يصادف اليوم الدولي للتطوع، اليوم الوطني للتبرع بالدم في المغرب، الذي يحل في الخامس من ديسمبر/كانون الأول، ويقبل عدد من المتطوعين على التبرع بـ"إكسير الحياة"، من أجل إنقاذ حيوات من يحتاجون هذه المادة الحيوية، بسبب مرض أو حادثة سير، فيكون التطوع بمنح الدم إحدى سمات العمل التطوعي في المملكة.
ورغم المخزون الكافي الذي يسجله مخزون الدم في عدد من مراكز الصحة، وفق ما يفيد به المركز الوطني للتحاقن بالدم بالمغرب، فإن هناك متطوعين لا يتوقفون من التبرع بالدم سواء في هذا اليوم أو في غيره، معتبرين أنه عمل تطوعي خيري هدفه منح الحياة لأشخاص في حالة خطر.
ويعدّ كريم الملحفي، في نهاية عقده الرابع، أحد أكبر المتطوعين للتبرع بالدم، ويقول لـ "العربي الجديد"، إنه يقوم بعمله التطوعي بالذهاب إلى مراكز متخصصة للتبرع بالدم وهو يدرك جيدا أنه بهذه الخطوة يسهم في إنقاذ شخص يوجد بين الحياة والموت.
ويتابع أنه يعتبر التبرع بالدم سلوكا تطوعيا تلقائيا، ولا ينتظر حملات التوعية حتى يقوم بذلك، بل يتبرع بدمه كلما سنحت له الفرصة بذلك، مضيفا أنّ "مشهد وفاة أحد أقاربه بسبب عدم العثور على كيس دم في اللحظة المناسبة جعله يتخذ القرار بأن ينذر حياته للتطوع بدمه من أجل آخرين".
إيمان حادوش، أحد أبرز النشطاء في مجال التوعية بداء التوحد، نذرت وقتها للترافع من أجل كسب رهان التغلب على هذا الاضطراب السلوكي المكلف ماديا ونفسيا، وتقول لـ "العربي الجديد"، إن العمل التطوعي إجمالا هو بالنسبة لها شكل من أشكال رد الجميل والاعتراف للمجتمع بفضله على كل ما حققته في حياتها.
وتضيف حادوش: "كل إنسان منا مر بظروف كان فيها بحاجة ليد المساعدة، حتى لو كانت كلمة طيبة أو تشجيعا، ولولا دعم ومساندة العديد من الأشخاص الذين مروا بحياتي لما وصلت إلى ما أنا عليه اليوم، فأقل واجب أن أمد بدوري يد المساعدة إلى من يحتاجها"، مضيفة أنها أم لطفلين ما يجعلها ترفض أن يتعرض أي طفل للإقصاء أو الظلم الاجتماعي".
وتمنح حادوش قسطا وافرا من وقتها للعمل التطوعي، وتقول في هذا الصدد إن "الحياة معادلة متكافئة ومتوازنة بين البحث عن النجاح وتحقيق الذات والأسرة والهوايات، لكن الأساس فيها هو تغذية الروح والنفس، والعمل التطوعي هو غذاء للروح، يملؤها بالقيم الجميلة التي نفتقدها في باقي ميادين الحياة، لأنه مبني على المحبة اللامشروطة والمجانية، بدون انتظار مكافأة أو شكر".
وبخصوص تقييمها للعمل التطوعي بالمغرب، أفادت مسؤولة التواصل والترافع للتنسيقية الوطنية لسفراء التوحد، بأنه رغم بعض الخروقات المقصودة أحيانا، وربما الجهل في أحيان أخرى، بأخلاقيات العمل التطوعي وكيفية تسيير وتنظيم الحملات والأنشطة، إلا أن العمل التطوعي في المملكة يبقى مشرفا، ويظل جزءا من ثقافة المغاربة".
ومن أهم مكتسبات العمل التطوعي، تضيف حادوش، الانخراط المتزايد للشباب في الحملات التطوعية، ودعمهم المستمر للأنشطة، فضلا عن كون كل الجامعات والمعاهد الكبرى تحتضن أكثر من نادٍ وجمعية، ينخرط فيها الشباب بكل تفان، ولا يتوانون عن مساعدة باقي المتطوعين كلما دعت الضرورة.
وأما ما ينقص العمل التطوعي في المغرب، فتوضح حادوش بأنه يتمثل في التكوين الخاص بالعمل التطوعي، للتعرف على طرق تسيير وتنظيم الحملات، وآليات التمويل والدعم، وتقنيات التواصل، وأدوات الترافع والتحسيس، وخصوصا كل القوانين المؤطرة للعمل التطوعي، وللعلاقة بين المتطوع والسلطات الجهوية والحكومات المحلية."