر من أي فترة أخرى في الأعوام القليلة الماضية.
من أبرز هذه التطورات ما قامت به لجنة الإدارة والعدل في إعادة النظر ببعض المواد في قانون العقوبات، لا سيما المادة 522 التي تسقط الجرم عن المغتصب إذا تزوج من الضحية. منذ عدة أشهر ولجنة الإدارة والعدل تنظر بتعديل القوانين من المادة 503 حتى المادة 522، وتم بالفعل إدخال تعديلات من قبل لجنة الإدارة والعدل على قانون العقوبات والتوصية بإلغاء المادة 522. وفي السياق القانوني والقضائي، حكم القضاء (أخيراً) بالعدل في ما خص جرائم قتل النساء. نال المجرمون عقابهم. سُجن قاتل نسرين روحانا 25 عاماً، وقاتل رقية منذر 22 عاماً ولم يخرجا بكفالة كما هو حال زوج منال عاصي (الذي خرج بكفالة مالية). أما في قضايا الأحوال الشخصية، ففُتح النقاش في موضوع الحضانة على الملأ من أوسع أبوابه، عبر قضية فاطمة حمزة التي نالت تحت عين الإعلام والرأي العام حقها بحضانة طفلها.
أما سياسياً، فثمة العديد من التطورات، التي يجدر التوقف عندها. وزارة الدولة لشؤون المرأة ستطلق مشروع قانون حماية النساء من التحرش الجنسي. الوزارة بحد ذاتها كانت مؤشراً نحو تغيير إيجابي في الخريطة السياسية في لبنان، ولو أن تعيين رجل كوزير كان قد طرح أسئلة حول مدى جدية السلطة السياسية في هذا الأمر. وفي الوقت نفسه تقريباً، قام العديد من الأحزاب بترشيح وانتخاب نساء في مواقع صنع القرار، ولم تقصر مشاركتهن كما في السابق على الأدوار اللوجستية أو في الفئات الدنيا.
قد يجدر بنا أيضاً التوقف عند محطة الانتخابات البلدية التي عكست مشاركة النساء في الحياة السياسية وإن كانت النتائج مخيبة بعض الشيء. ارتفع عدد النساء ترشيحاً وعملاً في خضم الانتخابات البلدية، لا سيما في نموذج "بيروت مدينتي" التي برزت كخيار مدني بديل للعمل السياسي. ترشيح النساء وسواء بالمناصفة في الترشّح أو الدفع بوضع الكوتا النسائية على جدول أعمال المرشحين السياسيين، كانا من ضمن النقاش الإعلامي والرأي العام السائد في تلك الفترة.
عديدة هي النوافذ أو ربما الطاقات التي بات يمكن العمل من خلالها لإحداث تغيير فعال وحقيقي في أوضاع النساء في لبنان. قد تكون هذه التطورات فردية أو غير موضوعة في سياق مستدام، لكن هل من الممكن أن تكون مؤشرات هذه النوافذ هي بوادر لتغيير اجتماعي وسياسي ما في الأشهر أو السنوات القليلة المقبلة؟