تحوّلت ساحات معروفة في عدد من المدن المغربية من فضاءات كانت مخصصة عند تصميمها في البداية للتنزه والترفيه، إلى أماكن تحتضن مئات الاحتجاجات كل سنة في البلاد، منها ساحات ارتبط اسمها بأحداث محددة، من قبيل ساحة البرلمان في الرباط، وساحة "ماريشال" بالدار البيضاء، وساحة التحرر في الحسيمة، وحتى ساحة جامع الفنا الشهيرة في مراكش.
واحتضنت هذه الساحات وغيرها في مختلف مدن المغرب، أكثر من 16 ألف مظاهرة احتجاجية، خلال عامي 2014 و2015، بمعدل 31 مظاهرة ووقفة احتجاجية في اليوم الواحد، وهو ما أعطى زخماً احتجاجياً وحقوقياً هائلاً لمثل هذه الساحات التي تحولت من فضاءات للنزهة إلى فضاءات لصخب الاحتجاج.
وإذا كانت بعض الساحات الشهيرة قد تحولت من مساحات مخصصة للنزهة والاستراحة في كبريات مدن المملكة، وصارت معروفة بأعداد المحتجين وصياح المتظاهرين أكثر من ساحات تستقطب المارة والسياح، فإن ساحة معروفة وسط الدار البيضاء كانت تضم أمواج المحتجين سوف تتحول إلى نقيض ذلك، باستغلالها من طرف السلطات المحلية في متنزه خاص بالرياضات الشبابية.
ولا يمكن لأي زائر لمدينة الرباط إلا أن يلحظ أفواج المحتجين الذين يجدون في ساحة "باليما"، المقابلة لمقر البرلمان المغربي، ملاذا لهم يؤويهم للتعبير عن مطالبهم السياسية والاجتماعية، وهي الساحة التي احتضنت أشهر المظاهرات الاحتجاجية في تاريخ المدينة خلال السنوات الأخيرة.
ومن أشهر المظاهرات التي عرفتها الساحة المقابلة للبرلمان، تلك التي حدثت في إحدى ليالي رمضان من سنة 2013، عندما خرج عشرات المحتجين غضباً على قرار العفو الملكي على مواطن إسباني اغتصب عدداً من الأطفال، وهو ما دفع الديوان الملكي إلى الاعتذار والتراجع عن العفو.
هذه الساحة الشهيرة التي خصصت في الأصل لتكون متنزهاً لسكان العاصمة، باعتبار قلة الأماكن المخصصة للتنزه في هذه المدينة الإسمنتية بامتياز، تشهد أيضاً معارك متواصلة بين المحتجين وأفراد الأمن، وكثيرا ما عرفت تعنيف المتظاهرين، وتنديد المنظمات الحقوقية.
وفي الدار البيضاء توجد ساحة "ماريشال"، التي تحول اسمها عام 2012 إلى ساحة الأمم المتحدة، وصارت أكثر جمالية ورونقا، لكن المحتجين يجدون فيها مأوى لهم يناسب تطلعاتهم ومطالبهم الاجتماعية، فكانت الفضاء الذي احتضن مئات المحتجين من حركة 20 فبراير التي طالبت بمحاربة الفساد والاستبداد بالبلاد.
وأطلقت لجنة التنسيق لعائلات المختطفين مجهولي المصير، وضحايا الاختفاء القسري بالمغرب داخل المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، على ساحة "الأمم المتحدة" اسم "ساحة الحقيقة"، على خلفية تنظيم العديد من الوقفات منذ بداية يوليو/تموز الماضي، بهدف معرفة حقيقة المختطفين السياسيين، وعدم الإفلات من العقاب".
أما ساحة السراغنة في الدار البيضاء التي شهدت بدورها العديد من الاحتجاجات التي اتسم بعضها بالعنف بين المتظاهرين ورجال الأمن، واختارها الأساتذة المتدربون منصة مكانية لإيصال مطالبهم بالتوظيف المباشر، فقد ارتأت السلطات إعادة تهيئتها، وبناء مركز أمني بالقرب منها، لمواجهة أي انفلات أمني.
وتحولت ساحة جامع الفنا، المعروفة في مدينة مراكش جنوب المملكة خلال الأسابيع الأخيرة، من مكان مخصص للفرجة الشعبية بمختلف أصنافها، ولارتياد السياح من مختلف بقاع العالم، إلى فضاء يأوي إليه عشرات الكوادر التربوية الذين اتخذوا فيه معتصماً طالبوا من خلاله الحكومة بالتوظيف المباشر.
وفي مدينة طنجة، تظهر ساحة "بني مكادة" كأحد أشهر ساحات الاحتجاج التي يؤم إليها المتظاهرون والمطالبون بحقوقهم الاجتماعية، أما في مدينة الحسيمة فقد اشتهرت ساحة التحرير مرتين، الأولى أيام احتجاجات حركة 20 فبراير، والثانية عند مقتل بائع السمك محسن فكري، وعرفت وقفات احتجاجية حاشدة تطالب بمحاسبة المتورطين في مقتل هذا الشاب.