لا معنى اجتماعياً في كثير من الدول الغربية لكلمة العنوسة. هي مشكلة لا ترتبط عضوياً بمجتمعات العلاقات المفتوحة منذ عقود عديدة. الزواج والعنوسة يقتربان أكثر من مجتمعاتنا العربية والمجتمعات القريبة منا جغرافياً وثقافياً.
لكنّ القضية لا تتعلق فقط بالزواج أو العنوسة، كثنائية يحدد طرفاها بعض الوظائف الاجتماعية للفرد، فيشعر بثقل العادات والتقاليد التي تحثه على الزواج، فإن لم يتمكن من ذلك لامتناع ذاتي -غير معترف به غالباً خصوصاً في حالة الإناث- أو لظروف عاطفية أو سلوكية أو مالية، خسر مع تقدمه في العمر الحظوة التي تمنحها تلك العادات والتقاليد للمتزوج. فالأخير ينال احتراماً أكبر في عائلته، وغالباً ما تُطلَب مشورته في أمور عديدة، ويُلحظ أكثر في الدعوات إلى الأفراح، كما يدعى أكثر إلى الاجتماعات العائلية والمحلية المختلفة.
لكنّ تلك التقاليد نفسها لا تعطي كثيراً من الحرية للعريس في اختيار عروسه، وللعروس خصوصاً في اختيار عريسها. فمهما حسب الواحد منهما أنّه يملك الحرية كاملة، خصوصاً إذا ما كان في مجتمع مديني، وكان مستقلاً مالياً عن عائلته الصغيرة والممتدة، فإنّ ذلك في كثير من الأحيان خادع، إذ يظهر تأثير العائلة في مستويات مختلفة تبدأ من تدبير العروس/ العريس من داخلها بالذات، أو على الأقل من بيئة متوافقة مع العائلة، وتمتد إلى أبسط الأمور المرتبطة بالأكل والشرب ومدارس الأولاد ونشاطاتهم وأساليب الترفيه المتنوعة، حتى ينتبه المتزوج فجأة أنّه محاصر في سكنه ورحلاته وعاداته بالعائلة، بل يمتد الأمر إلى آرائه السياسية ومواقفه المختلفة التي لا بدّ من أن تتلاءم مع الخط السائد فيها.
اقــرأ أيضاً
هناك مكان دائماً للمتمرد على هذه التقاليد، لكنّه ببساطة خارج العائلة نبذاً يصل إلى حدّ السخرية والشماتة والاحتقار أحياناً خصوصاً إذا ما فشل زواجه الذي كان بعيداً عن العائلة، فيفضل هو نفسه الابتعاد أكثر. والأمثال الشعبية، من عدة دول عربية، تمدّ الشامتين بصورة واضحة عن مغبّة الاختيار الخارجي. منها ما هو ترغيبي: "بنت العمّ شيّالة الهمّ"، و"فديت بنت عمي اللي دمها من دمّي"، ومنها تحذيري: "اللي بياخد من غير ملّته بيوقع بعلّته"، و"ما في شي بيجي من الغرب بسرّ القلب"، ومنها ما يعلن التفوق على كلّ غريب مقابل القريب: "زوانة بلدنا ولا القمح الصليبي".
لكن، مهما كثر التحذير والنبذ، وعمّت الشماتة، يبقى الاختراق قائماً، بل لعلّ ابن أو بنت الشامت نفسهما يخترقان الجدران التي يحاصرهما بها. ولعلّه اختراق يساهم أكثر في الاتجاه نحو الإنسانية دون غيرها من العصبيات، ضاقت أم اتسعت.
لكنّ القضية لا تتعلق فقط بالزواج أو العنوسة، كثنائية يحدد طرفاها بعض الوظائف الاجتماعية للفرد، فيشعر بثقل العادات والتقاليد التي تحثه على الزواج، فإن لم يتمكن من ذلك لامتناع ذاتي -غير معترف به غالباً خصوصاً في حالة الإناث- أو لظروف عاطفية أو سلوكية أو مالية، خسر مع تقدمه في العمر الحظوة التي تمنحها تلك العادات والتقاليد للمتزوج. فالأخير ينال احتراماً أكبر في عائلته، وغالباً ما تُطلَب مشورته في أمور عديدة، ويُلحظ أكثر في الدعوات إلى الأفراح، كما يدعى أكثر إلى الاجتماعات العائلية والمحلية المختلفة.
لكنّ تلك التقاليد نفسها لا تعطي كثيراً من الحرية للعريس في اختيار عروسه، وللعروس خصوصاً في اختيار عريسها. فمهما حسب الواحد منهما أنّه يملك الحرية كاملة، خصوصاً إذا ما كان في مجتمع مديني، وكان مستقلاً مالياً عن عائلته الصغيرة والممتدة، فإنّ ذلك في كثير من الأحيان خادع، إذ يظهر تأثير العائلة في مستويات مختلفة تبدأ من تدبير العروس/ العريس من داخلها بالذات، أو على الأقل من بيئة متوافقة مع العائلة، وتمتد إلى أبسط الأمور المرتبطة بالأكل والشرب ومدارس الأولاد ونشاطاتهم وأساليب الترفيه المتنوعة، حتى ينتبه المتزوج فجأة أنّه محاصر في سكنه ورحلاته وعاداته بالعائلة، بل يمتد الأمر إلى آرائه السياسية ومواقفه المختلفة التي لا بدّ من أن تتلاءم مع الخط السائد فيها.
هناك مكان دائماً للمتمرد على هذه التقاليد، لكنّه ببساطة خارج العائلة نبذاً يصل إلى حدّ السخرية والشماتة والاحتقار أحياناً خصوصاً إذا ما فشل زواجه الذي كان بعيداً عن العائلة، فيفضل هو نفسه الابتعاد أكثر. والأمثال الشعبية، من عدة دول عربية، تمدّ الشامتين بصورة واضحة عن مغبّة الاختيار الخارجي. منها ما هو ترغيبي: "بنت العمّ شيّالة الهمّ"، و"فديت بنت عمي اللي دمها من دمّي"، ومنها تحذيري: "اللي بياخد من غير ملّته بيوقع بعلّته"، و"ما في شي بيجي من الغرب بسرّ القلب"، ومنها ما يعلن التفوق على كلّ غريب مقابل القريب: "زوانة بلدنا ولا القمح الصليبي".
لكن، مهما كثر التحذير والنبذ، وعمّت الشماتة، يبقى الاختراق قائماً، بل لعلّ ابن أو بنت الشامت نفسهما يخترقان الجدران التي يحاصرهما بها. ولعلّه اختراق يساهم أكثر في الاتجاه نحو الإنسانية دون غيرها من العصبيات، ضاقت أم اتسعت.